أخبار عاجلة

الجزائر تكتفي بـ"الأسف" وتتجنب استدعاء سفيرها من لندن بعد إعلان تأييدها لمقترح الحكم الذاتي في الصحراء

للمرة الثانية لجأت الجزائر للتعبير عن "أسفها" فقط من موقف داعم للمغرب في قضية الصحراء، دون اللجوء إلى استدعاء السفير، بخلاف ما فعلته مع كل من إسبانيا وفرنسا، حيث اكتفت بإصدار بلاغ أعربت فيه عن "أسفها" من إعلان المملكة المتحدة لتأييدها للحكم الذاتي المغربي لحل نزاع الصحراء.

وكانت الجزائر قد أعلنت أيضا في أبريل الماضي، عن "أسفها" لتجديد الولايات المتحدة الأمريكية تأييدها لمقترح الحكم الذاتي لحل نزاع الصحراء تحت السيادة المغربية، مع تجديد اعترافها بسيادة المغرب على الصحراء، عبر وزير الخارجية، ماركو روبيو، وهو موقف جد متقدم، اكتفت الجزائر تُجاهه بالتعبير عن الأسف دون استدعاء للسفير أيضا.

    

ووفق العديد من المتتبعين لقضية الصحراء المغربية، فإن تباين ردود فعل الجزائر بشأن المواقف الدولية الداعمة للمغرب في هذا الملف، يُظهر "التناقض الواضح" في تعاملها مع القضية بما يتماشى مع مصالحها الخاصة، وليس بناء على المواقف التي تصفها بـ"الثابتة" من قضية الصحراء.

كما يبدو واضحا من خلال تباين رود فعلها، أن الجزائر تخشى الدخول في أزمات مع دول ذات تأثير سياسي واقتصادي كبير على المستوى الدولي، مثل الولايات المتحدة الأمريكية، وبريطانيا، خاصة أنها فشلت في تحقيق أي نتائج من وراء التصعيد الذي قامت به تُجاه كل من إسبانيا وفرنسا، ولازالت تعيش إلى الآن على وقع توتر حاد مع باريس بسبب موقف الأخيرة الداعم لمقترح الحكم الذاتي المغربي لحل نزاع الصحراء.

ويلعب جانب الروابط الاقتصادية دورا مهما في تباين ردود فعل الجزائر، حسب بعض المهتمين بملف الصحراء، فالولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا لا تربطهما روابط اقتصادية كبيرة مع الجزائر، كما أنهما لا يعتمدان على صادرات الطاقة الجزائرية بشكل كبير، خاصة واشنطن. في حين أن نسبة اعتماد لندن على الغاز الجزائري ضئيلة جدا، وتُعتبر "ورقة الطاقة" هي الورقة الوحيدة في رصيد الجزائر التي تستعملها لمحاولات الضغط على الأطراف الدولية.

وحتى هذه الورقة، في وقت سابق، فشلت الجزائر في تحقيق أي مكاسب عبرها، حيث فشلت في تغيير موقف إسبانيا الداعم لمقترح الحكم الذاتي المغربي، ثم اضطرت بعد سنتين من الأزمة، إلى تعيين سفير جديد في مدريد دون أن تُحقق أي نتيجة من ضغوطاتها، وهي تفشل إلى حدود اليوم في تغيير موقف فرنسا في نفس القضية، بل ازدادات علاقاتها توترا وتأزما مع باريس دون أية مكاسب تُذكر.

ويُرجح أن الجزائر تُدرك أن خطواتها التصعيدية، التي لم تُحقق أي نتائج مع دول ترتبط معها بالعديد من الروابط الاقتصادية، فإنها لن تُحقق أي شيء مع دول هي في غنى عنها اقتصاديا وسياسيا، بل بالعكس، قد ينعكس ذلك سلبا عليها ويُؤثر على صورتها وحضورها على المستوى الدولي، وهو ما تتجنبه عبر الاكتفاء ببلاغ "تأسفي" دون أن تتبعه بقرار تصعيدي.

ويشير بعض المحللين السياسيين إلى أن الجزائر تلجأ إلى هذه البلاغات لـ"الاستهلاك الداخلي" بالدرجة الأولى، وقد سبق أن قال المحلل السياسي، خالد الشيات، في هذا السياق، بعد تجديد الولايات المتحدة في أبريل الماضي اعترافها بسيادة المغرب على الصحراء وخروج الجزائر ببلاغ أعربت فيه عن أسفها، (قال) إن الجزائر اضطرت للرد على الولايات المتحدة بهدف أن "تُبقي مفهوم البطولة كآلية من أليات التصريف الداخلي، بأنها قادرة على الرد على الولايات المتحدة".

وأضاف المتحدث نفسه في تصريح لـ"الصحيفة" بأن الجزائر "تتعامل بنوع من التصعيد البطولي مع الدول التي تستطيع أن تفرض عليها بعض توجهاتها، لكنها لا يمكن إلا أن تتعامل مع الولايات المتحدة بهذه الطريقة اللينة"، مشيرة إلى أن الجزائر "سعت مرارا وتكرارا إلى تقديم العديد من المزايا لإرضاء ترامب، على المستوى الموارد الطاقية والمعادن النادرة"، لكن دون جدوى.

ولا يختلف سياق البلاغ الجزائري تُجاه بريطانيا عن السياق الأمريكي، ما يشير إلى أن الجزائر تحاول بعث رسائل إلى الداخل بأنها تستطيع الرد على أي دولة تتخذ موقفا لصالح المغرب في قضية الصحراء، لكن مضمون البلاغ يوجد فيه تباين واضح يؤكد تناقضات الجزائر الكثيرة في ملف الصحراء.

اضف تليق

Leave this empty:

شارك

تعليقات الزوار

لا تعليقات