أخبار عاجلة

الجزائر مصرة على إنجاح القمة العربية النوفمبرية

الجزائر ستكون قبلة للعرب، وسيحج إليها الكثير من الرؤساء والساسة العرب الذين إتفقوا على أن لا يتفقوا حتى في أحلك الأُمور وأصعبها، فرغم الإنهيار الإقتصادي الذي صاحبه تضخم وضعف للقدرة الشرائية العربية وهبوط في قيمة العُملات إلا أننا مازلنا مُصرين على الإختلاف وعدم الإتحاد الذي هو قوة ووسيلة صد للكثير من الهجومات والأزمات، لكن منطقنا الذي يُفكر به كثير من الساسة العرب يجعل فكرة الإتحاد في الوقت الراهن بعيدة كل البُعد وغير قابلة للنقاش، فكل رئيس عربي يُفكر في مصلحة بلاده وكيفية الخروج من النفق المُظلم الذي وضعته فيه الحرب الروسية الأُوكرانية، وكُورنا والأزمات الإقتصادية المُتتابعة، وحديثنا هنا لا يقتصر على البعض، بل الكُل مُشارك وله دور كبير في هذا الإنقسام الذي كانت ومازالت نتائجه السلبية لحد الساعة، فالإنهيارات بمُختلف أنواعها ستمسنا جميعا ولن تستثني أحد، فكلنا في الهم سوا وعدونا واحد ومعروف، فاليوم لُبنان وتونس وسوريا وغدا أُخرى مازالت تنعم بالإستقرار والهُدوء المُؤقت.

ولأن الجزائر جزء لا تتجزأ من الأُمة العربية، فهي دون شك ستفعل المُستحيل لجعل هذه القمة ناجحة ودرسا لمن يستهزأ بقدراتها الدبلوماسية وتحركاتها الخارجية، وبهذه المُناسبة بودي أن أفتح نقاشا قرأته وسمعته مرارا وتكرار منذ إعلان تاريخ القمة العربية النوفمبرية، فالكثير من الكُتاب والمُحللين العرب جعلوا من مجيء ملك المغرب حلقة نقاش في كثير من المواقع والبلاطوهات، والسؤال الذي كان يُطرح بإستمرار هو هل سيحضر ملك المغرب القمة؟ وماذا سيحدث إن لم يحضرها، وكالعادة بدأ القيل والقال حول الموضوع، فبلد المليون والنصف مليون شهيد إتبع البروتوكولات السياسية وأرسل مبعوثين لكل الرؤساء المعنين بالحدث، والكرة الآن في ملعب الملك “محمد السادس” وهو من يجب أن يُكذب كل ما يُقال هنا وهناك، حُضوره كمسؤول عربي لقمة عربية هدفها تحقيق الإستقرار العربي في كل المجالات مهم، والجزائر بهذا قد أدت ما عليها ولم تستثني أحدا رغم الخلافات مع بعض الحُكام حول أُمور تتعلق بالأمن الإستراتيجي والتطبيعات، فالملك وكل الرُؤساء مُرحب بهم وهي فُرصة للجُلوس على طاولة واحدة لفض النزاعات والوصول إلى حل توافقي يُرضي ويحمي حدود الجميع، فالقمة فُرصة للم الشمل وإيجاد حُلول سريعة لكثير من المُواطنيين العرب الذين يحلمون بإتحاد عربي كما الأُوروبي، لذا نتمنى أن تكون قمة عمل وبذل مجهود للخروج من كل المشاكل، لا قمة صور وإجتماعات فارغة، عناقات وحب مُبالغ فيه، فكُلنا يعرف أن قمة الجزائر ستكون إستثنائية وذات طابع خاص للأسباب التالية:

1ـ  إنعقادها في شهر الثورة، له وقع خاص علينا كجزائريين، ففي الفاتح من نوفمبر إنطلقت أول رصاصة ضد المُستعمر الغاشم. مُغتصب أرضنا وقاتل أبنائنا، فرنسا التي تسببت في جهلنا وتخلفنا، والمُصيبة أنها لا تريد الإعتراف وتعتبر هذا ماضيا وجب طيه.

2 ـ قمة تأتي في ظروف إقتصادية وسياسية صعبة تعيشها مُعظم الدول العربية، فجارتنا تونس وضعها الإقتصادي لا يُبشر بالخير، والشعب هناك يحتج على الوضعية التي  آل إليها البلد، من إنعدام لبعض المواد الغذائية الأساسية التي تدخل في صناعة وإنتاج بعض المنتوجات المهمة، فالسكر والقهوة والزيت أصبح إيجادهم صعبا إن لم نقل مُستحيلا، طبعا دون نسيان الغلاء الفاحش للمواد الغذائية والطاقة، والخلافات الداخلية بين المُعارضة  والرئيس ، لذا لابد من التحرك لإيجاد حل يحمي تونس وشعبها من الإنحدار نحو الهاوية، اليمنيون كذلك يُعانون من مجاعة خانقة، فحسب الإحصائيات مليون شخص مهدد بالمجاعة في هذا البلد العريق، فالحرب والتغيرات المُناخية أدت إلى هذه الكارثة، أما الإحتجاجات اللبنانية  فهي متواصلة لحد الساعة بسبب الغلاء وإنقطاع الكهرباء، ومشاكل مالية تسببت في غضب الناس وإقتحامهم البنوك لأخذ نُقودهم بالقوة، كل هذا يحدث بسبب المشاكل السياسية التي لم يجد لها أبناء البلد حلا، والفراغ الدستوري الذي تعيشه لُبنان وتأثيراته السلبية في هذا الظرف الصعب  على اللبنانيين، السودان والعراق وكثير من الدول العربية تُعاني وستُعاني إذا ما إنتهجنا نفس النهج وإتبعنا سياسة بعدي والطوفان.

3 ـ تغيرات المُناخ وتأثيراتها على مناحي الحياة، فالجفاف عم مُعظم الدول العربية وتسبب في غلاء الأسعار وإنعدام المياه المُتصارع عليها من النيل إلى الفُرات، فالمطلوب من القادة العرب مُعالجة هذا الملف بجدية، والتقليل من العوامل التي تُسبب الإحتباس الحراري وكل ما يضر بالمياه الجوفية والنبات والبيئة، والإكثار من التشجير، ورفض الإستثمارات التي تلوث الهواء، التكيف مع الوضع بخلق زراعات تتلائم مع التغيرات المُناخية، تقسيم المياه بعدل بين أبناء المنطقة وجيرانهم، فمصر والسودان دولتان عربيتان، وتكاثف الجهود لحل قضية سد النهضة مع إثيوبيا واجب، وتفعيل العلاقات وتقريب وجهات النظر مُهم جدا بين الدول الثلاثة بحضور أطراف أُخرى عربية لها وزن عربي ودولي وحتى إقليمي.

4 ـ قمة تأتي في ظل حرب روسية أُوكرانية أخلطت حسابات الكل، فالتعاون العربي الإقتصادي مهم جدا في هذه الفترة الحرجة أين بعض الدول تأثرت بشكل كبير جراء هذه الحرب وخاصة تلك التي تستورد القمح من أُوكرانيا كمصر، اليمن والسودان، لذا مُهم جدا تكثيف الجهود والتعاون الإقتصادي لحماية ما تبقى من الأمة،  فكدول عربية حبانا الله بنعم كثيرة، لو عرفنا كيف نستغلها ونتعاون فيما بعض لما وصلنا إلى هذه الدرجة ولما إحتقرنا الغرب، ولما عانت بُلداننا المجاعة وعدم الإكتفاء الغذائي.

5 ـ قمة تأتي وكل الدول العربية مُطبعة مع عدو الأمة إسرائيل، لكن هل سيتطرق القادة العرب لهذا الموضوع أم يمرون عليه مُرور الكرام؟ طبعا التطبيع شأن داخلي لكل دولة، والجزائر معروفة بسياسة الحياد وعدم التدخل في شؤون الآخرين، لكن هذا لا يعني أن لا يكون نقاش جدي حول الموضوع لحماية المصالح العربية والقضية الفلسطينية التي تبقى قضية عربية مُهمة، فالنقاش الهادف والشفاف مٌهم للجميع حتى نضع حدا للغطرسة الصهيونية، ولما لا الإنعتاق من هذه التبعية والعودة إلى صواب الرُشد بالإتحاد ونبذ الصهيونية وإسرائيل مهما كانت النتائج والعُقوبات.

6 ـ قمة تأتي والوحدة المغاربية مُهددة، فالصراعات بين الدول التي تنتمي للمغرب العربي الكبير في تفاقم، وكل مرة نسمع بمشكلة بين الجيران، فمرة بين الجزائر والمغرب، وأخرى بين موريتانيا والمغرب، آخرها كان بين تونس والمغرب، فكيف نُحاول لم الشمل العربي والمغاربي في خطر؟

7 ـ الفصائل الفلسطينية غير مُتفقة مع بعضها البعض، فكل واحدة ترى أنها على حق وترفض التنازل عن كبريائها وغطرستها، والضحية كالعادة المُواطن الفلسطيني والرابح هي إسرائيل، فقبل الإستنجاد بالآخر وطلب المُساعدة وجب الإعتماد على المُعطيات الموجودة أمامك، فإجتماع الجزائر سيكون دفعا فقط لتقريب الآراء ونبذ الخلافات، ولكن لن ينجح مادام الكُل مُصر على عدم الإعتراف بالآخر، وقُبول العمل معه بجدية، هناك من يقول أن هذه الفصائل لن تتحد، مادام هناك تدخلات من خارج وداخل البيت الفلسطيني، أفواه تُريد منع هذا الإتحاد ونشر الفتنة بينهم، وإسرائيل مع حُلفائها العرب والغرب في أول القائمة، هناك بعض الآراء التي ترى أن وضع اليد في اليد للفلسطينيين سيزيد من غضب وحنق الإسرائيليين وسيُترجمون كل هذا على أرض الواقع بصواريخ وتدمير لغزة والضفة، لكن رغم هذا نتمنى من الإخوة الفلسطينيين أن يتعلموا الدرس ويكفوا عن تعذيب وقتل أبناء وطنهم أكثر.

أما عن نجاح القمة فنقول أن الوقت سابق لآوانه للحُكم عليها ولنترك كل شيئ لوقته، صحيح أن كل المُؤشرات تقول أن الوضع العربي والعلاقات بين حُكامه لا تسمح بتجميعهم مع بعضهم البعض، فالمغرب والجزائر لا يتفقان حول الصحراء الغربية، مصر والجزائر غير مُتفقان حول القضية الليبية، قطر ترفض عودة سوريا للقمة والآخيرة بضغوطات خارجية ترفض دعوتنا ، التكتلات والمصالح التي تجمع دول عربية مع أُخرى ، في حين أننا كعرب نرفض التكتل والعمل الجماعي، الإخوة في فلسطين مُنقسمون ومُنشقون، فللأسف رغم وُجودنا على نفس الأٍرض والخريطة والموقع ، إلا أننا نعيش العُزلة والإنحصار، ودائما في حروب مع بعضنا البعض بطريقة مُباشرة وغير مُباشرة، شخصيا لست مُتفائلة كثيرا بهذه القمة الشكلية، فعوض هدر المال والوقت في النفاق السياسي، لما لا يُحاول القادة العرب وضع حُلُول جذرية لما يحدث، نحن لا نريد بيان تاريخي مُنمق بالألفاظ وصورة جماعية بإبتسامات كاذبة، فجيل اليوم من كثرة ما رأى وسمع من كذب من حكامهم، طلقوا السياسة ولم يعودوا يهتموا بأي حدث عربي، لدرجة أنك لما تسأل أحدهم عن القمة العربية، يضحك ويقول وهل يوجد عرب أصلا لكي تكون لهم قمة، فمادمنا نحتاج لتأشيرة للدخول إلى أرض عربية أُخرى ، ولا نستفيد من إتفاقيات التبادل العربي المُشترك، ولا نملك سوقا تنافس السوق الصينية، فالمواطن العربي لن يهتم للشكليات ونفاق الإعلام ،فالقمم العربية لم تعد ذات أهمية كُبرى ومُستقطبة للرأي العربي والغربي، لذا نرى أن تناول الإعلام الجزائري للحدث كان مُبالغا فيه بعض الشيئ، لأن قبل هذا كان لقاء مصري عراقي أردني في 2020  لوضع شراكة إقتصادية بين هذه البُلدان الثلاث، ثم بعدها دخلت  الإمارات والبحرين على الخط، وطبعا إذا دخلت دول أخرى عربية لها وزن كالسُعودية فسلام على القمم العربية ونتائجها.

وفي الأخير نقول لضيوف الجزائر مرحبا ويا ضيفنا لو زرتنا لوجدتنا نحن الضيوف وأنت رب المنزل، ونتمنى أن تُحل كل الخلافات وترجع الوحدة العربية.

وجيدة حافي

اضف تليق

Leave this empty:

شارك

تعليقات الزوار

لا تعليقات