يتدحرج الوضع الأمني على طرفي الحدود منذ اغتيال القائد الميداني الكبير في حزب الله طالب سامي عبد الله. وأوردت وكالة رويترز أن حزب الله شنّ أكبر هجوم على إسرائيل منذ بدء الحرب، فيما أوردت صحيفة “معاريف” “أن الشمال يحترق وأننا نمر بيوم صعب للغاية مع هجوم غير مسبوق لحزب الله”. وتحدثت وسائل إعلام عبرية “عن مهاجمة 15 قاعدة للجيش الإسرائيلي وعن توقف الدراسة في صفد ومناطق محيطة بها بعد انطلاق صفارات الإنذار. وعلى الأثر، حمّلت الحكومة الإسرائيلية لبنان وحزب الله المسؤولية الكاملة عن تدهور الوضع على الحدود. وأوردت وكالة الصحافة الفرنسية أن “إسرائيل تتوعد بالرد بقوة على اعتداءات حزب الله”.
وأعلن حزب الله في بيان أنه “وفي إطار الرد على الاغتيال الذي نفذه العدو الصهيوني في بلدة جويا، شنت المقاومة الإسلامية هجوماً مشتركاً بالصواريخ والمسيرات حيث استهدفت بصواريخ الكاتيوشا والفلق 6 ثكنات ومواقع عسكرية هي: مرابض الزاعورة، ثكنة كيلع، ثكنة يوأف، قاعدة كاتسافيا، قاعدة نفح وكتيبة السهل في بيت هلل، وبالتزامن شن مجاهدو القوة الجوية بعدة أسراب من المسيرات الانقضاضية هجوماً جوياً على قاعدة داوود (مقر قيادة المنطقة الشمالية)، وقاعدة ميشار (مقر الاستخبارات الرئيسية للمنطقة الشمالية المسؤولة عن الاغتيالات) وثكنة كاتسافيا (مقر قيادة اللواء المدرع النظامي السابع التابع لفرقة الجولان 210)، وأصابت أهدافها بدقة”.
وأعلن الجيش الإسرائيلي إصابة اثنين من جنوده إثر إطلاق قذيفة صاروخية من لبنان نحو شمال البلاد. وقال في بيان إن “جنديين أصيبا بجروح متوسطة وطفيفة نتيجة تعرض منطقة في شمال البلاد (لم يذكرها) لإطلاق قذيفة صاروخية مضادة للدروع”. وأضاف: “تم نقل الجنديين لتلقي العلاج الطبي بالمستشفى”.
فيما قالت صحيفة “معاريف” العبرية الخاصة إن الجنديين المصابين كانا في مركبة (لم تحدد نوعيتها) أصيبت بصاروخ مضاد للدبابات أثناء تواجدها بمستوطنة موشاف مرجاليوت في الجليل الأعلى.
وجاء ذلك بالتزامن مع إعلان حزب الله استهداف آلية عسكرية إسرائيلية قرب الحدود مع لبنان بصاروخ موجه، دون أن يتبين على الفور ما إذا كان هذا الهجوم هو نفسه التي أعلنه الجيش الإسرائيلي أم لا، في ظل تباين المسميات للمناطق في إسرائيل بين التسمية العبرية وتسمية الحزب.
وقال حزب الله في بيان، إنه “عند وصول جيب عسكري من نوع همر إلى مثلث قدس يفتاح يوشع (شمال إسرائيل)، استهدفه مجاهدو المقاومة بصاروخ موجّه، وأصابوه بشكل مباشر ما أدى إلى تدميره وإيقاع من فيه بين قتيل وجريح”.
15 حريقاً
وتحدثت وسائل إعلام إسرائيلية بعد الظهر عن إطلاق حزب الله نحو 150 صاروخاً ومسيّرة تجاه إسرائيل خلال أقل من 40 دقيقة ما أدى إلى اندلاع 15 حريقاً في الجولان والجليل.
في المقابل، شن الطيران الحربي الإسرائيلي سلسلة غارات استهدفت أطراف مرجعيون لجهة دبين وجبل الريحان. كما أغار على أطراف بلدة حاريص وحرش بركات في أطراف بلدة جديدة مرجعيون ما تسبب باشتعال النيران في أشجار الصنوبر وهي المرة الثانية التي تستهدف فيها بلدة جديدة مرجعيون خلال هذه الحرب، إذ سبق ان استهدفت بغارة على مركز لحركة “أمل” وسط البلدة منذ بضعة أشهر وأدت إلى استشهاد ثلاثة عناصر للحركة. وفي وقت لم يسجل وقوع إصابات بشرية في غارة اليوم إلا أنها أدت إلى تحطم الزجاج في بعض المحال التجارية والمنازل المجاورة كما في مخفر مرجعيون الكائن في السرايا الحكومية في البلدة. وأدت غارة استهدفت محيط القطراني إلى نشوب حريق كبير في جبل بو راشد في منطقة جزين، كما شن الطيران 3 غارات على نهر يحمر الشقيف لجهة دير سريان.
وادعى الجيش الإسرائيلي أن مقاتلاته قصفت عدداً كبيراً من المباني التي تستخدم من قبل حزب الله في عيتا الشعب في جنوب لبنان. ونقلت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” عن جيش الاحتلال قوله “إن بنية تحتية أخرى لحزب الله قصفت في عيناتا أيضاً”.
إلى ذلك، حلّق الطيران الحربي الإسرائيلي فوق القطاع الشرقي خارقاً جدار الصوت، وصولاً إلى منطقة جزين، على علو منخفض.
وفي وقت أفادت القناة 13 الإسرائيلية بأن المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر يجتمع الأحد المقبل لبحث التصعيد على الجبهة الشمالية ومفاوضات صفقة التبادل، قال مسؤول أمريكي كبير لرويترز إن الولايات المتحدة تشعر “بالقلق الشديد حيال التصعيد على الحدود الإسرائيلية اللبنانية”. وشدد على السعي إلى “منع الوضع على الحدود اللبنانية من التحول إلى حرب شاملة”، لافتاً إلى أن “وقف إطلاق النار في غزة ليس كافياً بل نحتاج إلى ترتيبات محددة للأمن في الشمال”.
في المواقف، أكدت “كتلة الوفاء للمقاومة” أن “الكيان الصهيوني يفاقم التصعيد في لبنان متوهمًا أن اغتيال قادة ميدانيين للمقاومة يمكن أن يخفف من ثقل ضغوطه عليه لوقف حماقته في غزة”. وقالت “إن شهادة القائد أبو طالب ورفاقه لن تزيدنا إلا ثباتاً وإصراراً”.
20 ألف مقاتل
تزامناً، وفي موقف لافت حذّر رئيس حزب الوطنيين الأحرار كميل شمعون حزب الله من “أي توجّه للهجوم على المناطق المسيحية”، قائلاً: “لدينا 20 ألف مقاتل مسلحون ومدربون وجاهزون لساعة الصفر، ولا يراهن حزب الله على أي خطوة باتجاه مناطقنا، ولن نكون لوحدنا في مواجهته بل سيكون معنا المكوّنان الدرزي والسني”. وإتهم شمعون حزب الله بأنه “يسيطر على القرار في لبنان ويمنع انتخاب رئيس للجمهورية”، معتبراً “أن الحزب يريد تقسيم لبنان”، داعياً في حديث تلفزيوني الحزب إلى “أن يحسب طريق الرجعة وإلا سنكون له في المرصاد”. وفي موضوع التعويضات لشهداء الجنوب، قال شمعون “حزب الله هو من أخذ قرار الحرب، وعليه هو أن يدفع تعويضاً ماليا ومعنوياً لأهل الجنوب المتضررين”. وختم “أن ايران لا تريد التصعيد في لبنان، لأنها لا تريد حرباً شاملة في المنطقة، ولأنها تعلم أن التصعيد سيمتد إلى سوريا والعراق وصولاً إليها”.
رسالة عيد الأضحى
وفي رسالة بمناسبة عيد الأضحى، سأل مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان “أين صار انتخاب رئيس الجمهورية، وأين مجلس النواب المنتخب والمنقسم، وأين الحكومة؟! عندما نسمع وسائل الإعلام يُخيل إلينا أننا في حرب داخلية لا تقل هولاً عن اشتباكات الجنوب المستمرة. البلد مفلس، والحديث عن الفساد المالي والسياسي لا يتوقف، ولا أحد يخشى من المحاسبة في بلد القانون والحريات، وهي حريات في وجه المواطنين وحقوقهم وكراماتهم. لا ينبغي أن يظل الكلام عاماً ولا بد من تحديد الفاسدين سياسياً ومالياً بأسمائهم. وإذا لم يكن السياسيون مسؤولين عن حماية أحوال الناس وأعمالهم ومعيشتهم بل وقرارهم، فلماذا يبقى هؤلاء ويقتصر عملهم على إدانة بعضهم بعضاً؟ نحن بلد سائب من الداخل، وسائب تجاه الخارج”.
وأضاف المفتي دريان “إن رئاسة الجمهورية هي أساس التوازن الوطني، وهي الحكَم بين المؤسسات، والمحتوية لاستقرارها، فينبغي اجتراح الحلول والمخارج لإنجاز هذا الاستحقاق بالحوار والتشاور لمصلحة لبنان واللبنانيين، فدوامة الانتظار والتأجيل بدأت تطرح علامات استفهام على مصير لبنان واللبنانيين ومستقبلهم”. وختم “التضامن الداخلي ضرورة وطنية، علينا أن نتمسك باتفاق الطائف الذي يصون الدولة ويحصن الجميع، فالوطن لا يحتمل كبرياء ولا تعنت ولا انكفاء، ولا وضع شروط وشروط مضادة، فلبنان بلد التوافق والحوار، من أجل التفهم والتفاهم والتلاقي والوفاق. والمصلحة اللبنانية تقتضي التفاعل والتنسيق والتكامل مع الأشقاء العرب، وبخاصة مع دول مجلس التعاون الخليجي، لاسيما وأن لدينا مئات الآلاف من اللبنانيين يعملون ويساهمون في تنمية المجتمعات العربية، وهذا يعني أن نقابل الإخوة العرب بكثير من المودة والوفاء والمصالح المشتركة، وأي تعرض لأي دولة عربية هو تعرض للبنان وشعبه ومصالحه، فهل نحن متعظون؟”.
تعليقات الزوار
لا تعليقات