ينتظر أن تُحيي الجزائر ذكرى التفجيرات النووية الفرنسية هذا العام، بشكل صاخب يعيد تسليط الضوء على هذه الجريمة التي ارتكبها الاستعمار في حق الإنسان والبيئة، دون أن يتخذ أي خطوة لتنظيف المواقع الموبوءة التي تركها. وتركز تظاهرات هذه السنة، على الأمراض الخطيرة التي تسببت بها هذه الإشعاعات، والتي امتدت آثارها التدميرية إلى عدة دول إفريقية.
واستبقت مجلة الجيش وهي لسان حال الجيش الجزائري، الحدث المتوقع في 13 شباط/فيفري، بنشر ملف حول التفجيرات النووية التي نفذتها فرنسا الاستعمارية في صحراء الجزائر، واصفة إياها بأنها “جريمة نكراء بحق الإنسانية، لا تزال آثارها المدمرة مستمرة حتى اليوم”. وأوضحت أن هذه التفجيرات لم تؤدِ فقط إلى سقوط آلاف الضحايا، بل خلفت أيضاً تداعيات بيئية وصحية كارثية، حيث تمتد الإشعاعات النووية الناتجة عنها لمئات بل لآلاف السنين.
وأكدت المجلة في ملف خاص لها بالمناسبة، أن علاقة الإشعاعات النووية بالأمراض المنتشرة في المناطق المتضررة لم تعد محل جدل، إذ أن حجم الأمراض وطبيعتها واضحة للعيان، حيث يعاني سكان “رقان” و”إن إكر” (مناطق التفجيرات) من أمراض خطيرة سببها التعرض للإشعاعات، وفقاً لما أكده العديد من الأطباء المختصين. وأضافت أن خطر هذه الإشعاعات لا يقتصر على الأضرار المباشرة التي لحقت بالمتضررين آنذاك، بل امتد ليؤثر على الأجيال اللاحقة، متسبباً في انتشار سرطانات الجلد والدم والغدة الدرقية، إلى جانب ارتفاع معدلات الإجهاض والولادات المبكرة والعقم، فضلاً عن تزايد حالات الصم والبكم عبر الأجيال بمعدلات تفوق المستويات الطبيعية في المناطق الأخرى.
وفي هذا الإطار، نددت مجلة الجيش بمحاولات تضليل المجتمع الدولي عبر وصف هذه التفجيرات بـ”التجارب النووية”، مؤكدة أنها كانت تفجيرات نووية وجريمة مكتملة الأركان بحق الإنسان والحيوان والطبيعة. وقالت إن فرنسا تتحمل مسؤوليتها التاريخية والأخلاقية والجزائية عن هذه الجرائم، مما يستوجب عليها الاعتراف بها رسمياً، والعمل على تطهير المناطق الملوثة، إلى جانب تسليم الأرشيف المتعلق بمواقع دفن النفايات النووية. وأضافت أن فرنسا، بصفتها القوة الاستعمارية السابقة، مطالبة بتحمل مسؤولياتها إزاء الآثار المدمرة لتفجيراتها النووية، وذلك من خلال تطهير المواقع المتضررة في رقان وتمنراست، إضافة إلى التكفل الطبي بالضحايا الذين يعانون إلى اليوم من تبعات هذه الجريمة.
وفي ولاية أدرار الأكثر تضررا، أعلن المجلس الشعبي الوطني، تنظيم يوم 13 شباط/فيفري، يوم دراسي تحت عنوان “التفجيرات النووية في الجزائر: جريمة ضد الإنسان والبيئة”، وذلك بهدف تعزيز الوعي بشأن هذه الجريمة التاريخية. ويركز هذا اليوم الدراسي، وفق المجلس، على “الآثار المدمرة” للتفجيرات النووية، والتي لا تزال تداعياتها قائمة إلى يومنا هذا، كما يهدف إلى تعزيز الوعي العام بهذه الجريمة التاريخية وفتح نقاش حول سبل تحقيق العدالة البيئية والإنسانية وجبر الضرر. وسيتم بالمناسبة، تنظيم زيارة، لنواب المجلس الشعبي الوطني، إلى منطقة رقان للوقوف على استمرار تداعيات هذه الكارثة الخطيرة وعمق تأثيرها على صحة السكان وموارد المنطقة على حد سواء.
إلى جانب ذلك، سينظم المجلس الشعبي الوطني، يوم 11 شباط/فيفري، يوماً دراسياً بالجزائر العاصمة بعنوان “مرض السرطان في الجزائر: واقع وآفاق التكفل”، وذلك في سياق الجهود الرامية إلى تسليط الضوء على التحديات الصحية الراهنة وبحث السبل المثلى لتحسين التكفل بالمرضى. وسيتم في هذا اليوم الدراسي، استعراض أحدث الإحصائيات حول انتشار المرض والتحديات التي تواجه القطاع الصحي في مكافحته، إلى جانب أفضل الاستراتيجيات لتحسين الرعاية الطبية والتكفل النفسي والاجتماعي بالمرضى. وسيشهد هذا الملتقى، مشاركة خبراء جزائريون وأجانب في مجالات القانون، البيئة، والصحة، حيث سيتم إلقاء مداخلات علمية تناقش الجوانب الصحية، البيئية، والقانونية لهذه التفجيرات.
وفي السياق، نظمت الجزائر المؤتمر الدولي الأول لمرضى السرطان لم يكن مجرد حدث وطني، بل حمل بعدًا إفريقيًا واضحًا، حيث شهد مشاركة 14 دولة من القارة الإفريقية، وهو ما يعكس الخصوصيات الصحية المشتركة بين هذه الدول. وأكدت حميدة كتاب، رئيسة الفيدرالية الجزائرية لجمعيات مرضى السرطان، في تصريحات لها، أن من بين هذه القواسم المشتركة انتشار أنواع معينة من السرطانات، أبرزها سرطان الثدي، وعنق الرحم، والغدة الدرقية، مشيرة إلى أن تفشي هذه الأمراض في إفريقيا ليس بمعزل عن التجارب النووية التي أجرتها فرنسا في منطقة رقان بالجزائر، والتي لم تقتصر آثارها على الجزائر فحسب، بل امتدت إلى دول إفريقية عديدة عبر السحب المشعة التي انتقلت إلى مناطق مختلفة من القارة.
وكان رئيس مجلس الأمة، صالح قوجيل، قد طالب الدولة الفرنسية، قبل أيام، بتحمل مسؤولياتها في إزالة نفايات التفجيرات النووية في صحراء الجزائر. ووجّه الرجل الثاني في الجزائر، لجنة مختصة في المجلس، لتضمين تقريرها “ضرورة تسريع وتيرة إصدار النصوص التنظيمية المتعلقة بنص القانون وإبراز موقف الجزائر، من خلال مجلس الأمة، الذي يدعو فيه فرنسا إلى تحمل مسؤوليتها الكاملة والثابتة عن إزالة نفايات التفجيرات النووية التي قام بها المستعمر الفرنسي في صحراء الجزائر إبان الفترة الاستعمارية”. وأكّد قوجيل أن “الشعب الجزائري، لا سيما سكان منطقة تلك التفجيرات، ما يزال يعاني من آثارها ومخلفاتها إلى اليوم”.
ووفق تقرير أممي، نشره المقرر الخاص المعني بتأثيرات إدارة وإزالة المنتجات والنفايات الخطرة على حقوق الإنسان، والخبيرة المستقلة المكلفة بتعزيز ممارسة جميع حقوق الإنسان من قبل كبار السن، والمقرر الخاص المعني بتعزيز الحقيقة والعدالة والتعويض وضمانات عدم التكرار، فإن فرنسا تسببت في كوارث كبرى في الصحراء الجزائرية طالت حتى دولا إفريقية.
وبحسب التقرير، أجرت فرنسا أجرت بين عامي 1960 و1966 ما مجموعه 17 تجربة نووية في منطقتي إن إكر ورقان في الجزائر، حيث كانت أربع تجارب منها تفجيرات جوية بالقرب من رقان، فيما كانت 13 تجربة تحت الأرض في سلسلة جبال الهقار بالقرب من إن إكر. وأوضح أن الجيش الفرنسي أنشأ “المركز الصحراوي للتجارب العسكرية” (CSEM) في رقان لإجراء هذه التجارب، وكان أول اختبار نووي فرنسي تحت اسم “اليربوع الأزرق” في 13 فبراير 1960 بقوة 70 كيلو طن، وهو ما يعادل أربعة أضعاف قوة قنبلة هيروشيما. وأشار التقرير إلى أنه بعد توقيع اتفاقيات إيفيان عام 1962، التي أدت إلى استقلال الجزائر، واصلت فرنسا تجاربها النووية تحت شروط معينة، في إن إكر. ورغم احتجاجات الدول الإفريقية المجاورة، أجرت فرنسا 13 تجربة نووية تحت الأرض بين 1961 و1966.
وفي الختام، أكد التقرير أن معاهدة حظر الأسلحة النووية لعام 2017، التي دخلت حيز التنفيذ عام 2021، تضمنت التزامات تتعلق بمساعدة الضحايا وإعادة تأهيل المناطق المتضررة، لكن فرنسا رفضت التوقيع على هذه المعاهدة. وأعرب عن قلقه العميق إزاء استمرار آثار الإشعاع على الأجيال الحالية والمستقبلية في الجزائر، داعيًا إلى مزيد من الشفافية فيما يتعلق بملف التجارب النووية وتعويض جميع المتضررين بشكل عادل.
تعليقات الزوار
عصابات
هههههه رافقتهاالاعتراف بمغربية الصحراء الله ينعل اللي ما يحشم اكبر سرطان في افريقيا هوحكم عصابات الجنرالات تجار القرقوبي
من احرار الجزائر
التجارب النووية في الجزائر تم اجراءها في عز الاستقلال فلماذا يردون العيب لفرنسا. على الاقل تجارب فرنسا لم تدم طويلا. المشكل في من جلب السرطان الحقيقي إلى نفس المنطقة منذ نصف قرن و يموله من أموال الشعب الا و هو سرطان البوليساريو الذي تجذر هنالك و يستحيل انتزاعه من تندوف.
[email protected]
كيف يحيي النظام العسكري التفجيرات النووية وهو من خان العهد مع الملك محمد الخامس واتفق مع فرنسا لاجراء هذه التفجيرات مقابل الاحتفاظ بالاراضي المغربية في الصحراء الشرقية وكذلك اجزاء اخرى من تونس وليبيا ومالي والنيجير. هذا النظام الذي اسسه الخائن ابراهيم بوخروبة وصانعه بوصوف والخائن لبلده الاصلي احمد بن بلة. النظام العسكري الحركي الفاشي لا يستحي اذ يطالب فرنسا بالتعويضات وهو من استباح واتفق خلسة وغدرا للمغرب بل شجع على اقامة هذه التجارب النووية لانه كان يعلم انها اراضي مسروقة من الجيران الذين ادوا ثمنا غاليا بسبب وقوفهم مع الثورة التي استغلها الخونة بعدما اغتالوا وقتلوا الثوار الحقيقيين. اصمتوا خيرا لكم ولا نبشوا في التاريخ لانه سيفضحكم وسيجعلهم اضحوكة العالم.