أخبار عاجلة

المغرب يجدد موقفه الثابت بعدم الالتزام بأي اتفاق لا يحترم وحدته الترابية ردا على العدل الأوروبية

أكدت وزارة الخارجية المغربية، أن الحكم الذي أصدرته محكمة العدل الأوروبية اليوم الجمعة ببطلان الاتفاقات التجارية بين المغرب والاتحاد الأوروبي يعد "انحيازا سياسيا صارخا"، مضيفة انه "في هذا السياق، يجدد المغرب التأكيد على موقفه الثابت إزاء عدم الالتزام بأي اتفاق أو وثيقة قانونية لا تحترم وحدته الترابية والوطنية"، فيما قالت اسبانيا إنها من بين عدة دول أوروبية تمسكت بقانونية الاتفاقات مشددة على أن العلاقات بين البلدين متينة مستقرة، لن تتأثر بالحكم.
وتعتبر الدول الأوروبية أكثر المتضررين من الحكم باعتبارها ستحرم من الامتيازات والمكاسب الاقتصادية.

وقالت وزارة الخارجية في بيان، إن المغرب ليس طرفا في هذه القضية، التي تهم الاتحاد الأوروبي من جهة، و"البوليساريو" المدعومة من قبل الجزائر من جهة أخرى. فالمغرب لم يشارك في أي مرحلة من مراحل هذه المسطرة، وبالتالي يعتبر نفسه غير معني بتاتا بهذا القرار.

وأضافت أن مضمون القرار تشوبه العديد من العيوب القانونية الواضحة وأخطاء في الوقائع محل شبهات، وهو ما يؤشر في أحسن الأحوال على "جهل تام بحقائق الملف، إن لم يكن انحيازا سياسيا صارخا".
وأشارت إلى أن المحكمة سمحت لنفسها بتجاوز الهيئات الأممية المختصة ومعارضة مواقفها ومقارباتها الثابتة. من جهة أخرى، كانت المحكمة العليا البريطانية قد أبانت بخصوص حالة مشابهة تماما عن قدر أكبر من التبصر والحياد والإلمام القانوني.
وأكدت اسبانيا أن علاقتها بالمغرب لن تتأثر مطلقا بهذا الحكم، وقد صرح وزير الزراعة والصيد البحري والتغذية الإسباني لويس بلاناس أن العلاقات بين بلاده والمغرب متينة مستقرة، لن تتأثر بهذا الحكم، وذلك قبل ساعات من قرار محكمة العدل الأوروبية.

ونقل موقع مدار 21 المغربي، عن بلاناس قوله في تصريحاته للصحافيين "إذا كان هناك من يعتقد أن حكما من محكمة العدل سيشكك في استقرار العلاقة بين المغرب وإسبانيا أو الاتحاد الأوروبي، فهو مخطئ".

والقرار الصادر اليوم الجمعة هو الحكم النهائي بعد بضعة طعون قدمتها المفوضية، الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي. وأبرم الاتحاد الأوروبي اتفاقات تتعلق بالصيد والزراعة مع المغرب في عام 2019 شملت أيضا منتجات من الصحراء المغربية.
وسبق أن أثارت القضية جدلا واسعا داخل الأوساط السياسية والقانونية؛ حيث تعد نتائج الحكم مهمة في ما يخص مستقبل التعاون الاقتصادي بين الاتحاد الأوروبي والمغرب خصوصا في مجالي الصيد البحري والتجارة.

وذكرت مصادر مطلعة، أن الطعن الذي تقدمت به مؤسسات الاتحاد الأوروبي يتمحور حول إلغاء الحكم السابق، الذي اعتبره كل المجلس والمفوضية بمثابة "سابقة قانونية خاطئة"، ولفتا أن "الحكم استند إلى دعاوى قضائية تقدمت بها جبهة بوليساريو، بادعائها تمثيل سكان الأقاليم الجنوبية في النزاعات القانونية".

غير أن اسبانيا تؤكد أن علاقتها راسخة مع المغرب وملتزمة بالمصالح المتبادلة بينهما، وهو ما أثبتته التصريحات المتكررة لمسؤولي البلدين والزيارات المكثفة بينهما التي اسفرت عن توقيع اتفاقيات في عدة مجالات.

وأوضح الوزير بلاناس وفق ما نقلته وكالة إيفي الاسبانية "مهما كانت نتيجة الحكم، فإن هذه العلاقات إيجابية ومستقرة مع إسبانيا والاتحاد الأوروبي، وسنعمل على ضمان استمرارها كذلك". مشيرا إلى أن إسبانيا وأربعة بلدان أوروبية أخرى دعمت قانونية الاتفاقيات، وأكد أنهم سيتابعون ما سيقرره القضاء الأوروبي "دائما باحترام شديد"، وسيطبقون العواقب الناجمة عن ذلك القرار.

وكان المغرب شدد عقب قرار المدعية العامة الأوروبية على لسان الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية مصطفى بابيتاس أن الاتحاد الأوروبي مطالب بالعمل على صون شراكته مع المملكة، محملا الاتحاد بأجهزته ودوله الأعضاء المسؤولية الكاملة عن صون هذه الشراكة من الاستفزازات والمناورات السياسية.

وتؤكد المصادر أن الاتحاد يسعى إلى الحفاظ على التعاون الثنائي المتين الذي يمتد لعقود مع المغرب، خاصة في المجالات الاقتصادية والتجارية، بحيث تشكل الأقاليم الجنوبية للمغرب جزءا مهما من هذا التعاون.

وسمح البروتوكول الموقع بين الطرفين عام 2019 لأكثر من 128 قارباً دولياً ضمنها 93 سفينة إسبانية، بالإبحار واستغلال المياه المغربية، بما فيها تلك المياه الموجودة في الصحراء المغربية.

وفي 12 يوليو/تموز 2023، قال ناصر بوريطة، وزير الخارجية المغربي، خلال ندوة صحفية بالرباط، إن اتفاق الصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي الذي تم توقيعه في سنة 2019 كان لفترة غير محددة، وبالتالي هو ما يزال ساري المفعول، وبروتوكول الصيد البحري، والملحق بالاتفاق، هو الذي تنحصر مدته في أربع سنوات.

وبحسب تصريحات بوريطة، فإن تجديد البروتوكول سيأخذ بعين الاعتبار ثلاثة محددات، أولها "كيفية نظر المغرب للشراكة مع شركائه، هل من منطق أن يأتي الشريك ويأخذ الموارد ويؤدي الثمن ويرحل، هل هذا هو الشكل الذي يريده المغرب؟ المغرب اليوم لا يرى الشراكات بهذه الأشكال المتجاوزة، بل يفكر في الشراكات التي لها قيمة مضافة للمغرب وفيها ندية وليست بشكل تقليدي".

ويرتبط المحدد الثاني، حسب بوريطة، بالاستراتيجيات الوطنية للصيد البحري، فالمغرب له استراتيجية أليوتيس، والتي تهدف إلى تطوير هذا القطاع على المستوى الوطني وللمغاربة أولا، ما يجعل هذه الاستراتيجية "ليست تصورا نظريا، بل له انعكاسات في ما سيقوم به المغرب لنفسه والشراكات التي سيعقدها، وبالتالي فإنه انطلاقا من هذه الاستراتيجية سيكون هناك المجال الذي سيتبقى للشراكات الخارجية".

ويتعلق المحدد الثالث بالمعطيات العلمية والبيولوجية، فـ"هذه الموارد لا تتجدد باستمرار وبالتالي يجب حمايتها وهذه الدراسات هي التي ستوضح لنا كيفية التعامل معها مستقبلا، وهل تحتاج حماية أكبر، وما هو مستوى الصيد الذي يمكن الموارد من البقاء"، وفق الوزير المغربي.

وأردف "في جميع الحالات، سيبقى المغرب في حوار مع الاتحاد الأوروبي وسيشركه في هذا التفكير وهذه التساؤلات ونتائجها، والشراكة في هذا المجال كما أكدت لا ترتبط فقط بالبروتوكول بل شراكة أكبر".

اضف تعليق

شارك

تعليقات الزوار

لا تعليقات