كما توقع العديد من المراقبين والمحللين، وبعكس آراء من تفاءل بحركة الموفد الرئاسي الأمريكي آموس هوكشتاين الذي أشاع جواً أوحى بقرب الوصول إلى حل والتوصل لوقف النار، واصلت قوات الاحتلال الإسرائيلي تصعيدها العسكري وقصفها العنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت ومدينة صور والجنوب بشكل عام والبقاع في الشرق.
فقد غادر هوكشتاين تل ابيب إلى واشنطن ولم يعد إلى بيروت، في ظل توقعات بعدم الإعلان عن أي اتفاق لوقف إطلاق النار على الجبهة اللبنانية قبل الأسبوع المقبل كما أورد موقع «أكسيوس» فيما ذكرت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية «أن التسوية لن تكون غداً إنما خلال أسابيع».
ويتمحور الخلاف الأساسي حول عضوية فريق مراقبة تنفيذ القرار 1701 إذ رفضت إسرائيل الاقتراح اللبناني بضم فرنسا إلى جانب الولايات المتحدة وطلبت انضمام دولة أوروبية جادة بعدما وضع الجانب اللبناني فيتو على بريطانيا وألمانيا.
كما يتمحور الخلاف على «بند» حرية التحرك العسكري لإسرائيل في حال حدوث خروقات من قبل «حزب الله» إذ تطلب تل أبيب حسب هيئة البث الإسرائيلية «تثبيت حقها في الرد على أي خرق وتطلب رسالة تعهد جانبية من واشنطن بدعم من دول غربية».
ونقلت «رويترز» عن مسؤول لبناني «أن لبنان يسعى إلى ادخال تعديلات على الاقتراح الأمريكي من أجل ضمان انسحاب القوات الإسرائيلية بوتيرة أسرع من جنوب لبنان ومنح كلا الفريقين الحق في الدفاع عن النفس».
ويشدد الطرف اللبناني على ضرورة الانسحاب فور إعلان وقف النار لكي يتسنى للجيش اللبناني الانتشار في كل المناطق ولكي يسمح للنازحين بالعودة فوراً إلى ديارهم، علماً أن موقف إسرائيل هو الانسحاب في غضون 60 يوماً من إعلان الهدنة. كما أن المسودة تشير إلى الانسحاب من «حدود لبنانية» فيما يريد لبنان الإشارة إلى «الحدود اللبنانية» لضمان انسحاب القوات الإسرائيلية بالكامل وليس بصورة جزئية.
هجمات «حزب الله»
وأعلن «حزب الله» الجمعة، استهداف قاعدة عسكرية شرق مدينة حيفا بـ«صواريخ نوعية» و11 تجمعاً لجنود إسرائيليين جنوب لبنان وشمال إسرائيل.
واستهدف الحزب تجمعاً للجنود في تلة أرميس غرب بلدة شمع، وقصف بالصواريخ موقع الإنذار المبكر الإسرائيلي على قمة جبل الشيخ في الجولان السوري، وقاعدة حيفا التقنية التابعة لسلاح الجو الإسرائيلي شرق مدينة حيفا بالصواريخ النوعية. ثم أطلق عصراً هجوماً صاروخياً على حيفا ونهاريا والجليل الغربي ومستوطنة «راموت نفتالي» ومدينة صفد.
وفي سلسلة بيانات أوضح الحزب أن القاعدة التقنية العسكرية تبعد عن الحدود اللبنانية 35 كلم شرق مدينة حيفا، وتتبع لسلاح الجو الإسرائيلي، وتضم كلية تدريب لإعداد تقنيي سلاح الجو. ولليوم الثاني على التوالي يعلن الحزب استهداف قاعدة عسكرية بصواريخ نوعية، دون تحديد اسمها.
وأمس الخميس، استهدف للمرة الأولى قاعدة حتسور الجوية الواقعة شرقي مدينة أسدود جنوب إسرائيل «بصلية من الصواريخ النوعية» دون تحديدها. وفي بيان آخر، أعلن الحزب استهداف «دبابة ميركافا في محيط قلعة شمع، بصاروخ موجّه ما أدى إلى تدميرها، ووقوع طاقمها بين قتيل وجريح».
وقال إنه «شن هجوماً جوياً بسرب من المسيرات الانقضاضية على تجمع لقوات جيش العدو الإسرائيلي في بلدة يارين (داخل لبنان) وأصابت أهدافها بدقّة».
وأعلن الحزب «استهداف موقع حبوشيت (مقر سرية تابعة للواء حرمون 810) على قمة جبل الشيخ في الجولان السوري المُحتل، بصلية صاروخية». كما استهدف موقع الإنذار المبكر «يسرائيلي» (مركز جمع استخباري رئيسي يتبع لفرقة الجولان 210) على قمة جبل الشيخ في الجولان السوري المحتل، «بصلية صاروخيّة».
وفي شمال فلسطين المحتلة، أفاد «حزب الله» أنه استهدف تجمعاً لقوات الجيش الإسرائيلي في كل من مستوطنات المنارة، والمالكية، وسعسع، وفي ثكنة دوفيف بصلية صاروخية.
أما في الجنوب اللبناني، فاستهدف الحزب وفق بياناته، تجمعا لقوات الجيش الإسرائيلي عند الأطراف الشرقية لمدينة الخيام، 5 مرات، وذلك بصلية صاروخية.
كذلك «استهدف تجمعًا لقوات جيش العدو الإسرائيلي في تل نحاس عند أطراف بلدة كفركلا، مرتين، بصليةٍ صاروخية».
ويأتي تصاعد استهداف «حزب الله» لتجمعات الجنود الإسرائيليين لجنوب لبنان، بعد إعلان الجيش الإسرائيلي، في 12 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، بدء المرحلة الثانية من عملياته البرية التي تتضمن محاولة التوغل لبلدات أعمق في الجنوب اللبناني، بدلا من البلدات الحدودية التي كان يحاول التوغل فيها.
وردا على ذلك، توعد «حزب الله» في اليوم ذاته الجيش الإسرائيلي بـ«مزيد من الخسائر والإخفاقات» مشددا على أنه مستعد لـ«معركة طويلة».
إنذارات للضاحية
في المستجدات الميدانية، وجّه المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي أفيخاي أدرعي انذاراً عاجلاً إلى جميع السكان المتواجدين في منطقة الضاحية الجنوبية وتحديدًا في المباني المحددة في الخرائط المرفقة والمباني المجاورة لها في الحدث وحارة حريك وكلها أبنية مدنية وتجارية.
وتلا تهديد أدرعي إطلاق نار تحذيري في الضاحية والمناطق المحيطة. وبعد التهديد، شن الطيران الحربي الإسرائيلي 4 غارات على منطقتي الحدث ـ الكفاءات وحارة حريك. وسمعت اصوات الصواريخ حتى مسافات بعيدة، وشوهد الدخان يتصاعد بشكل كثيف من محيط الجامعة اللبنانية.
وفي بيانٍ ثانٍ، أنذر أدرعي السكان في منطقة الشياح على أطراف عين الرمانة حيث سجلت حركة نزوح تم بعدها استهداف مبنى من عدة طبقات يحتوي على شقق سكنية ومحال تجارية وعيادات طبية. بعدها، وجّه أدرعي انذاراً ثالثاً إلى أبنية في الحدث وحارة حريك والغبيري.
في الجنوب، شن الطيران الحربي الإسرائيلي سلسلة غارات على الناقورة ومحيط أرنون ومنطقة الحوش في محيط صور والمنطقة الصناعية والكورنيش البحري والمعشوق وعيتيت والمنطقة الواقعة بين بلدتي صربا وعين قانا وعلى قلب مدينة صور وتحديداً مبنى الدلباني في شارع قرطاج والمنطقة بين بلدتي شوكين وزبدين وحي الكرم في الزهراني. وأفيد عن سقوط شهيد و3 جرحى في القصف على دير الزهراني. فيما استهدفت مسيّرة إسرائيلية سيارة اسعاف تابعة للدفاع المدني في الهيئة الصحية عند مفترق دير قانون رأس العين.
وصدر عن مركز عمليات طوارئ الصحة العامة التابع لوزارة الصحة العامة بيان أعلن «أن العدو الإسرائيلي واصل استهدافه للمسعفين والمنشآت الإسعافية في الجنوب ضارباً بعرض الحائط القوانين والأعراف الدولية والمواثيق الانسانية. وقد أضاف إلى جرائمه العديدة السابقة، استهداف سيارة تابعة لجمعية الهيئة الصحية الإسلامية عند مفرق دير قانون رأس العين ما أدى إلى استشهاد مسعفين اثنين».
في هذه الاثناء، تعرضت أطراف بلدتي الناقورة وعلما الشعب وجبل اللبونة ومنطقة حامول الموازية لبلدة البياضة، لقصف مدفعي مباشر وعنيف. وتحدثت معلومات عن محاولات تسلل تصدى لها «حزب الله» في وقت أوردت تقارير لم يتم تأكيدها أن جيش الاحتلال توغّل داخل بلدة دير ميماس ومثلث القليعة برج الملوك وشوهدت آليات عسكرية في هورا وقرب ديرميماس وبالقرب من محطة مرقص في ظل تحليق لمسيّرة إسرائيلية فوق البلدة تطلب من المواطنين عدم الخروج من منازلهم. في حين تصدى «حزب الله» صباحاً دبابة ميركافا وأحرقها بمن فيها شرق مدينة الخيام بصلية صاروخية، واستهدف تجمعاً لجنود الجيش الإسرائيلي في المنطقة نفسها، وتراجعت 4 دبابات إسرائيلية من وادي قيس شرق الخيام إلى وطى الخيام ومن ثم إلى العمرا، بعد محاولات متكررة للدخول إلى وسط الخيام.
وطالت الغارات منطقة البرج الشمالي والغازية والخيام وأطراف صير الغربية في النبطية. واستهدفت مسيرة إسرائيلية، دراجة نارية على طريق النبطية الفوقا قرب ثانوية الصباح الرسمية، وافيد عن وقوع اصابة. كما سقط ثلاثة شهداء وثلاثة جرحى، نتيجة الغارة على القطراني في منطقة جزين.
هذا، وأنهى الجيش اللبناني وقوات «اليونيفيل» ردم الحفرة التي تسببت بها الغارة على طريق النبطية مرجعيون في منطقة الخردلي وأصبحت سالكة أمام السيارات قبل أن يعود الجيش الإسرائيلي ويقفلها بقصفها.
وقد استكملت «كشافة الرسالة الإسلامية» عملية البحث عن مفقودين في الغارة على دوار كفر رمان، تحت انقاض المبنى المدمر منذ أربعة أيام، وتم انتشال شهيدين لتصبح الحصيلة النهائية 7 شهداء وجريح. كما أنهت فرق الإغاثة رفع ركام الغارة على بلدة عربصاليم وسحب كل جثامين الشهداء وهم: محمد نذر، حسن شرارة، محمد شرارة وحسين شرارة.
في البقاع وبعد حصيلة دامية يوم الخميس وصلت إلى حدود 47 شهيداً و50 جريحاً في مدينة بعلبك وقرى القضاء ولاسيما في نبحا وفلاوي تراجعت حدة الغارات التي كانت شملت مقنة ويونين وبيت مشيك وبريتال وحوش الرافقة وبيت شاما، ونحله، والسفري، وبوداي.
وأعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض طائرة مسيرة أطلقت من لبنان، وأفاد عن مقتل 83 ضابطاً وجندياً منذ بدء العمليات العسكرية على جبهة لبنان منهم 60 منذ التصعيد الأخير.
تزامناً، رحبت الخارجية اللبنانية بقرار المحكمة الجنائية الدولية إصدار مذكرتي اعتقال بحق رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الحرب السابق يوآف غالانت لارتكابهما جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وإشرافهما على هجمات ضد السكان المدنيين.
واعتبرت «أن هذا القرار القضائي المهم يعيد الاعتبار للشرعية الدولية ولمفهوم العدالة والقوانين الدولية، لا سيما القانون الدولي الإنساني، ويوفّر مظلة ثقة وأمان، للشعوب حول العالم، بوجود مؤسسات ومحاكم دولية فاعلة وذي مصداقية. ويشكل قرار المحكمة الجنائية الدولية خطوةً أساسية نحو تحقيق العدالة، وإدانة واضحة لما ارتكبته إسرائيل من جرائم بحق المدنيين. كما يثبت القرار أن زمن الإفلات من المحاسبة والعقاب على الجرائم قد ولّى» مؤكدة «ضرورة التزام المجتمع الدولي بمبادئ ومسار العدالة الدولية، للحفاظ على السلم والأمن الدوليين، وإحترام حقوق الانسان والقانون الدولي».
تعليقات الزوار
لا تعليقات