أخبار عاجلة

الإعلامي الأحدب يقترح على الجامعة العربية البت في جنسية «الكسكس» بعد تجاهلها حرب إبادة غزة الهمجية

«الرفاق حائرون، يفكّرون، يتساءلون في جنون»: أين هي جامعة الدول العربية إزاء ما يحصل في فلسطين من حرب إبادة همجية؟ لقد غابت اجتماعاتها، واختفت بياناتها، وتأكد لمن بقيت في نفسه ذرّة شك أن لا دورَ لها في التجاوب مع قضايا الشعوب العربية. ومن ثم، اقترح عليها الإعلامي نزيه الأحدب أن تبتّ ـ عوض ذلك ـ في أصل أكلة «الكسكس» والبلد الذي ينتمي إليه!
قال في إحدى حلقات برنامجه «فوق السلطة» المبثوث على قناة «الجزيرة»: «موظفو الجامعة العربية خارج الشاشة والتغطية: لماذا لا تحدد الجامعة لجنة من الخبراء للحسم في جنسية الكسكس؟ هل هو جزائري أم مغربي أم نص بنص؟ أم إن الكسكس كسكسان أو ربما خمسة كساكس، مع التونسي والليبي والموريتاني؟ جامعتنا مطالبة بالفصل بين الكساكس بعد عجزها عن الفصل بين جنرالات حرب السودان، وعن إرسال الخبز والحليب للجائعين في فلسطين والسودان».
أصبتَ يا نزيه! فقد قامت حرب «داحس والغبراء» بين الإخوة/ الأعداء، ليس فقط حول أصل «الكسكس»، وإنما أيضا حول «الزليج» و«القفطان» و«الحايك» والتوابل… وكذلك حول جنسية طارق بن زياد وابن بطوطة.. فمتى تُخمد نار هذه الحرب واهية الأسباب التي تحجب قرابات الدم والمصاهرة والجوار؟!

في انتظار إنهاء التطبيع

لم تتأخر الرباط في الرد على بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، الذي تعمّد، مرة ثانية، استفزاز مشاعر المغاربة بنشر خريطة للعالم العربي، تظهر فيها الصحراء مفصولة عن المغرب. وكان الرد مباشرًا وأكثر إيلامًا، حيث أُعطيت التعليمات للتلفزيون المغربي الرسمي بتخصيص حيز وافر من نشرات الأخبار للمسيرة التضامنية الضخمة مع الشعبين الفلسطيني واللبناني التي شهدتها العاصمة الأسبوع الماضي، عشية الذكرى الأولى للحرب الإسرائيلية على غزة. وظهرت الأعلام الفلسطينية، كما سُمعت الشعارات التي صدحت بها الحناجر، وتحدث مسؤولون حزبيون وحقوقيون ومواطنون عن مشاعرهم تجاه إخوانهم في غزة وطرابلس، إذ عبّروا ـ مثلما قالت مقدمة النشرة ـ عن تشبثهم بالدفاع عن القضية الفلسطينية وعن الحقوق العادلة والمشروعة للشعب الفلسطيني، مُعبّرين كذلك عن رفضهم وإدانتهم لتدهور الأوضاع في قطاع غزة.
لا يحتاج المرء إلى التفكير كثيرا لكي يدرك بأن المسألة تتعلق بموقف رسمي واضح وصارم، خاصة وأن الوقفات والمسيرات التضامنية التي شهدتها المدن المغربية على امتداد سنة بكاملها لم تكن تحظ بتغطية إعلامية من لدن التلفزيون المغربي. لكنْ، أن يُخصِّص هذا الأخير قسطًا زمنيا كبيرا للموضوع في نشرة الأخبار، معناه أن الأمر يتعلق برسالة مباشرة لبنيامين نتنياهو، من جهة لاستنكار جرائمه الدموية تجاه الفلسطينيين، ومن جهة ثانية للاحتجاج على نشره خريطة المغرب مُجتزأة في أقاليم الجنوب، وهو ما يتناقض مع تصريحات سابقة للكيان الصهيوني تزعم اعترافه بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية.
هذه المرة، التزمت «إسرائيل» الصمت عن الواقعة ذاتها، ما يعني أن الأمر مقصود، ولم يصدر عنها ـ كما حصل في المرة الأولى ـ اعتذار رسمي للمغرب، حينما استعمل نتنياهو في مقابلة مع تلفزيون فرنسي خريطة تظهر الصحراء منفصلة عن أراضي المملكة.
نتنياهو، إذن، لم يعجبه تضامن المغاربة مع إخوانهم في غزة، فلجأ إلى «حيلة اليائسين» بإظهار الخريطة المبتورة، لكن الجواب جاءه عبر نشرة الأخبار التلفزيونية، في انتظار أن تستجيب السلطات المغربية إلى مطلب الشعب الذي يتردد كل يوم في الوقفات والمسيرات، وهو إنهاء التطبيع مع الكيان الصهيوني الغاشم.

«من النيل إلى الفرات»

وإذا كان نتنياهو وضع للمغرب حدودًا منقوصة، فإنه ـ في المقابل ـ كرّس المقولة الصهيونية بأن إسرائيل لا حدود لها، إذ تمتد من النهر إلى النهر، من نهر النيل إلى نهر الفرات. ولذلك، تساءل الإعلامي نزيه الأحدب في برنامج «فوق السلطة» قائلا: «كم كان عمرك حين علمتَ أن إسرائيل ليس لها خريطة جغرافية مُعلنة، لا في الأمم المتحدة ولا في سجلاتها الرسمية؟ لكن هناك خريطة متورّمة تمسح أجزاء واسعة من بلاد الشام والرافدين والكنانة وغيرها، تُعلّق على أكتاف جنودها، في إشارة رمزية إلى المُلقَى على عاتقهم من (احتلالات) قادمة ونكبات عربية موعودة، لا نستعد لها إلا بما استطعنا من فُرقة وضعف وهوان»!
المجرم رئيس وزراء الكيان المحتل استغلّ هذه الفرقة، فأخذ يطلق تهديداته ذات اليمين وذات الشمال، لدرجة أنه ردّد في تصريحات نزقة: «كل الشرق الأوسط في مرمى اغتيالاتنا!» كما وجّه أحد المقربين منه تهديدات قوية إلى دولة الكويت، بسبب تضامنها المطلق مع الفلسطينيين، وإدانتها القوية لانتهاك قوات الاحتلال للقانون الإنساني الدولي.

رسالة عمرو أديب

لأول مرة، أجد الإعلامي المصري عمرو أديب يقول شيئا مفيدا وحاملا لموقف إيجابي، ففي برنامجه على قناة «أم بي سي مصر»، بث «فيديو» لطفل مغربي عمره لا يتجاوز عاما ونصف، تسأله أمّه عن عواصم عدد من بلدان العالم، فيجيب عنها بكل تلقائية إجابة صحيحة، لكنها حين تسأله عن عاصمة «إسرائيل»، يردّ قائلا: «ما كايناش» (بمعنى غير موجودة).
عمرو أديب وقف مندهشا أمام هذا المشهد، وكشف أنه مكث طويلا وهو يبحث عمّا إذا كان «فيديو» الصبي مركّبا أم غير مركّب، دون أن يصل إلى نتيجة حاسمة. لكن المهم في رأيه هي الرسالة، رسالة الأم التي تعدّ مدرسة للأجيال. فكانت تلك الحلقة تحية تقدير وإكبار منه لكل الأمهات العربيات على تضحياتهن الجسام من أجل تربية أبنائهن والسهر على صحتهم. وكان ذلك أيضا موقف واضح إزاء دولة الاحتلال، مفادها: أنت كيان لقيط ولا عاصمة له!

أيقونة الصحافة

وهذا الكيان اللقيط له سجل أسود مليء بالاغتيالات التي شملت حتى الأطقم الطبية والإنسانية والصحافية… ويبقى اغتيال الإعلامية الفلسطينية الشهيدة شيرين أبو عاقلة وصمة عار في جبين هذا الكيان وكذا جبين القتلة المجرمين الذين نفّذوا أمر الاغتيال عن سبق إصرار وترصّد، بينما كانت «أيقونة الصحافة» تحمل «ميكروفونا»، ولم يكن بيدها مسدس أو بندقية أو رشاش، على شاكلة ما يفعل المستوطنون الدخلاء!
في آخر لقاء لها على قناة «الجزيرة»، استحضرت شيرين محطات من مسيرتها الإعلامية، ومن بينها إجراء مقابلة مع الرئيس الشهيد ياسر عرفات، وسرد حكاية الحصار الظالم الذي فرضته قوات الاحتلال عليه في «المقاطعة» في رام الله. كما تذكّرت الإعلامية نفسها تغطيتها للمعتقلين الفلسطينيين في سجن عسقلان، علاوة على مواكبة عملية تحرير قطاع غزة وانسحاب القوات الإسرائيلية منه في أيلول/ سبتمبر 2005.
ولخّصت شيرين أبو عقلة حال الصحافي الفلسطيني في الأراضي المحتلة، إذ يجد نفسه «مُوَزّعًا بين الجانب المهني الذي يفترض الحياد الإعلامي، وبين الوازع الإنساني الذي يجعله عاجزًا أمام اعتداءات الجيش الإسرائيلي والمستوطنين اليهود على المواطنين العزّل، لمجرد أنهم يقومون بمسيرة أو يرفعون علم فلسطين»!

الطاهر الطويل

اضف تعليق

شارك

تعليقات الزوار

لا تعليقات