أخبار عاجلة

السينما التونسية تغرق في \'مستنقع\' الاباحية

من مشاهد الحمّام والاباحية الى السهر في العلب الليلية والمجون... تلك هي المواضيع المطروحة في السينما التونسية التي يعتبرها البعض تحلق خارج سرب مجتمع انهكته المشاكل الاجتماعية والاقتصادية لوقت طويل لتنضاف اليها قائمة التحريم والتحليل وحوادث التشدد والارهاب في عهد ما بعد ثورة الياسمين.

ويوجد قرابة 11 شريطا سينمائيا تدور أحداثه في الحمام، 15 عنوانا أو أكثر تصوّر لقطات جنسية.. والعنف اللفظي يخيم تقريبا على جلّ الأفلام التونسية.

"الخشخاش"، و"صمت القصور"، و"الحلفاوين"، و"عصفور سطح"، و"الدواحة"، و"المشروع" بعض العناوين من جملة مئات الأشرطة السينمائية التونسية بين أفلام قصيرة وطويلة تدور أحداثها في "الحمام" وغرف النوم والمرحاض والعلب الليلية وتصوّر المرأة الجسد والرجل الشاذ والشاب المدمن... مواضيع مستهلكة تتكرّر من شريط الى آخر باتت تؤرّق المشاهد التونسي وتعلن عن أزمة السيناريو في السينما التونسية.

ويعتبر شق كبير من الشارع التونسي ان السينما التونسية تحاول جاهدة الانخراط في المنظومة التجارية للسوق السينمائية العالمية حتى على حساب الذوق العام.

كما انها بعيدة عن الواقع التونسي ومشاغل الناس. وينتقد صف من المثقفين قيام وزارة الثقافة التونسية بمنح الامتيازات المادية وبسخاء لافلام العري والجنس والكبت.

ويتخبط المجتمع التونسي في مشاكل لا حصر لها وأغلب فئاته تعاني في صمت قاتل، لكن إنارة الواقع وكشف المستور لم يأخذ بزمامه رجال السينما ولا النخبة المثقفة.

وكشف المعهد الوطني للاحصاء في أحدث إحصائيات له حول معدلات الفقر في تونس أن حوالي مليون ونصف مليون تونسي من اجمالي 10 ملايين ونصف مليون ساكن يرزحون تحت خط الفقر.

كما اعتبر محافظ البنك المركزي التونسي الشاذلي العياري الجمعة ان آفة البطالة المزمنة ستستمر ما لم تحصل "معجزة" في تونس التي تتزايد فيها المشاكل الاجتماعية العنيفة احيانا بعد سنتين على الثورة.

واضاف ان "عدد العاطلين عن العمل كبير جدا، يبلغ 700 الف، مع 100 الف شخص يدخلون سنويا (سوق العمل) منهم 50بالمائة من الحاصلين على الاجازات الجامعية... وحتى اذا ما استحدثت 100 الف فرصة عمل سنويا، لن نتمكن من خفض المخزون" من العاطلين عن العمل.

وكانت البطالة والعوز في صفوف الشبان خصوصا، من بين ابرز العوامل التي فجرت ثورة كانون الثاني/يناير 2011. لكن الخيبة بددت الامال وتفشت المشاكل الاجتماعية التي غالبا ما تحولت اعمال عنف.

وادى الوضع الامني الهش منذ سنتين وضبابية المستقبل السياسي للبلاد الى استمرار نزوح الاستثمارات الاقتصادية.

ويعيش المجتمع التونسي بعد الثورة في كابوس التشدد الديني وزحف الموجة السلفية التي زادت من اوجاع الشعب وهمومه.

واحدث فيلم "عصفور سطح" للمخرج التونسي فريد بوغدير الذي أنجزه سنة 1990 صدمة في اوساط الشارع التونسي امتدت لفترة طويلة.

وتتحدّث قصّته عن طفل يقترب من سنّ المراهقة، فيتعلّق بعالم الإناث وتأسره الرغبة في اكتشاف أسرارهنّ الصغيرة.

وقد كان له ما أراد عندما اصطحبته والدته إلى حمّام النساء مرارا فحدّق في الأجساد العارية التي أحاطت به.

وتعتبر مشاهد الحمّام وما فيها من مظاهر العري لازمة تتكرّر في الأفلام التونسيّة لدى جيل من المخرجين، ما اعتبره بعض النقّاد إساءة للمجتمع وللمرأة التونسيّة بالخصوص.

وتطل المرأة على صفحات الجرائد ضحية لعنف الرجل، وفي الفيديو كليب راقصة، وفي السينما والتلفزيون ممثلة تتركز أغلب أدوارها على الاغراء والاثارة او الضحية فتكون على شاكلة ربة البيت المضطهدة والمغلوبة او الريفية الجاهلة وغيرها من الأدوار الموغلة في الدونية والسلبية.

وركز نجوم الاخراج في تونس على الاضطهاد العاطفي والاجتماعي والجنسي للمرأة داخل المجتمع امثال نوري بوزيد في شريطه "بنت فاميليا" وكذلك في شريطه "عرائس الطين" وعبد اللطيف بنعمار في شريطه "نغم الناعورة" لقدرتها العالية على استقطاب المشاهد بما تحويه من مشاهد اثارة حتى ان بعضها كان يكتب عليه ممنوع من العرض لاقل من 18 عاما.





سينما تختصر الحياة في الجنس

واعتبر المنتج التونسي مليك كشباطي ان بلاد الياسمين تزخر بالطاقات الإبداعية التي لا توظف في الطريق الصحيح.

واضاف ان الحل للخروج من الازمة الراهنة ينحصر في توحيد صفوف أهل المهنة ومطالبهم واضاف ان "الأمل الوحيد أن تحصل ثورة ثقافية للخروج من الركود المؤسساتي السائد والنهوض بالمستوى الفني".

واعتبر كاتب تونسي ان الافلام التي تحرك الغريزة في المقام الاول وتصور مستنقع العنف والجنس بادق تفاصيلها تضر بالمراهقين والشباب وتضع المنظومة التربوية وكافة القيم الأخلاقية والمدنية للمجتمع لاسيما ما يتعلق بحقوق المرأة في وضع لا يحسد عليه.

واعتبر السيناريست الناصر السّردي إن المشكل يكمن في أزمة الابداع مضيفا أن كتاب السيناريو في تونس يدرسون تقنيات الكتابة السينمائية فقط ويتغافلون عن معرفة الفنون الأخرى وهنا مكمن الداء.

ويضيف "كتاب السيناريو اليوم تنقصهم الإحاطة بالفنون الأخرى لأن من يكتب للسينما يجب أن تكون له دراية بالموسيقى والفن التشكيلي والاقتصاد والسياسة لأن السينما فنّ شامل".

وتواجه اتهامات كثيرة للسينما التونسية من بينها تشويه الذوق العام والمس بتقاليد المجتمع التونسي المسلم المعتدل باقحامه في خانة الشذوذ والسلبية.

في حين يدافع اهل المهنة بشراسة عن افكارهم ويعتبرونها وليدة المجتمع ولصيقة بهمومه ومشاغله باعتبار ان الجنس يفتح الباب على مصراعيه امام الانحلال الاخلاقي والفكري كما انه نتاج طبيعي للفقر والفاقة والحرمان وهو ما يتطرقون اليه في افلامهم.

ويعتبرون انه من الظلم الحكم عليهم وافلامهم لا تتعدى اصابع اليدين في العام باكمله وهو ما يقف حاجزا امام التنويع والتعدد.

ويفيد مخرج تونسي في هذا الصدد، الاشكال الحقيقي يكمن في شح الانتاج وقلة الشركات المنتجة للافلام والتي يشترط بعضها تناول مواضيع دون غيرها حتى انه يتدخل في موضوع الفيلم وطريقة اخراجه.

واعتبر نقاد ان الأفلام التونسية قليلة الظهور لأسباب عدة لعل أهمها محدودية سوقها وهي من العوامل الهيكلية التي تخرج عن نطاق إرادة المشتغلين بها مما يقلل من إمكانيات رواجها وبالتالي تمويلها أو دعمها.

اعداد : لمياء ورغي

اضف تليق

Leave this empty:

شارك

تعليقات الزوار

لا تعليقات