قالت صحيفة لوموند الفرنسية، إنه تم العفو عن الكاتب بوعلام صنصال من قبل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون يوم الأربعاء، قبل أن ينقل إلى برلين لتلقي العلاج. وقد سمحت الوساطة الألمانية للرئيس الجزائري بألا يظهر وكأنه خضع لضغوط فرنسية.
الوساطة التي قام بها الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير أنهت أحد الملفات الخلافية العديدة التي تسببت في أزمة حادة بين باريس والجزائر منذ خمسة عشر شهرًا، تضيف صحيفة لوموند، مُشيرة إلى الرئاسة الألمانية أرسلت طائرة حكومية كان على متنها مستشار الشؤون الخارجية لشتاينماير، وولفغانغ دولد.
وبمجرد الإعلان عن الإفراج عن الكاتب، اتصل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بنظيره الألماني “ليعبر له عن امتنانه العميق للوساطة الألمانية”.
وأوضحت صحيفة لوموند أن مصادر فرنسية وألمانية تؤكد أن مبادرة الوساطة جاءت من ألمانيا وحدها، وقد بدأت المفاوضات مع الجزائر “منذ عدة أشهر”، بحسب ما أفادت به الرئاسة الألمانية. وقد كانت هذه الوساطة مناسبة تمامًا لفرنسا، التي كانت تبحث عن “طرف ثالث موثوق” يساعدها على حل هذه الأزمة المعقدة، تقول الصحيفة.
سيناريو مثالي للخروج من الأزمة
في باريس، تتابع صحيفة لوموند، كان يُعلم جيدًا أن عبد المجيد تبون لا يمكنه أن يمنح إيمانويل ماكرون مباشرة عفوًا عن بوعلام صنصال، لأن ذلك كان سيجعله يظهر أمام الرأي العام الجزائري وكأنه خضع للضغوط من المستعمر السابق، في وقت كانت فيه اليمين واليمين المتطرف في فرنسا يهاجمان الجزائر بشدة.
لذا فقد كانت الوساطة الألمانية بمثابة المخرج المثالي للأزمة، وهي خطوة “شاركت فيها باريس عن قرب”، بحسب أحد المعنيين بالعلاقات الثنائية.
وأضاف هذا المصدر: “الظروف التي تمت فيها عملية العفو والإفراج عن صنصال سمحت لكل طرف بأن يحافظ على ماء وجهه ويخرج منتصرًا من الأزمة”.
من الجانب الجزائري، توضّح صحيفة لوموند، استُقبل العرض الألماني بترحيب خاص، بالنظر إلى العلاقة الجيدة بين تبون وشتاينماير، والتي تعود إلى فترتي علاج الرئيس الجزائري في ألمانيا -شهران في برلين أواخر عام 2020، وشهر في كولونيا مطلع عام 2021- حين أصيب بفيروس كورونا بشكل حاد.
وقد أراد الرئيس الجزائري من اختياره العلاج في ألمانيا أن يميز نفسه عن سلفه عبد العزيز بوتفليقة، الذي كان يتلقى العلاج عادة في باريس.
ووفق مصدر فرنسي، فإن “تبون يحتفظ بشعور بالامتنان تجاه ألمانيا بسبب الرعاية التي تلقاها هناك”. ومنذ ذلك الحين، يجري الرئيسان الجزائري والألماني اتصالات منتظمة، تنقلها دائمًا وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية.
ورأت الجزائر في الوساطة الألمانية وسيلة لتوسيع هامش حركتها الدبلوماسية في وقت كانت فيه الأزمة مع فرنسا تؤثر سلبًا على علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي، لا سيما في مفاوضات إعادة النظر في اتفاق الشراكة الذي تطالب به الجزائر.
ويقول مصدر فرنسي: “كان هناك تيار داخل النظام الجزائري يخشى أن تؤدي الأزمة مع فرنسا إلى شلّ العلاقة مع أوروبا”، كما تنقل عنه صحيفة لوموند دائماً.
أما بالنسبة لألمانيا، فرغم تضامنها مع فرنسا في هذا الملف، فإن لها مصالح خاصة في منطقة المغرب العربي، خصوصًا في المجال الأمني.
فهي تحتل المرتبة الثالثة كمزود رئيسي للسلاح للجزائر بنسبة 14% من السوق، بعد روسيا (48%) والصين (19%)، وذلك خلال الفترة بين عامي 2020 و2024، بحسب معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI)، تُشير صحيفة لوموند.

تعليقات الزوار
لا تعليقات