رغم إشادته بانخفاض معدل التضخم في تونس من 10 إلى 6 في المئة خلال يناير/كانون الثاني الماضي قلل أستاذ الاقتصاد في الجامعة التونسية آرام بلحاج من تأثير ذلك على التعافي اقتصاد البلاد، مشيراً إلى الفرق بين التضخم الرسمي المُعلن بالاستناد إلى حسابات تقنية وبين التضخم المحسوس لدى المواطنين. وقال إن النأي عن اتفاق للاقتراض من «صندوق النقد الدولي» لم يترافق ببدائل قابلة للاستدامة وأوضح بلحاج في مقابلة أن «التضخم المحسوس يبقى دائما برقمين 14 أو 15 في المئة، وهذا يحسه المواطن الذي يريد أن يملأ سلته فلا يجد أسعارا زادت بنسبة 6 أو 7 في المئة بل يجدها زادت بـ14 أو 15 في المئة».
وأضاف أن بعض الخبراء نصحوا معهد الإحصاء الرسمي الذي يقوم بإعداد التقارير عن التضخم بتغيير سلة السلع والخدمات التي يرصد تغيرات أسعارها.
ولفت بلحاج إلى أنه «رغم الانخفاض المسجل في نسبة التضخم الرسمية، إلا أن نسب الاستثمار والاستهلاك لم تتجاوب إيجابيا مع ذلك».
وبخصوص نجاح تونس في سداد ديونها الخارجية، وآخرها سداد 1.1 مليار دولار نهاية يناير/كانون الثاني الماضي، قال بلحاج «السؤال الأهم هو كيف تمّ ذلك؟ هل تمّ من خلال زيادة موارد الدولة أو من خلال السحب من الاحتياطي البنك المركزي من العملة الصعبة؟».
ولفت إلى أنه «خلال العام الماضي تم اللجوء إلى البنك المركزي لاقتراض 7 مليارات دينار (2.2 مليار دولار) لتمويل الميزانية، حيث ذهب جزء منها لسداد الديون، وهذه السنة تتكرر العملية نفسها».
وقال إن سياسة كهذه فيها انعكاسات سيئة وخطيرة أهمها زيادة التضخم وهبوط قيمة العملة، مشيراً إلى أن الأموال المقترضة تذهب إلى الاستهلاك والأجور والدعم وسداد الديون السابقة وليس للاستثمار.
وبشأن استمرار اقتراض تونس من الخارج رغم عدم التوصل لاتفاق مع «صندوق النقد الدولي»، قال بلحاج إن «إغلاق الباب أمام صندوق النقد الدولي كان خيارا سيادياً وطنياً وإستراتيجياً، والاستغناء عن الصندوق أمر ايجابي من حيث المبدأ، ولكن هل نجحنا في إيجاد بدائل…لغاية الآن لم نتوقف عن الاقتراض من الخارج».
وأضاف أن «الأسلم كان انجاز برنامج إصلاحات اقتصادية بخيارات وطنية نتوجه به نحو صندوق النقد الدولي، وننجز اتفاقا معه يتيح لنا الحصول على قروض خارجية بأسعار فائدة معقولة».
وشدد على أن إغلاق الباب أمام التوجه إلى «صندوق النقد الدولي» لم يترافق ببدائل تسهل الخروج من الأزمة التي نعيشها، بما فيها أزمة الديون الموجودة، مضيفاً أن البدائل دائماً موجودة، لكنها تقتضي الجرأة والشجاعة وتتمثل في إصلاح المؤسسات العمومية والصناديق الاجتماعية وضبط وتنظيم الاقتصاد الموازي ومكافحة الفساد والتهرب الضريبي.
انخفاض معدل التضخم لم يسهم في تعافي الاقتصاد في تونس

تعليقات الزوار
لا تعليقات