بعد 6 أيام من الحجز تحت النظر، عُرف أخيرا مصير الإعلامي والناشط السياسي الجزائري عبد الوكيل بلام الذي تقرر إيداعه الحبس المؤقت على ذمة التحقيق بتهم ثقيلة منها الإرهاب. في غضون ذلك، التمست النيابة السجن لمسؤول حزب سياسي زوجته بتهم عديدة بينها الإساءة لرئيس الجمهورية الذي طالب بتعويض رمزي بصفته طرفا مدنيا في القضية.
سقط قرار إيداع عبد الوكيل بلام الحبس المؤقت مساء الأحد 5 كانون الثاني/يناير، بأمر من قاضي التحقيق لمحكمة الشراقة بالجزائر العاصمة. وأعلن المحامي عبد الغني بادي عن خبر الإيداع على صفحته على فيسبوك، بعد تقديم الإعلامي أمام النيابة، حيث كان قد اعتقل يوم 29 كانون الأول/ديسمبر الماضي.
وأمام الأبعاد التي أخذتها القضية، سرعان ما أصدرت نيابة محكمة الشراقة بيانا كشفت فيه عن ملابسات القضية. وذكر المصدر أنه بناءً على معلومات وردت إلى المصلحة الإقليمية للتحقيق القضائي التابعة للمديرية العامة للأمن الداخلي، تم الكشف عن قيام شخص بنشر أخبار كاذبة ومغرضة عبر حسابه الخاص على منصة فيسبوك، وهي “أخبار تهدف إلى إثارة الفتنة بين الجمهور”، حسب النيابة.
وبعد إخطارها بالوقائع، قالت النيابة إنها “أصدرت تعليماتها بفتح تحقيق ابتدائي في القضية”. وأسفرت نتائج التحقيق، وفق البيان، عن توقيف المدعو (ب. ع. و). كما بيّنت التحريات، بعد استغلال هاتف المتهم، “قيامه بعدة اتصالات ومراسلات مع إرهابيين متواجدين خارج التراب الوطني”.
وبموجب ذلك، أشارت النيابة إلى أنه بتاريخ 5 كانون الثاني/جانفي 2025، تم تقديم المتهم أمام نيابة الجمهورية بمحكمة الشراقة، حيث تمت متابعته بموجب طلب افتتاحي لإجراء تحقيق في “جناية المشاركة في تنظيم إرهابي مع معرفة غرضه ونشاطه”، و”جنحة نشر أخبار كاذبة من شأنها المساس بالأمن العمومي والنظام العام” و”جنحة المساس بسلامة الوحدة الوطنية”. وانتهت النيابة إلى أنه، وبعد سماع المتهم من قبل قاضي التحقيق، أصدر هذا الأخير أمرًا بإيداعه الحبس المؤقت في انتظار استكمال إجراءات التحقيق.
وفي الأيام الأخيرة، أثارت قضية عبد الوكيل بلام انشغال الأوساط الحقوقية في الجزائر. فالرجل بعد اعتقاله يوم الأحد الماضي، لم تظهر أي تطورات حول قضيته، وهو ما اعتبره البعض خرقا قانونيا. ودفع هذا الوضع بفريق دفاعه للإبلاغ بحالة اختفاء قسري أمام النائب العام لمجلس قضاء الجزائر، يوم أمس. وقبل ذلك، كانت زوجة عبد الوكيل بلام قد توجهت إلى مقر الدرك الوطني بالشراقة (الضاحية الغربية للعاصمة) لإيداع شكوى تتعلق باختفاء قسري، مطالبة بمعرفة مكان تواجد زوجها.
وكانت هذه القضية محل تساؤلات، حيث طرح المحامي والناشط في الدفاع عن معتقلي الرأي، سعيد زاهي، إشكالية وجود خرق لمضمون المادة 51 مكرر من قانون الإجراءات الجزائية التي تنص على أنه “يجب على ضابط الشرطة القضائية أن يضع تحت تصرف الشخص الموقوف للنظر كل وسيلة تمكنه من الاتصال فورا بأحد أصوله، أو فروعه، أو إخوته، أو زوجه حسب اختياره ومن تلقي زيارته أو الاتصال بمحاميه، وذلك مع مراعاة سرية التحريات وحسن سيرها”.
وهذه المرة الثانية التي يعتقل فيها عبد الوكيل بلام، في ظرف أسبوع. وكانت المرة الأولى في سياق حملة طالت عدداً من النشطاء السياسيين الذين يعبّرون عن نظرة نقدية للأوضاع، بينهم من تبنّى وسم “مانيش راضي” على مواقع التواصل الاجتماعي، والذي يشير إلى عدم الرضا عن الوضع العام في البلاد. وتعرض بلام للتحقيق عدة ساعات، حيث يُعتقد أن الأسئلة ركزت على منشوراته عبر فيسبوك، ثم سرعان ما أفرج عنه في اليوم نفسه.
وبرز عبد الوكيل بلام بحضوره اللافت في المشهد الجزائري منذ 2014، عندما كان أبرز وجوه حركة “بركات” ضد الولاية الرابعة لبوتفليقة، ثم كان أيضا من أبرز وجوه الحراك الشعبي منذ اندلاعه في 22 فبراير 2019، وتعرض للاعتقال، عدة مرات، أثناء خروجه في مسيراته. كما عرف بتدويناته على حسابه في فيسبوك وقيامه ببث تحليلي أسبوعي مباشر على صفحته.
قضية فتحي غراس ومسعودة شبالة: تبون طرف مدني ويطالب بدينار رمزي كتعويض
وفي قضية أخرى، التمست نيابة محكمة باب الوادي بالعاصمة، عقوبة السجن النافذ لمدة ثلاث سنوات، مع غرامة مالية قدرها 100 ألف دينار جزائري، ضد المعارض السياسي والمنسق الوطني لحزب الحركة الديمقراطية الاجتماعية، فتحي غراس وزوجته مسعودة شبالة، القيادية في الحزب.
وخلال المحاكمة، قدمت الخزينة العمومية طلبًا بتعويض قدره مليوني دينار عن الأضرار، ليصل إجمالي التعويضات المطالبة إلى أربعة ملايين دينار مع مطالبة الرئيس عبد المجيد تبون بدينار رمزي كتعويض عن “الضرر الذي لحق به” كطرف مدني في القضية، وهو ما وصفته مسعودة شبالة بالمفاجأة التي لم تكن تنتظرها في المحاكمة..
وتوبع فتحي غراس وزوجته اللذان كانا تحت الرقابة القضائية بتهم “الإساءة إلى رئيس الجمهورية”، “ترويج أخبار كاذبة”، و”نشر خطاب الكراهية” من خلال منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي. وتزامنت متابعتهما مع الحملة الانتخابية للرئاسيات في آب/أغسطس الماضي، والتي شهدت عددا من التوقيفات والاعتقالات لناشطين سياسيين يتبنون توجها مقاطعا للانتخابات. وكان غراس في تلك الفترة قد تعرض للاعتقال في بيته العائلي قبل أن يتم إطلاق سراحه مع تقييده بالرقابة القضائية. وسبق لهذا السياسي أن أمضى نحو 9 أشهر في الحبس، قبل أن يفرج عنه في آذار/مارس 2022، بتهم تتعلق بنشاطه السياسي.
ويعرف غراس بخطابه المعارض ضد السلطة الحالية، وهو ينشط أساسا على مواقع التواصل أو من خلال مداخلات مع بعض القنوات، حيث أن حزبه تعرض نشاطه للتجميد قبل نحو سنتين، إثر دعوى قضائية رفعتها وزارة الداخلية أمام القضاء الإداري تتهمه فيها بتنظيم نشاطات غير مرخصة داخل مقر الحزب. وتمثل الحركة الديمقراطية الاجتماعية، إرث الحركة الشيوعية في الجزائر، وهي من الأحزاب التي رفضت الانخراط في المسار الانتخابي بعد الحراك الشعبي.
من جهة أخرى حكمت محكمة الجنح القطب الجزائي المتخصص بمجلس قضاء ورقلة (جنوب الجزائر) حكما بالسجن النافذ لمدة ثلاث سنوات للناشطة درامة عبلة قماري.
تعليقات الزوار
لا تعليقات