في الوقت الذي سارعت فيه مجموعة من الدول العربية والأجنبية إلى إبداء موقفها من إعلان المعارضة السورية دخول العاصمة دمشق وسقوط نظام بشار الأسد، لازال صمت رهيب يخيم على قصر المرادية.
ووجد النظام العسكري الجزائري نفسه في موقف لا يحسد عليه بسقوط حليفه الشرير بشار الأسد، في مقابل انتصار الثورة السورية التي وصفها الكابرانات بالإرهابية، في موقف يكشف حماقة دبلوماسية دولة العسكر.
وبخلاف كثير من الدول العربية، ظل النظام الجزائري منحازا لنظام بشار الأسد على حساب فصائل المعارضة السورية، معلنا تضامنه معه دونما اعتبار للآلاف المؤلفة التي قتلها وتلك التي شردها نظام السفاح.
وعمل النظام الجزائري الذي ضرب بمبدأ الوقوف مع الشعوب لتقرير مصيرها ونصرة الثوار، الذي يزعم زورا تبنيه، على تقوية علاقاته بنظام الأسد والدفاع عنه باستماتة، في نفاق لا يجيده إلى كابرانات الجزائر.
وفي هذا السياق، عمل النظام الجزائري بكل السبل، من أجل استعادة النظام السوري لمقعد في الجامعة العربية، بعدما سبق وتحفظ على قرار تجميد عضوية النظام السوري في الجامعة العربية عام 2011، على خلفية استخدام العنف ضد المتظاهرين السوريين.
ومنذ مطلع 2020، والجزائر تحاول تعويم النظام السوري وإعادة مقعده في جامعة الدول العربية، بتنسيق كامل مع روسيا، وقادت جهوداً لدعوة رئيس النظام، بشار الأسد، إلى القمة التي عقدت في الجزائر في تشرين الثاني 2022، إلا أن جهودها واجهت رفضاً عربياً حينذاك.
والأكثر من ذلك، فالجزائر التي لم تقطع علاقاتها مع النظام السوري كما لم تغلق سفارتها أو تسحب سفيرها، زادت من توطيد علاقاتها مع نظام الأسد بأن سبق وعينت سفيرا مفوضا فوق العادة لدى الأخير، وفق ما أعلنت وزارة الخارجية الجزائرية في بيان لها، قالت فيه أنها اعتمدت السفير والوزير السابق، كمال بوشامة، سفيراً جديداً مفوضاً وفوق العادة في دمشق، خلفاً للسفير حسن تهامي الذي تم تعيينه نهاية العام 2019.
وتأكيدا على التقارب الذي يجمع بين نظامي البلدين، ومجازاة منه على تأييد الكابرانات لمذابحه في حق الشعب السوري، منح رئيس النظام السوري، بشار الأسد، السفير الجزائري في دمشق، حسن تهامي، “وسام الاستحقاق السوري من الدرجة الممتازة”.
ووفق بيان سبق ونشرته وزارة الخارجية والمغتربين، في حكومة النظام السوري على حسابها على الفيسبوك، فقد قلد وزير الخارجية، فيصل المقداد، السفير الجزائري وسام الاستحقاق السوري تقديرا لجهوده في تطوير العلاقات السورية الجزائرية.
وألقى المقداد كلمة في الحفل أكّد فيها “على عمق ومتانة العلاقات التاريخية بين البلدين والشعبين الشقيقين، ووقوفهما معا ضد الإرهاب”، مشيراً إلى أن “كلا البلدين قدم الشهداء دفاعاً عن استقلالهما وسيادتهما”، على حد زعمه.
وتعليقا على تقارب نظامي العسكر الجزائري وبشار الأسد، عزا الكاتب الصحفي السوري، غسان إبراهيم، المقيم في لندن، الأسباب لتشابههما في نفس الطبيعة ونفس الممارسات، معتبرا أن زيارات المسؤولين الجزائريين لسوريا كانت تأتي في شكل رد فعل “تخريبي”، نوضخا بالقول:”الجزائر ‘تشعر أن دول الخليج العربي تقف مع حق المغرب في الصحراء الغربية، كما أنها تقف مع المعارضة السورية”.
ويرى غسان أن الجزائر كانت تقيم علاقات مع نظام بشار الأسد من “باب التخريب على الدور العربي لتحرير سوريا من الاحتلال الإيراني واحتلال الأسد لسوريا”، معتبرا تبادل الزيارات الرسمية بين البلدين “ليس لها قيمة لهذه الدرجة”، فالجزائر، حسبه، “ليس بمقدورها إعطاء الشرعية لنظام الأسد ولا بشار يستطيع هو الآخر أن يعطي الشرعية للنظام الجزائري”.
تعليقات الزوار
لا تعليقات