تظاهر آلاف من أنصار الاتحاد العام التونسي للشغل، أكبر مركزية نقابية في البلاد، اليوم السبت أمام مقر رئاسة الحكومة في العاصمة، رافعين شعارات تندد بما أسموه الوضع الاجتماعي والاقتصادي المتردي، فيما يبدو أن المنظمة الشغيلة تشهر مجددا ورقة الشارع بدعوى الدفاع عن حقوق الطبقات الشعبية بعد أن خسرت معركة لي الأذرع التي خاضتها ضد السلطة السياسية القائمة لاستعادة دورها كشريك في صنع القرار.
وقال الأمين العام للاتحاد نورالدين الطبوبي في خطاب أمام المتظاهرين "في كل مرة يشتد الخناق الاقتصادي والاجتماعي والفشل في رسم السياسات والخيارات الوطنية".
ورأى أن "الحوار الاجتماعي والاقتصادي مغلق تماما اليوم"، معتبرا أن تمكّن الدولة من سداد مستحقات ديونها الخارجية خلال العام 2023 "جاء على حساب الشعب وندرة المواد الأساسية"، منتقدا "تطبيق ملاءات صندوق النقد الدولي" على حساب التونسيين، رغم أن الرئيس التونسي كان واضحا في رفضه الرضوخ لشروط الجهة الدولية المانحة وذهب إلى حد تشبيهها بـ"تقريب عود ثقاب مشتعل من مواد شديدة الانفجار".
ونقل راديو 'موزاييك' المحلي الخاص عن الطبوبي قوله إن "تونس تمر بمنعرجات خطيرة ومرحلة صعبة تتطلب الحكمة"، مستدركا أن "الحكمة وبعد النظر لم تلتقطها السلطة السياسية ورأتها ضعفا من الاتحاد".
وتابع أن "تونس تشهد انتهاكات خطيرة للحقوق النقابية تجسدت عبر موجة من الإيقافات في صفوف النقابيين وإحالتهم على مجالس التأديب".
ولطالما شدد قيس سعيد على أن الحق النقابي يكفله الدستور التونسي، مؤكدا رفضه لتحويله إلى وسيلة لتحقيق مآرب سياسية، في رسائل غير مباشرة موجهة إلى قيادة اتحاد الشغل.
وكانت البلاد توصلت إلى اتفاق أوّلي مع صندوق النقد الدولي نهاية العام 2022 للحصول على قرض وضخّ ملياري دولار في اقتصادها، لكن المفاوضات تعثّرت حين عارض قيس سعيّد بشدة الإصلاحات التي أوصت بها المؤسسة المالية الدولية، معتبرا أنها تهدد السلم الأهلي للبلاد.
ورفع المتظاهرون لافتات كتبوا فيها "الحقوق الاقتصادية والاجتماعية عماد الديمقراطية الحقيقية" و"دفاعا عن الحوار الاجتماعي والمقدرة الشرائية".
وتشهد الأسواق في تونس نقصا في بعض المواد الغذائية الأساسية كالسكر والطحين والأرز التي يتم توريدها من الخارج وذلك على خلفية الحرب في أوكرانيا، فضلا عن تراجع احتياط البلاد من العملة الصعبة ولا تزال أزمة التزود بهذه المواد متواصلة مع اقتراب شهر رمضان.
ويواجه الاقتصاد التونسي صعوبات، إذ اقتصر النمو عام 2023 على 0.4 بالمئة، وفقًا للمعهد الوطني للاحصاء، فيما تشهد البلاد معدلات تضخم مرتفعة تصل إلى 8 في المئة على أساس سنوي بسبب ارتفاع أسعار الحبوب والطاقة المرتبطة بالغزو الروسي لأوكرانيا.
وتمكنت تونس من تسديد ديونها للعام الماضي مخالفة كافة توقعات وكالات التصنيف الدولية، بعد أن سجلت بعض القطاعات الاقتصادية تعافيا مثل السياحة التي تعتبر أهم محركات الاقتصاد التونسي.
ودأب الاتحاد العام التونسي للشغل على الدفع بأنصاره إلى الشارع كلما أحس بأنه بات على الهامش، فيما لم تلق مبادرته التي أنهى إعدادها ويروج لها على أنها تشكل خارطة طريق لتسوية ما يصفها بـ"الأزمة السياسية"، أي تفاعل من طرف الرئيس التونسي الذي رفض الرضوخ لكافة الضغوطات التي مارستها المنظمة.
تعليقات الزوار
اين انت يابو القاسم الشابي
إِذا الشَّعْبُ يوماً أرادَ الحياةَ فلا بُدَّ أنْ يَسْتَجيبَ القدرْ ولا بُدَّ للَّيْلِ أنْ ينجلي ولا بُدَّ للقيدِ أن يَنْكَسِرْ