أخبار عاجلة

لماذا تخاف الجزائر من الحكم الذاتي في الصحراء؟

وهل هناك ما يضطرها أصلا لأن تبرر قرارا من قراراتها السيادية؟ أليس لها مطلق الحرية في أن تأخذ الموقف الذي تراه مناسبا؟ قد يحاجج البعض. لكن هل يمكن أن تكون لدولة ما حرية أخذ موقف قد لا يمس فقط بدولة جارة، بل يؤثر أيضا حتى على الإقليم بأسره؟ الإشكال هو أن الجزائر التي ما فتئت تكرر في كل مناسبة بأنها ليست طرفا من أطراف النزاع الصحراوي، وأنها تقبل بما يقبل به أصحاب الشأن، ما زالت ترفض وبشدة طرح العرض المغربي بالحكم الذاتي للصحراء على طاولة النقاش. وقد يقول قائل وهل قبل البوليساريو بذلك العرض حتى ترفضه الجزائر؟ والسؤال هو، هل فعلت ذلك فقط بناء على رفض الجبهة للمقترح المغربي، ولأنه قد يتعارض جذريا مع فهمها لمبدأ تقرير المصير، الذي يعد حجر الزاوية في سياستها الخارجية؟ أم لأنها رأت أن القبول بذلك المشروع قد يشكل تهديدا قويا لأمنها الخارجي، وقد يسبب لها وبشكل ما ضررا أو مسا بمصالحها في المنطقة؟

من المؤكد أن هناك جدارا عاليا وسميكا يفصل بين الجزائريين، والمقترح الذي قدمته الرباط إلى الأمم المتحدة منذ ما يقرب من عشرين عاما، لكن ماذا لو حدثت ثغرة غير منتظرة في ذلك الجدار، وخرج غدا، على سبيل المثال، زعيم البوليساريو إبراهيم غالي مع مجموعة من رفاقه من قادة الجبهة، ليقرأ على الصحافيين البيان التالي: بعد تجربة طويلة امتدت لأكثر من خمسة عقود حاولنا فيها بشتى الأساليب العسكرية والدبلوماسية أن نصل لهدفنا، استنتجنا اليوم أنه لا مفر لنا من أن نحكم العقل بدلا من القوة والتهديد، ونراجع أنفسنا قبل كل شيء ونقوم بنقدنا الذاتي ونعترف بالاخطاء التي ارتكبناها على مدى السنوات الماضية، ونقر، ومن باب الحرص على مصلحة الصحراويين أولا، والرغبة في حقن الدماء، وإزالة كل العقبات والعوائق التي تقف أمام تحقيق وحدة ورفاه واستقرار دول وشعوب المنطقة المغاربية، بأن المقترح المغربي للحكم الذاتي للصحراء بات يمثل بالنسبة لنا الحل العملي والواقعي والتوافقي والنهائي الأفضل لمشكل الصحراء؟
ربما قد لا تبدو تلك الفرضية واقعية بنظر البعض، وربما قد يقول عنها آخرون إنها ليست منطقية بالمرة، فلن يكون من الممكن بالنسبة لأفراد قضوا ردحا كبيرا من أعمارهم في الدفاع عن فكرة الانفصال، أو الاستقلال، أن يحيدوا عنها بسهولة وبعد سنوات طويلة من تشبثهم بها، لأن ذلك سوف يعني وببساطة، أنهم سيحفرون قبورهم بأيديهم، ولن يكون مستبعدا ساعتها النظر إلى تصرفهم على أنه نوع من الخيانة، ويكونون بالتالي عرضة لانقلاب داخلي يعصف بهم، لتوجه إليهم وعلى الفور تهم العمالة للمخزن، وهو المصطلح الذي درجت أدبيات البوليساريو على استخدامه باستمرار، في إشارة إلى النظام المغربي، لكن إن حدث ذلك فهل سيحصل فقط بعد تلقي ضوء أخضر من الجزائر؟ أم أنه سيأتي في سياق مبادرة ذاتية من شق ما داخل البوليساريو؟ ثم كيف سيكون رد فعل الجزائريين في ذلك الوقت؟ وهل أنهم سيتقبلون وبسهولة ما قد يترتب على ذلك الوضع من نتائج؟ لقد بعث رئيسهم الخميس الماضي رسالة إلى غالي بمناسبة عيد الأضحى، جدد له فيها دعم بلاده «الكامل» لما وصفه «بكفاح الشعب الصحراوي الشقيق، وتمسكه بحقه المشروع في تقرير المصير، الذي تقره الشرعية الدولية ويتطلع إليه الشعب الصحراوي الشقيق التواق إلى الحرية والكرامة»، وفقا لما أوردته وكالة الأنباء الرسمية، لكنه قال في مارس الماضي، وفي مقابلة مع وسائل إعلام محلية أن «الشيء الذي يمكن أن أقوله حول القضية في حد ذاتها – أي الصحراوية- إنها قضية عادلة وهي موجودة على طاولة تصفية الاستعمار في الأمم المتحدة، ونتمنى أن تصل إلى نهايتها.. وهي ليست موجهة لا ضد أشقائنا المغاربة، ولا ضد أي طرف آخر. وبالنسبة لنا فهذه القضية هي قضية تصفية استعمار، ويوجد حلها إن شاء الله، لأنه لو نستخدم العقل عوض أن نستخدم التهديد والقوة، فإنه سيوجد هناك حل»، وهنا مربط الفرس، فالإشكال الحقيقي يبقى في تحديد طبيعة ذلك الحل. ومن ثم فهل سيكون التأكيد الدائم على الدعم الكامل لما يعتبره الجزائريون حقا للصحراويين في تقرير المصير، بمثابة السيف المسلط على رقاب قادة البوليساريو الذي يمنعهم من الحركة، ويجعلهم غير قادرين على التراجع عن مواقفهم المعروفة من تلك القضية، بغض النظر عن التطورات الإقليمية والدولية التي يعرفها الملف الصحراوي؟ ربما قد يقول البعض إن هناك مبالغة ما، ومن الجهتين وإن هناك تهوينا وتقزيما لدور الجبهة وتصويرا لقادتها، وكأنهم دمى تحركها الجزائر مقابل تضخيم دور الأخيرة، وتقديمها على أنها صاحبة القرار الأول والأخير، في المسألة الصحراوية، لكن ألا توفر الجزائر لذلك التنظيم المسلح كل شيء تقريبا، بدءا بالارض التي يستقر عليها وصولا إلى أبسط الحاجيات والمتطلبات التموينية، وانتهاء بالدعم العسكري والدبلوماسي الواسع وغير المحدود؟ فهل سيكون من الوارد في تلك الحالة أن يملك قادة البوليساريو قرارا منفصلا، أو مستقلا عن القرار الجزائري، وأن تكون لهم خياراتهم وتصوراتهم للمشكل الصحراوي منفصلة عن خيارات وتصورات الجزائر؟ وقد يرد آخرون وما المطلوب من الجانبين فعله حتى تثبت استقلالية الجبهة؟ هل على البوليساريو أن يغادروا الجزائر مثلا ويرفضوا الدعم والمساعدات التي تقدمها لهم؟ وفي تلك الحالة ما البدائل والخيارات التي ستكون موجودة أمامها في ظل الأوضاع الإقليمية والدولية الحالية؟ وما الأطراف أو القوى التي يمكن أن تدخل على الخط تبعا لذلك؟ ثم ما الذي يتعين على الجزائر أن تقوم به، وهي التي كانت توصف في وقت من الأوقات بانها كعبة الثوار، وبنت خطابها الرسمي على دعم الشعوب والحركات الثورية؟ هل عليها مثلا أن تقطع الصلة نهائيا بالبوليساريو؟ لعل الأمر أبسط من ذلك بكثير فبوسع الجزائر والجبهة إن أرادتا ذلك بالطبع أن تجريا استفتاء شفافا وحقيقيا داخل مخيمات تندوف حول الخيار الذي يفضله السكان، وتعرفا بالتالي إن كان مقترح الحكم الذاتي يبدو مقبولا بنظر هؤلاء أم لا. وربما لن ينطبق هنا على الجانبين مثل البيضة والدجاجة وأيهما سبقت الأخرى، لكن من الواضح جدا أن مشروع الحكم الذاتي يتعارض إلى حد كبير مع مصالحهما، ولنتخيل فقط مغربا أغلق ملفا ظل يستنزف لعقود طويلة جل ثرواته وموارده، ألن يشكل في ذلك الوقت تحديا بالنسبة للدول المغاربية؟ ثم ألا تلتقي مثل تلك الهواجس مع مصالح بعض الفئات داخل الجزائر وداخل البوليساريو، التي ترى أن حفاظها على مواقعها وامتيازاتها يرتبط إلى حد كبير ببقاء ذلك الملف مفتوحا من دون التوصل إلى أي حل واقعي ونهائي له؟ قطعا لن يعد رضوخا للمغرب أن يعدل الجزائريون من موقفهم من الصحراء لان الخاسر الوحيد حينها لن يكون غير أعداء البلدين.

نزار بولحية

اضف تعليق

شارك

تعليقات الزوار

CHOUAIB

Liberté Pas Anarchie

Discours de DE GAULLE sur l’autodétermination (septembre 1959) « Grâce au progrès de la pacification, au progrès démocratique, au progrès social, on peut maintenant discerner le moment où les femmes et les hommes qui habitent l’Algérie seront en mesure de décider de leur destin une fois pour toutes, librement, en connaissance de cause. Compte tenu de toutes les données, algériennes, nationales, internationales du problème, je considère comme nécessaire que ce recours à l’autodétermination soit proclamé aujourd’hui. Je poserai la question aux Algériens, en tant qu’ils sont des individus. Car, depuis que le monde est le monde, il n’y a jamais eu d’unité, ni à plus forte raison de souveraineté algérienne algérienne : Carthaginois, Romains, Vandales, Byzantins, Arabes de Syrie, Arabes de Cordoue, Turcs, Français ont tour à tour pénétré le pays sans qu’à aucun moment et d’aucune façon il y ait eu un Etat algérien Le 23 octobre 1963 au palais de l’Elysée, De Gaulle discutait avec son ministre des Affaires étrangères, Alain Peyrefitte, au sujet du conflit armé opposant le Maroc à l’Algérie ; ses deux anciennes colonies. Adepte de «nous les aidons à s’entretuer», il avait offert l’occasion à l’Union Soviétique de jouer le rôle de médiateur et d’asseoir sa présence au Maghreb. «Nous les aidons à s'entretuer» De Gaulle avait, également, décliné la proposition de son ministre des Affaires étrangères visant à proclamer la «neutralité» de la France dans le conflit armée. «Il ne faut rien proclamer du tout. Et d’abord, c’est faux», lui avait-t-il lancé. «Nous aidons les Marocains, en leur fournissant des armes. Nous aidons les Algériens, en mettant à leur disposition notre aérodrome de Colomb-Béchar (en 1963, la France conservait encore une présence militaire en Algérie, ndlr). Par le fait, nous les aidons à s’entretuer. Pourtant, il faut faire comme si nous étions neutres». De Gaulle refusait catégoriquement toute remise en question des frontières laissées par le passage de son pays au Maghreb. Sur ce point, il s’opposait aux ambitions du royaume de récupérer des territoires annexés par la France. «Le Maroc voudrait Tindouf تطرّق تقرير صحفي إسباني إلى الخلاف الأخير بين المغرب والجزائر، الذي انطلق على إثر بعض التصريحات المغربية المتزامنة التي أكدت على مغربية الصحراء الواقعة حالياً في الجنوب الغربي الجزائري. وأشارت الصحيفة الإسبانية، إلى أنّ أصل هذه القضية قد عاد إلى واجهة الجدل القائم بين الدولتين في نهاية فبراير الماضي، عندما أكدت مديرة الأرشيف الملكي المغربي، “بهيجة السيمو” خلال حضورها ملتقًى من تنظيم “وكالة الأنباء المغربية“، أنه “لا توجد فقط وثائق تاريخية تشهد على سيادة المغرب على ما يسمى بـ”الصحراء الغربية”، ولكن أيضاً على “الصحراء الشرقية”، الواقعة في جنوب غربي الجزائر. قالت إنها كانت طيلة السنوات الأخيرة على ذمة الباحثين للتشاور والتثبت مما أدلت به، مشيرةً إلى أنّ الوثائق التي أعلنت عنها، ليست مجرد مراسلات؛ ولكنها أيضًا تتضمن خرائط ومعاهدات واتفاقيات، “من العصور الوسطى حتى يومنا هذا”، على حدّ قولها. أثارت كلماتها ضجة في الجزائر، ناهيك بأنّ تلك التصريحات غير المسبوقة الصادرة من السيمو المؤرخ. كما أشار التقرير، إلى أنّ كلام السيمو، جاء قبل أيام من تقرير آخر لصحيفة “Maroc Hebdo” الأسبوعية، والتي نشرت على غلافها في عددها الأخير خريطة للمغرب تشمل -بالإضافة إلى الصحراء الغربية- مناطق جنوب غرب الجزائر التي سيطرت عليها فرنسا خلال الحقبة الاستعمارية، وتنازلت عنها للجزائر وقت استقلالها عام 1962. ..............

غزاوي

مجرد تساؤل

مجرد تساؤل. ماذا لو عدل المغربيون موقفهم !!!؟؟؟ أقتبس من المقال ما نصه بتصرف: "لكن ماذا لو حدثت ثغرة غير منتظرة في ذلك الجدار، وخرج غدا، على سبيل المثال، الملك محمد السادس، ليعلن في خطابه بمناسبة ذكرى المسيرة "الخضراء" ويعلن القرار السامي التالي: بعد تجربة طويلة امتدت لأكثر من خمسة عقود حاولنا فيها بشتى الأساليب العسكرية والدبلوماسية أن نصل لهدفنا، استنتجنا اليوم أنه لا مفر لنا من أن نحكم العقل بدلا من القوة والتهديد، ونراجع أنفسنا قبل كل شيء ونقوم بنقدنا الذاتي ونعترف بالأخطاء التي ارتكبتاها على مدى السنوات الماضية، ونقر، ومن باب الحرص على مصلحة المغربيين أولا، والرغبة في حقن الدماء، وإزالة كل العقبات والعوائق التي تقف أمام تحقيق وحدة ورفاه واستقرار دول وشعوب المنطقة المغاربية، بأن "تقرير مصير" هو الحل الوحيد الذي يتوافق مع الشرعة والقانون الدوليين والأفضل لمشكل الصحراء؟" انتهى التصرف. .../...يتبع

محمد

حول الموضوع

ليست الجزائر التي تخاف بل العصابة الحاكمة في الجزائر هي السبب في هدا النزاع والاطالة فيه لأنها هي الممول الرئيسي لهده الجماعة رغم أنف الشعب الجزائري لاستغلال ثروات البلاد وتخويف الشعب بالمؤامر والايادي الخارجية

غزاوي

مجرد تساؤل.

إلى CHOUAIB مجرد تساؤل. ماذا قال ديغول وريفاقه قبل هذا !!!؟؟؟ 01/12/1954، قال فرانسوا ميتران وزير الداخلية: " الجزائر هي فرنسا وفرنسا لن تعترف بأي سلطة غير سلطاتها". 23/02/1955، قال جاك سوستيل الحاكم العام للجزائر :"لجزائر وكل سكانها جزء لا يتجزأ من فرنسا. فرنسا واحدة وغير قابل للتجزئة. مصير الجزائر فرنسي". 10/02/1957، قال بورج مونوري وزير الدفاع: "لا شيء ولا أحد يفصل الجزائر عن فرنسا". 04/06/1954، قال ديغول من باريس: "فرنسا تعتبر أن في كل الجزائر لا يوجد سوى فئة واحدة من السكان، لا يوجد إلا فرنسيين". 06/06/1958، قال ديغول من وهران: " فرنسا هنا، وهي هنا إلى الأبد". 06/06/1958، قال ديغول من مستغانم:" تحيا الجزائر الفرنسية". 05/09/1960، انتهى المطاف بديغول ليقول: " هناك جزائر، هناك كيان جزائري، هناك شخصية جزائرية".

غزاوي

مجرد تساؤل

إلى CHOUAIB مجرد تساؤل 1- ما رأيكم في العودة إلى الحدود الحقة بين البلدين !!!؟؟؟ وأنا أضم صوتي إلى صوتك، وأطالب بالاعتراف بالحدود "الحقة" بين البلدين . في مقال نشره موقع "العمق" المغربي يوم: 13/01/2023، تحت عنوان:" بعدما أثارته “بتر وزارة عمور لخريطة المغرب يجرها للمساءلة البرلمانية". الخريطة موضوع المقال، التي أزعجت المغربيين، ظهرت في معرض أقامته وزارة السياحة المغربية بمراكش قي ديسمبر 2022 تحت الرعاية السامية لأمير المؤمنين. الخريطة توثق للحدود الحقة بين البلدين، وتؤرخ لمرحلة الدولة العلوية التي تعود إلى سنة 1640، وتظهر فيها أن وجدة وسجلماسة كانتا جزائريتين. وتفند مزاعم من يقول أن فرنسا هي التي بترت تندوف وبشار من المغرب. ‏ 2- ما هو الأثر حاليا لجزائرية وجدة وسجلماسة !!!؟؟؟ في مقال نشرته "هسبريس" يوم:29/04/2024، تحت عنوان:" نهضة بركان .. الوطن قبل الجيران"، جاء فيه ما نصه: "في أواخر الستينات، كانت عندنا أسطوانة بعنوان “الباسبور لخضر” كانت تعجبني بلحنها الرتيب وبكلماتها التي لم أكن أفهمها كلها، لأنها كانت بلهجة جزائرية حسب اعتقادي آنذاك، كما أن الفرنسية تخترقها في الكثير من الأبيات. وظللت أعتقد أن صاحبها جزائري حتى سنوات السبعينات، حين التحقت بالجامعة. فأخبرني صديق وجدي أن المغني الشعبي اسمه محمد اليونسي وهو مغربي من نواحي مدينة بركان وأن الشاعر مغربي أيضا واسمه أحمد بنهاري. الأثر الجزائري في المغرب الشرقي كان معروفا عندي قبل ذلك، اللهجة واللباس والأكل والعادات المتداخلة مع الغرب الجزائري بشكل واسع. وكان أهل الشرق متأثرين بالغرب الجزائري، معتزين أحيانا بهذا التميز الذي يجعلهم استثناء في أقاليم المغرب وجهاته" انتهى الاقتباس. الأثر الجزائري هذا ليس فقط باقي في الحياة اليومية للوجديين حتى اليوم، بل حتى في قلوبهم. فلو استفتيناهم لاختاروا الانتساب لأصلهم الجزائري عن التجنيس المغربي.