سلطت صحيفة الخبر الجزائرية التابعة لدوائر الحكم الضوء على اختلالات السلطة المستقلة للانتخابات التي أوقعت النظام في حرج بعد إصدار أرقام متضاربة لنتائج الانتخابات الرئاسية، فيما يبدو أن الاعلام الجزائري يحاول جعل هذه الجهة كبش فداء بتحميلها مسؤولية الأخطاء.
وبعد أن كانت سلطة الانتخابات محل اشادة بدورها وأدائها في السنوات الأخيرة، أصبحت في مرمى نيران الصحافة، ومحلّ طعن وانتقاد شديد، حتى من الموالين للسلطة أنفسهم.
وهاجمت "الخبر" سلطة الانتخابات، قائلة أنها تعرضت في السنوات الخمس من عمرها، لعدة انتقادات أحدثها خلال الانتخابات الرئاسية الأخيرة، إلى درجة وصفها بدولة داخل دولة، قبل أن تأتي تصريحات الرئيس عبدالمجيد تبون الأخيرة التي قد تسرّع بحدوث تغييرات على هذه الهيئة، خاصة بعدما أكد الرئيس بأن "أشخاص لا يكونون في مستوى مؤسسات دستورية مثل السلطة المستقلة لمراقبة الانتخابات التي تبقى ركيزة دستورية".
وأضافت الصحيفة، أن "رئيسها محمد شرفي وهو قاض مخضرم وشغل منصب وزير العدل على فترتين، وجد نفسه في الانتخابات الرئاسية الأخيرة في وسط جدال لم يتوقف، وصلت حد التشكيك في كفاءته في إدارة المؤسسة، فصدرت في حقه اتهامات بالتأخّر في تجهيز السلطة لهذا الموعد السياسي والدستوري".
وتابعت "تجلى هذا التأخر في عملية اكتتاب التوقيعات واعتماد برمجية لم تتجاوب مع المرحلة، إلى جانب التأخر في استدعاء مندوبي السلطة البلديين والولائيين والارتباك المتكرر في إعلان قائمة المرشحين للانتخابات الرئاسية قبل بلوغ لحظة الإعلان المؤقت عن النتائج رغم الوسائل البشرية والمادة والصلاحيات التي وضعت تحت تصرف هيئته، بحسب الصحيفة".
وارتفعت الأصوات الرسمية المنتقدة لسلطة الانتخابات، منذ أن أصدرت مديريات الحملة الانتخابية للمرشحين الثلاثة في الانتخابات الرئاسية الجزائرية، ومنها حملة الفائز بالانتخابات الرئيس تبون، الأرقام التي قدمتها السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات.
وانتقد البيان المشترك ما وصفها بـ"بضبابية وغموض وتضارب الأرقام التي تم تسجيلها مع إعلان النتائج المؤقتة للانتخابات الرئاسية من طرف رئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات".
وركزت معظم عناوين الصحف الكبرى في الجزائر، بعد الانتخابات على هذا الحدث باعتباره "غير مسبوق"، مع تحميل المسؤولية كاملة لسلطة الانتخابات ورئيسها. وورد في بعض العناوين أن "هيئة شرفي تعبث بنتائج الانتخابات"، بينما تناولت أخرى مضمون الغموض والضبابية الواردة في بيان المرشحين.
وجاءت هذه الاتهامات بعد رفض المرشحين لنتائج الانتخابات، إذ أكد أوشيش بخصوص النتائج المعلنة، أن "هناك أرقاما مزيفة لا تتطابق مع المحاضر المقدمة من مراكز الاقتراع"، مشيرا إلى أن هذا التلاعب يعتبر التفافا على الإرادة الشعبية.
وأضاف أن السلطة الوطنية للانتخابات "تتحمل المسؤولية الكاملة عن هذه الانحرافات الخطيرة التي تقوض الانتخابات وتعيد إلى الأذهان أسوأ الممارسات".
وشدد المترشح الأخير في الترتيب، على أن جبهة القوى الاشتراكية ستحتفظ بكامل حقوقها في اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة للحفاظ على اختيار وإرادة الناخبين، وطالب بفتح تحقيق معمق لتحديد المسؤوليات ووضع حد لهذه التصرفات في المستقبل.
وقالت صحيفة الخبر، أن "أعضاء سابقين في السلطة، فإن النداءات التي رفعت من قبل فريق مؤسسيها، ومنهم من شارك في تنظيم الانتخابات الرئاسية لسنة 2019، لم يكن لها صدى إلى درجة اليأس من حدوث تغيير في طريقة عمل السلطة وفي التشريع المؤطر لها، حيث جرى تسجيل انفراد مجموعة صغيرة بالقرار فيها وخصوصا مجموعة المستشارين المحيطين برئيسها محمد شرفي".
وأضافت "لم يتردّد شرفي خلال السنوات التي قضاها في منصبه، في التخلص من مراكز المقاومة داخل السلطة، مستغلا الظروف السياسية التي مرت بها البلاد بعد الحراك الشعبي، حيث قاد عملية "تطهير" في صفوف الهيئة في 2021 راح ضحيتها عشرات الكفاءات تحت مسمى خفض التكاليف، ومن أصل 50 عضوا، هي تركيبة مجلسها عند التأسيس في أكتوبر 2019، نزل العدد إلى 20 عضوا على الورق. وفي الحقيقة تراجع عدد الأعضاء إلى أقلّ من ذلك، حيث تم إقصاء عضوين في أغسطس/آب وسبتمبر/أيلول الماضي، ويوجد أعضاء آخرون في حالة تنافي بسبب التعيين في مناصب.
في آخر تصريح له، أكد تبون التقارير عن إجراء تحريات معمّقة حول إدارة السلطة المستقلة للانتخابات الرئاسية الأخيرة التي جرت يوم 7 سبتمبر/أيلول الماضي، ملمّحا إلى إمكانية إعادة تعديل قانون 2020.
وقال الرئيس خلال لقائه الدوري مع الصحافة الوطنية، إن تحقيقا دقيقا يجري حول أداء السلطة المستقلة لمراقبة الانتخابات لكشف كل التصرفات التي أدت إلى تسجيل تضاربات خلال الإعلان عن نتائج الانتخابات الرئاسية الماضية.
وشدّد في معرض إجابته على سؤال صحفي تمحور حول مسؤولية السلطة المستقلة لمراقبة الانتخابات في التضارب المسجل في الأرقام المقدمة، إنه "نزولاً عند رغبة المرشّحين الثلاثة، أمرنا بالبدء بتحريات دقيقة للاستفسار أولا، وتوضيح المؤثرات أو التصرفات الشخصية بالنسبة لما جرى، وذلك لمعالجة الخلل".
وكشف أنه سيتم الإعلان عن النتائج، لأن الرأي العام مهتم بأن يعرف النتائج، مضيفا "في حال تبيّن أن هذه الهيئة لم تكن في المستوى المطلوب، فسيتم تقويمها، وخاصة أن الجزائر مقبلة على انتخابات بلدية وولائية معقدة من حيث عدد المترشحين. أما في حال تبيّن أن المشكلة تتعلق بأشخاص لم يكونوا في مستوى هذه الهيئة الدستورية التي تعدّ من ركائز الديمقراطية ونزاهة الانتخابات، فإنه سيتم تغييرهم".
وتابع "في بعض الأحيان، هناك أشخاص لا يكونون في مستوى مؤسسات دستورية مثل السلطة المستقلة لمراقبة الانتخابات، وهي ركيزة دستورية تعزّز شفافية الانتخابات. وجاءت لتعويض آلاف الموظفين الذين كانوا يشرفون على الانتخابات".
تعليقات الزوار
لا تعليقات