أخبار عاجلة

لوفيغارو: الجزائر أصبحت شغف سياسي فرنسي

تحت عنوان “الجزائر.. شغف سياسي فرنسي” أو “هواية سياسية فرنسية”، كتب Albert Zennou، رئيس تحرير القسم السياسي بصحيفة لوفيغارو الفرنسية – في مقال له بالصحيفة، أنه رغم أن اتفاقيات إيفيان قد تم توقيعها منذ 63 عامًا، إلا أن القضية الجزائرية ما تزال محل نقاش في فرنسا، كما أثبت الصراع الأخير حول قوة المهام المشتركة مع ما يترتب على ذلك من آثار فيما يتعلق بالهجرة والتوترات الدبلوماسية والعلاقات الاقتصادية في المنطقة.

وتساءل الكاتب إن كانت الجزائر هوسا فرنسيا، قائلاً إنه منذ عام 1830، تاريخ بداية الغزو، حافظت فرنسا على علاقة متناقضة مع مستعمرتها السابقة، علاقة انجذاب ونفور، علاقة دعم ومعارضة، علاقة تقارب وتباعد. وجعل شبح الاستعمار والماضي المؤلم لحرب الاستقلال وتواجد عدد كبير من الجزائريين في فرنسا من القضية الجزائرية موضوعا سياسيا قابلا للاشتعال. ولكن الاستقلال في عام 1962 لم يضع حدا للنقاش أو التوترات بين البلدين. فقد تركت الحرب آثاراً عميقة، مع قضايا ذاكرة ودبلوماسية واجتماعية واقتصادية.

ومن خلال الجزائر، أكثر من أي مستعمرة سابقة أخرى، تتساءل فرنسا عن ماضيها الاستعماري وعلاقتها بالهجرة. فالوضع فريد من نوعه لأن المستعمِرين والمستعمَرين السابقين يعيشون أيضًا على نفس المنطقة السداسية. أدى الخلاف بين الجزائر وباريس بشأن رفض إصدار بطاقات قنصلية للجزائريين غير المرغوب فيهم على الأراضي الفرنسية إلى إحياء التوترات بين البلدين. ولقد شعر جزء من اليسار الفرنسي بالإهانة بسبب دخول الحكومة في مواجهة مع الجزائر بشأن هذا الموضوع، وفق الكاتب.

وحتى رئيس الجمهورية أراد أن ينأى بنفسه عن تعليقات رئيس الوزراء ووزير الداخلية فرانسوا بايرو وبرونو روتايو من خلال رغبته في تهدئة العلاقات. وذكّر الرئيس في أعمدة صحيفة لوفيغارو بأن اتفاقية 1968 الشهيرة التي تمنح امتيازات للجزائريين الذين هاجروا إلى فرنسا كانت من مسؤوليته. وفي سياق ضمني، أشار إلى أنه يعارض إلغاء هذه الاتفاقية حتى لو كان الهدف إجبار الجزائر على استعادة مواطنيها الذين تعتبرهم فرنسا غير مرغوب فيهم. ولكن ماذا نفعل مع المرحلين الذين ترفض الجزائر استقبالهم؟ اليمين لديه حله: التنديد أحادي الجانب بالاتفاقيات الشهيرة لعام 1968، يوضح الكاتب.

ومضى الكاتب معتبراً أن اليسار يرفض أن يفعل ذلك وبينما أعطى فرانسوا بايرو للجزائر مهلة تتراوح بين أربعة إلى ستة أسابيع لمراجعة موقفها بشأن التصاريح القنصلية، فإن الرئيس الفرنسي تناقض بذلك مع رئيس وزرائه. يريد إيمانويل ماكرون تجنب الأزمة مع الجزائر بأي ثمن، حتى لو كان ذلك يعني معارضة حكومته. النتيجة: الجزائر على الأرجح لن تقدم أي تنازلات في هذا المجال. الدليل: تم يوم الخميس الماضي منع مواطن جزائري جديد ضمن القائمة السوداء من دخول بلاده، وتم إرجاعه إلى فرنسا في اليوم نفسه. ولذلك أدركت الجزائر أن التهديد الذي كان يتهدد اتفاقيات 1968 لم يكن حقيقيا، يقول Albert Zennou، رئيس تحرير القسم السياسي بصحيفة لوفيغارو الفرنسية.

وتابع الكاتب قائلاً إن حركة فرنسا الأبية اليسارية تنأى بنفسها بشكل خاص عن الموقف الفرنسي، بما في ذلك بعد سجن الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال. وفي البرلمان الأوروبي، امتنع نواب حزب اليسار الفرنسي عن التصويت أو صوتوا ضد قرار يدعو إلى إطلاق سراح المثقف. وفي هذا الأسبوع، امتنع الحزب في لجنة الشؤون الخارجية في الجمعية الوطنية عن التصويت للمطالبة بالإفراج الفوري عنه. يزعم الحزب أنه يريد أن يقطع مع الدبلوماسية التي يعتبرها استعمارية جديدة. هذه هي محاكمة الغطرسة والأبوية التي تُرفع ضد فرنسا، على حد قول الكاتب.

واتهم الكاتب اليسار بأن له علاقة غامضة بالاستعمار. ورغم أن هذا يتعارض مع المثل التقدمية والجمهورية للعدالة والمساواة، فإن الحقيقة تظل أن جزءاً كبيراً منهم دعم الاستعمار باسم مهمة فرنسا “الحضارية”، يقول الكاتب، مضيفا أن الأمر أصبح الآن يتعلق بنقل التنوير إلى بلدان بعيدة. لقد دعا اليسار المعتدل إلى الاستعمار بـ“وجه إنساني”، وهو أمر كانت التيارات الأكثر تطرفاً، مثل الشيوعيين، قد عارضته بالفعل في ظل الجمهورية الثالثة.

وبعد وصولها إلى السلطة في عام 1936، لم تشكك الجبهة الشعبية في الاستعمار. لقد حدث الانفصال الحقيقي في زمن الحرب الجزائرية بين الاشتراكيين والشيوعيين. وبعد الاستقلال، أصبحت الجزائر نموذجا للثورة الاشتراكية بالنسبة لليسار على خلفية معاداة الاستعمار. لقد كان الوقت حينها هو الوقت المناسب لدول العالم الثالث. وما يزال هذا الإرث قوياً في جزء من اليسار الفرنسي الذي يتبنى وجهة نظر متناقضة تجاه الجزائر، تتألف من ضمير سيئ وإعجاب ثوري محبط، على حد قول Albert Zennou، رئيس تحرير القسم السياسي بصحيفة لوفيغارو الفرنسية.

وما يزال شبح الحرب الجزائرية يخيم على البلدين.. فبعد مرور 63 عاماً على توقيع اتفاقيات إيفيان التي أنهت الوجود الفرنسي، يبدو للبعض أن الصراع ما زال مفتوحاً. بالنسبة للسلطات الجزائرية فإن جراح الوجود الفرنسي وخاصة جراح الحرب لم تلتئم بعد، بينما في فرنسا يريد الكثيرون طي الصفحة. هل سيكون الأمر كذلك يوما ما؟ يتساءل الكاتب في نهاية هذا المقال.

اضف تعليق

شارك

تعليقات الزوار

لا تعليقات