تواصل في مصر الجدل بشأن عمليات قطع الأشجار في المدن والأحياء، وسط شكوك حول ارتباط الأمر بتصنيع وتصدير الفحم إلى الاحتلال الإسرائيلي.
وقالت عضو مجلس النواب المصري سميرة الحزار، إن هناك شكوك أن ظاهرة قطع أشجار الشوارع والحدائق في مصر سببها شركة مملوكة لأشخاص ذوي نفوذ تقطع الأشجار التي تعد ملكية عامة للشعب لتحويلها إلى فحم وتصديرها للكيان الصهيوني بأسعار باهظة لتحقيق الثراء السريع على حساب صحة الإنسان.
وطالبت الجزار في بيان عاجل قدمته إلى مجلس النواب المصري، بإصدار قرار بحظر تصدير الفحم نهائيًا وضبط وحجز الفحم المعد للتصدير وبدون تأخير، والتحقيق مع شركات تصدير الفحم ومعرفة مصدره.
كما دعت إلى فتح تحقيق موسع لمعرفة من يصدر الأوامر بقطع الأشجار، وبيان بأسماء الأشخاص أو الشركات التي تشتري مخلفات الشجر المقطوع وسعر المخلفات بالطن؟.
كما طالبت النائبة رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي بإصدار قرار لكل الوزارات بوقف قطع الأشجار نهائياً.
وتساءلت النائبة عن سبب غياب وزراء الصحة والزراعة والبيئة عن المشهد كله أثناء قطع الأشجار، وعدم التدخل للمنع لمعرفتهم بأهمية الأشجار وأثرها في تحسين صحة الإنسان وتحسين البيئة والتظليل وخفض الإحساس بالحرارة وكمصدر للأكسجين وامتصاص ثاني أكسيد الكربون بما يعود بالنفع على المواطن وصحته، فالأشجار ليست رفاهية وليست للتجميل فقط وإنما هي حياة ورئة للناس.
وبينت الجزار أن أسباب ومبررات المسؤولين لقطع الأشجار بسبب احتمال سقوطها أو لحجب كاميرات الأمن أو إعاقة المشروعات القومية هي مبررات غير مقبولة ووراءها شبهة فساد لاستغلال الشجر والتربح بتحويله إلى فحم وتصديره.
وطالبت باستدعاء الوزراء الموجه لهم طلب الإحاطة للجلسة العامة في مجلس النواب لمناقشتهم ومعرفة نتيجة التحقيقات وإعلانها للشعب في الجلسة العامة لمجلس النواب.
وخلال الأيام الماضية، تداول مصريون من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، صورا للمناطق التي يقطنون بها قبل وبعد إزالة الأشجار منها، خاصة المناطق التي شهدت بناء جسور أو تطوير.
ونشر الروائي المصري ميشيل حنا، صورا عديدة تظهر عمليات قطع الأشجار، بينها صور حديقة مسجد عمرو بن العاص في مصر القديمة قبل وبعد التطوير، وصورا لإحدى الحدائق في منطقة الدقي في الجيزة، وصورا لخزان مياه ألماظة في القاهرة بعد إزالة كافة الأشجار المحيطة به.
وانتقد زهدي الشامي القيادي في حزب التحالف الشعبي الاشتراكي عمليات قطع الأشجار، وكتب على صفحته على الفيسبوك: قطع الأشجار في عموم مدن مصر هو في كل الأحوال كارثة وفضيحة وجريمة، لكن الفضيحة تكون أكبر إذا كان ذلك بغرض تصدير أخشابها وأكبر جدا إذا كان بغرض تحويلها لفحم نباتي لدولة الكيان.. نريد تحقيقا مستقلا.
لم يكن البيان العاجل الذي تقدمت به الجزار هو الوحيد تحت قبة البرلمان، فالأزمة دفعت عدد من النواب، إلى إثارة الأمر، وتقدمت مها عبد الناصر، عضو مجلس النواب ونائب رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي بطلب إحاطة بشأن تراجع المساحات الخضراء في الإقليم المصري والقطع الجائر للأشجار ما أدى إلى ارتفاع درجات الحرارة بشكل غير مسبوق.
وقالت النائبة إن الدولة المصرية شهدت في السنوات الأخيرة زيادة ملحوظة في درجات الحرارة بشكل غير مسبوق، بعدما كانت مصر قبلة للسائحين في مختلف فصول العام بسبب مناخها المعتدل، إلا أنه خلال الأعوام السابقة وبالتحديد في الصيف الحالي استشعرنا جميعا درجات الحرارة الغريبة وغير المعتادة على الإقليم المصري، والتي اتضحت جليا عندما أعلنت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية في يوم 7 يونيو/ حزيران الجاري عن تصدر محافظة أسوان لقائمة المدن الأعلى حرارة على وجه الأرض بدرجة حرارة وصلت إلى 49.6 درجة مئوية، وجاءت الأقصر في المركز العاشر بـ47 درجة مئوية.
ولفتت عبد الناصر، إلى أنه بالبحث توصلنا إلى أن أهم مسببات تلك الظاهرة هو التراجع الكبير في المساحات الخضراء خلال السنوات الماضية، بجانب القطع الجائر للأشجار بمختلف أنحاء الجمهورية، وقيام بعض الجهات بقطع الأشجار بطرق غير منظمة ودون مراعاة للتوازن البيئي من أجل التوسع العمراني وتطوير البنية التحتية وانشاء الطرق والكباري.
كما أكدت عضو مجلس النواب، أنه وفقا لعدد من التقارير والاحصائيات تم تدمير ما يقرب من 910 ألف من المساحات الخضراء في محافظة القاهرة فقط بين عامي 2017 و2022 فصلاً عن تراجع المساحات الخضراء في مصر من 7.8 مليون متر مربع في 2017 إلى 6.9 مليون متر مربع في عام 2020.
وواصلت: على سبيل المثال فقدت منطقتي مصر الجديدة وشرق مدينة نصر وحدهم ما يقرب من 584 ألف متر مربع من المساحات الخضراء، وهذا بسبب التوسع في إنشاء شبكة الطرق السريعة داخل المناطق السكنية، تطبيقا لخطة الدولة التي تستهدف زيادة الطرق المخصصة لقيادة السيارات الخاصة، ما أدى إلى وصول معدل مؤشر زيادة استخدام السيارات إلى أربعة أضعاف النمو السكاني.
كما أكدت أيضًا، على أن من ضمن الأسباب الرئيسية لتفاقم تلك الظاهرة عدم تبني الحكومة لسياسات تحفز القطاع الخاص والمجتمع المدني على الاستثمار في تشجير وزيادة زراعة أسطح المباني المتواجدة في الأماكن المكتظة بالعمران، فضلا عن عدم وجود أطر واضحة للتعاون بين القطاعات فيما يخص تخصيص الموارد وحرية الحركة وإطلاق المبادرات.
هذا بالطبع بجانب أن ارتفاع درجات الحرارة يزيد من استهلاك الطاقة الكهربائية بسبب زيادة استخدام أجهزة التكييف والمبردات، مما يرفع من الأعباء الاقتصادية على المواطنين وعلى الدولة.
وتابعت: إضافة إلى ذلك، فقد تفقد مصر 30 في المئة من إنتاجها الغذائي في المناطق الجنوبية بحلول عام 2040 بسبب ارتفاع عدد الأيام الدافئة خلال العام، وذلك فقًا لبرنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة.
واختتمت النائبة طلب الإحاطة مُطالبة الحكومة بإجراء تحقيق شامل حول الأسباب والجهات المسؤولة عن قطع الأشجار وتقليص المساحات الخضراء بهذا الشكل، وتقديم المتورطين للمساءلة، بجانب تنفيذ حملات تخضير وتشجير عاجلة وسريعة بمختلف أنحاء البلاد، بالتوازي مع تنفيذ حملات توعية موسعه حول أهمية الأشجار والغطاء النباتي في تلطيف المناخ، وتشجيع المواطنين على زراعة الأشجار والحفاظ عليها، إلى جانب إطلاق مبادرات وطنية لإعادة التشجير وزيادة المساحات الخضراء في المدن والقرى بما يسهم في تحسين البيئة وخفض درجات الحرارة مرة أخرى.
وتقدم النائب عبد المنعم إمام رئيس حزب العدل، بطلب إحاطة إلى رئيس مجلس الوزراء، وزير البيئة، وزير التخطيط، وزير التنمية المحلية، بشأن “قطع الأشجار في جميع أنحاء مصر.
وقال إمام، إنه في الفترة الأخيرة، تم قطع عدد كبير من الأشجار في مختلف المحافظات بدون وجود بدائل مناسبة لتعويض الفاقد من المساحات الخضراء، هذا الأمر أثار العديد من الشكاوى من المواطنين والمجتمع المدني، الذين عبروا عن قلقهم من التبعات السلبية لهذه العمليات.
في الموازاة، أكد الدكتور عاصم الجزار، وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية المصرية، أن بلاده ممثلة في وزارة الإسكان، حرصت في كل مشروعاتها على زيادة نصيب الفرد من المسطحات الخضراء والفراغات العامة في المدن الجديدة سواء القائمة منها، أو التي بدأ تنفيذها مؤخرًا، وكذلك في العمران القائم.
وأضاف وزير الإسكان، أن كل المدن الجديدة تتمتع بمسطحات خضراء بمساحات كبيرة بما يحقق جودة الحياة للمواطن المصري، ويزيد حصة الفرد من المسطحات الخضراء والفراغات العامة، فهناك الحديقة المركزية بمدينة أسوان الجديدة، وحدائق مدن العبور، والعاشر من رمضان، وطيبة الجديدة، والحدائق المركزية بالعاصمة الإدارية الجديدة، والتي تبلغ مساحتها 1000 فدان.
ولفت الوزير، إلى أن الدولة لم تكتف فقط بتحقيق جودة الحياة للمواطن المصري في المدن الجديدة، بل امتدت يدها بالتطوير وإعادة الإحياء إلى العمران القائم، من أجل خلخلة الكثافات السكانية، وزيادة المسطحات الخضراء والفراغات العامة.
وتابع: تم زيادة نصيب الفرد من المسطحات الخضراء والفراغات العامة بالعمران القائم، نتيجة عدد من المشروعات التي تم ويجرى تنفيذها، ومنها حديقة تلال الفسطاط بمحافظة القاهرة بمساحة 500 فدان، والتي تجاور متحف الحضارة، وبحيرة عين الصيرة، ومجمع الأديان، وجامع عمرو بن العاص.
وزارة البيئة المصرية دخلت على خط الأزمة وقالت في بيان، إن العمل جارٍ على تنفيذ المبادرة الرئاسية “100 مليون شجرة”، التي تستهدف زراعة 100 مليون شجرة في غضون 7 سنوات، مع استهداف زراعة 1.5 مليون شجرة خلال العام المالي الذي ينتهي الشهر الحالي، مشيرة إلى أن العام الأول من المبادرة شهد زراعة 1.4 مليون شجرة.
أما الإعلامي أحمد موسى المقرب من السلطة هاجم منتقدي قطع الأشجار وكتب على صفحته على منصة إكس، إن مصر تزرع ملايين الأشجار، وتحول الصحراء إلى واحة خضراء، البلد تعمل كل حاجة جميلة، ولو قطعت شجرة مثلاً تزرع مكانها 10 أشجار، عاشت بلادي رغم كيد الأعادي”.
تعليقات الزوار
لا تعليقات