أخبار عاجلة

ريما حسن تستحضر سيرة العربي بن مهيدي لكسر الحصار عن غزة قبل اعتقالها

في طريقها إلى المياه الإقليمية الفلسطينية لكسر الحصار عن غزة، نشرت النائبة الأوروبية تغريدة مليئة بروح التحدي، تستحضر سيرة بطل الثورة الجزائرية العربي بن مهيدي الذي يعد أحد أكبر رموز مقاومة الاستعمار في العالم بابتسامته الخالدة حتى وهو يساق إلى الإعدام.

وكتبت النائبة ذات الأصول الفلسطينية متوقعة توقيفها من قبل الجيش الإسرائيلي: “عندما يعتقلوننا، سأنظر إليهم كما نظر العربي بن مهيدي إلى مستعمري أرضه: بهدوء، وبثقة في حتمية تحرير فلسطين. إنهم مجرد محتلين لهذه الأرض، أما نحن فجذورها الراسخة.” وتابعت بعبارات تنضح بإيمان عميق بقضية شعبها: “نظن أننا نحن مَن نحرر فلسطين، لكنها في الحقيقة، هي التي تحررنا كل يوم أكثر فأكثر”.

وفي سياق كلامها المليء بالرسائل، وجهت حسن اتهامات صريحة للمتسببين بمأساة شعبها قائلة: “أُحمّل المسؤولية للتواطؤ الاستعماري الغربي، أُحمّل المسؤولية للجبن العربي، أُحمّل المسؤولية لتواطؤ البرجوازية الفلسطينية”. وختمت كلماتها برسالة دعم مفتوحة لكل من يختار طريق المقاومة: “كل الدعم للمقاومين، للثوار، للمتمردين، للحالمين، للمنشقين، ولمن لا يتأقلمون مع فوضى هذا العالم. قبل أن تنهي تغريدتها بعبارة خالدة للعربي بن مهيدي تحولت إلى دستور لكل الثورات “ألقوا بالثورة في الشارع، سيحتضنها الشعب”.

 

ويمثل العربي بن مهيدي في الوجدان الجزائري، أحد أبرز الأبطال الذي ساهموا في تحرير البلاد من المستعمر الفرنسي. وبعد اعتقاله في فبراير 1957 خلال معركة الجزائر، واجه مهيدي أقسى أنواع التعذيب على يد المظليين الفرنسيين بقيادة الجنرال بيجار، دون أن يصدر عنه أي اعتراف أو يبوح بأي سر يخص الثورة. ورغم السجن والتعذيب، ظل بن مهيدي محتفظا بابتسامته الهادئة التي حيّرت سجّانيه، وعبّرت عن صلابة لا تتزعزع وإيمان راسخ بعدالة القضية.

وحين عجزت السلطات الفرنسية عن كسر إرادته، أقدمت على اغتياله في زنزانته، ثم ادعت أنه انتحر، قبل أن يعترف الجنرال أوساريس لاحقًا بأنه قُتل بأمر مباشر من القيادة الفرنسية. وانتظر العام أكثر من ستين سنة حتى تعترف فرنسا أخيرا عبر بيان لرئاستها أنها قامت باغتيال العربي بن مهيدي.

وترتبط ريما حسن بعلاقة خاصة مع الجزائر التي تدافع عنها باستمرار في وجه تهجمات اليمين واليمين المتطرف في بلادها فرنسا. وكانت في الأشهر الأخيرة، قد تعرّضت لهجوم سياسي وإعلامي غير مسبوق من قبل أطراف يمينية في فرنسا، عقب تصويتها ضد اللائحة الأوروبية التي طالبت بالإفراج الفوري عن الكاتب المسجون في الجزائر بوعلام صنصال، حيث اتُّهمت بـ”الاصطفاف إلى جانب النظام الجزائري” وبـ”موقف سياسي مشين” وفقًا لما صرح به وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو لقناة “سي نيوز”.

وقد ردّت ريما حسن على هذه الانتقادات بتوضيح موقفها، مؤكدة أن رفضها للائحة لم يكن اعتراضا على المبدأ الإنساني المتعلق بصنصال، بل على توظيف قضيته من قبل أطراف فرنسية لم تدِن في المقابل جرائم الإبادة في غزة والضفة الغربية. وفي مداخلتها بالبرلمان الأوروبي، شددت على أن اعتقال صنصال لم يكن بسبب أعماله الأدبية، بل بسبب مواقفه المرتبطة بخطابه الغارق في تمجيد الاستعمار، معتبرة أن تقديمه كرمز للتنوير هو جزء من لعبة سياسية لليمين المتطرف.

وعلى خلفية دفاعها المستمر عن الجزائر، تفجّر غضب آخر ضدها قاده المتطرف إيريك زمور، الذي دعاها بشكل علني إلى التخلي عن جنسيتها الفرنسية و”طلب الجنسية الجزائرية من الرئيس تبون”، في تدوينة هاجم فيها ريما حسن بعد أن نشرت تغريدة فضحت فيها الجرائم الاستعمارية الفرنسية في الجزائر. واتهمها زمور بأنها “تجهل التاريخ”، مكرّرا مزاعم استعمارية تنكر وجود كيان وطني جزائري قبل 1830، مدّعيا أن “الجزائر كانت قاعدة للقراصنة البربر”، وأن “فرنسا لم ترتكب إبادة” بل “رفعت عدد السكان من مليون إلى عشرة ملايين”.

وكعادتها، تدخلت ريما حسن بشجاعة لتظهر الحقائق بعيدا عن تزييف لغة المستعمر، حيث كتبت تقول: “فرنسا ارتكبت مجازر بحق ثلث سكان الجزائر، ومارست الاغتصاب والتعذيب والنهب، واستخدمت صحراء الجزائر لإجراء تجارب نووية تتجاوز في قوتها قنبلة هيروشيما، وتركت نفايات مشعة ستظل تؤثر على الأجيال لآلاف السنين”. وأكدت أن “فرنسا لا تُدين فقط بالاعتذار، بل مطالبة بعدالة تعويضية حقيقية للجزائريين”.

وتعكس الهجمات المتكررة التي تتعرض لها ريما حسن حجم الضيق الذي يسببه خطابها الصريح والمبدئي، سواء في الدفاع عن القضية الفلسطينية أو في كشف جرائم الاستعمار الفرنسي في الجزائر، ما جعلها هدفا مباشرا لليمين المتطرف، ولأصوات تعتبر انتقاد الماضي الاستعماري تهديدا لهوية فرنسا الحديثة.

اضف تليق

Leave this empty:

شارك

تعليقات الزوار

لا تعليقات