أخبار عاجلة

إستمرار عمليات اعتقال وترحيل المهاجرين من الجزائر إلى النيجر

تستمر عمليات ترحيل المهاجرين من الجزائر إلى النيجر، والتي يقوم خلالها عناصر جزائريون باعتقال المهاجرين وتركهم في الصحراء دون مساعدة. وفي شهادة صادمة، يروي الشاب مامادو ما تعرض له من انتهاكات على الحدود الجزائرية.

منذ عدة سنوات، تتوافد التقارير والشهادات حول عمليات ترحيل المهاجرين التي تنفذها السلطات الجزائرية، حيث تقوم باعتقال المهاجرين على الحدود أو في المدن الجزائرية، وتنقلهم إلى  الصحراء الحدودية مع النيجر وتتركهم هناك دون طعام أو شراب، ليسيروا على غير هدى آملين بالوصول إلى بلدة أساماكا، وهي أقرب بلدة نيجرية على الحدود.

ترحيل نحو 20 ألف مهاجر في ثمانية أشهر

وكانت أفادت منظمة “هاتف الإنذار في الصحراء”، وهي منظمة غير حكومية ترصد الانتهاكات التي يتعرض لها المهاجرون في الصحراء وتحاول إنقاذهم، بأنها سجلت ترحيل السلطات الجزائرية 19,798 مهاجراً باتجاه النيجر، خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الجاري، وذلك وفقاً لما قاله مسؤول التواصل في المنظمة مختار دان يايي لوكالة الأنباء الفرنسية، مطلع سبتمبر الماضي.

ووصفت المنظمة غير الحكومية في تقرير نشرته أواخر غشت، ما يتعرض له المهاجرون “في ظروف قاسية” لها “عواقب مميتة في أسوأ الأحوال”.


وأضاف يايي أن ” المهاجرينيتم اعتقالهم خلال مداهمات لأماكن إقامتهم أو عملهم في المدن أو على الحدود التونسية، ويتم تجميعهم في تمنراست (جنوب الجزائر) قبل نقلهم في شاحنات نحو النيجر”.

” وشرح المصدر ذاته أن السلطات الجزائرية تعامل النيجريين بشكل مختلف عن المهاجرين الآخرين، حيث يتم نقل  النيجريين برا إلى أساماكا وتتولى أمرهم السلطات المحلية. أما المهاجرين المتحدرين من دول أخرى، يتم تركهم عند “نقطة الصفر”، وهي منطقة صحراوية تمثل الحدود بين الجزائر والنيجر. ومن هناك يضطرون إلى السير مسافة 15 كيلومترا إلى أساماكا تحت درجات حرارة شديدة للغاية.

وإذا نجح  المهاجرون في الوصول إلى وجهتهم، يتم تسجيلهم مراكز إيواء مؤقتة ترعاها الأمم المتحدة وإيطاليا، قبل نقلهم إلى مراكز أخرى في شمال النيجر، بحسب مختار دان يايي.


وتسببت عمليات الترحيل هذه بتوتر العلاقات السياسية بين النيجر والجزائر، عندما استدعى المجلس العسكري الحاكم في النيجر، في أبريل الماضي، السفير الجزائري في نيامي للاحتجاج على “الطبيعة العنيفة” لعمليات الإعادة والترحيل. ما دفع الجزائر لاستدعاء سفير نيامي واصفة الاتهامات بأنها “لا أساس لها من الصحة”.

وكانت قد ألغت النيجر في نوفمبر 2023، قانونا صدر في عام 2015 يجرم الاتجار بالمهاجرين، ما أدى إلى “انتقال العديد من الأشخاص بحرية” على طرق الهجرة “دون خوف”، وفقاً لـ”هاتف الإنذار في الصحراء”.

احتجزوني وأجبروني على خلع ملابسي

وتواصل فريق مهاجرنيوز مع مامادو (25 عاماً) وهو شاب سنغالي كان يحلم بالوصول إلى أوروبا بحثاً عن حياة أفضل. لذلك غادر بلاده في نوفمبر 2023 برفقة 12 شخصاً، وكانوا ينوون الوصول إلى السواحل الشمالية لقارة أفريقيا لعبور البحر الأبيض المتوسط.

وروى الشاب كيف تم اعتقاله هو ورفاقه عند وصولهم إلى الحدود الجزائرية، وكيف قام عناصر الشرطة بمصادرة هواتفهم وتفتيشهم، وتعرض بعضهم للضرب. وقال “أجبرني أحدهم على خلع ملابسي. حتى أنني اضطررت إلى خلع ملابسي الداخلية أمام الجميع. كانت هذه هي المرة الأولى التي أجد فيها نفسي عارياً أمام الآخرين”.


ونُقلت المجموعة بعد ذلك إلى “مبنى حكومي في تندوف”، وأجبر المهاجرون على “غسل سيارات ومراحيض” الموظفين، وقام المسؤولون بتوزيع الخبز على المهاجرين عند الظهر وفي المساء.

وبعد أربعة أيام من الاحتجاز والتحقيق مع الشرطة، نُقل الشاب إلى ما يعرف باسم “نزل الشباب”، لكنه يصفه بـ”السجن” قائلاً “كان ممنوعا الخروج. كانت هناك أيام نأكل فيها، وأيام أخرى لا نأكل. أعتقد أنه كان هناك أكثر من 100 شخص. كنت خائفا، ولكن في أعماقي، لم أكن متفاجئا حقا. لقد حذرني أصدقائي الذين كانوا في المغرب العربي من أن الوضع في الجزائر معقد. لكنني كنت لا أزال معتقداً أنني قادر على التحمل”.

وبعد 22 يوما في هذا المكان، تم تكبيل المهاجرين ووضعهم في حافلات، والتحقوا بحافلات أخرى في “تمنراست”، يقول الشاب “أعتقد أنه كان هناك في المجمل أكثر من 1000 مهاجر. تم فصل النيجريين عن الأفارقة الآخرين. وكنا نجلس فوق بعضنا البعض في الليل. كما صوب عناصر الشرطة أسلحتهم علينا، ومُنعنا من التحرك”.

عانيت من آلام في كل جسدي، وشعرت بخيبة أمل

وبعد نحو ثلاثة أيام في في الحافلات، تم إنزال المهاجرين في الصحراء، “صرخ عناصر الشرطة الجزائرية في وجهنا: أساماكا من هنا. وانطلقنا، كل ما أتذكره هو أنني كنت منهكا، منهكا تماما. ومع ذلك تمكنت من قطاع المسافة للوصول إلى أساماكا”.

وتابع “عندما وصلنا إلى هناك، كان الأمر صعبا للغاية. كانت مباني المنظمة الدولية للهجرة ممتلئة، ولم يعد هناك مكان متاح. مرضت وشعرت بالضعف الشديد، عانيت من آلام في كل جسدي، وشعرت بخيبة أمل لأنني لم أحقق هدفي. وقد شعرت بصدمة نفسية بسبب العنف الذي تعرضت له”.

ويستدرك “لكن اليوم، عندما أنظر إلى الوراء، أقول لنفسي أنه ربما لم يكن الأمر سيئا للغاية. لقد تجنبت عبور البحر الأبيض المتوسط. وعندما أرى حوادث غرق قوارب المهاجرين على الإنترنت، أفضل البقاء في زيغينشور (في السنغال)، حيث عدت بعد طردي. المهم بالنسبة لي الآن هو أن أروي قصتي. أريد أن أخبر الناس بما يحدث على طريق  الهجرة هذا”.

اضف تعليق

شارك

تعليقات الزوار

لا تعليقات