أخبار عاجلة

منع تسجيل السيارات المستوردة المستعملة يشعل أزمة في سوق المركبات في الجزائر

في قرار مفاجئ، وجّهت وزارة الداخلية في الجزائر تعليمة تمنع بموجبها تسليم وثائق السيارات المستوردة المستعملة أقل من 3 سنوات، في قرار يأتي في سياق ارتفاع جنوني تشهده العملة الصعبة في السوق السوداء مقابل الدينار. وتحول ملف السيارات إلى قضية سياسية بامتياز، بسبب الندرة التي تشهدها السوق وتفاعل الرأي العام الواسع مع هذا الموضوع.

وجاء في التعليمة التي وجهتها وزارة الداخلية إلى الولاة، الأمر ابتداء من 2 تشرين الأول/أكتوبر، بتجميد تسليم بطاقات ترقيم المركبات أقل من 3 سنوات، المستوردة في إطار المرسوم التنفيذي 23/74 المحدد لإجراءات وأنظمة الجمركة والمراقبة التقنية للمركبات السياحية والنفعية المستوردة من طرف الخواص المقيمين، وذلك إلى إشعار آخر. وبعد تداول هذه التعليمة على مواقع التواصل، تم تأكيدها من قبل رئيس المنظمة الجزائرية لحماية المستهلك مصطفى زبدي.

وفي تفاصيل أخرى ذكرتها صحيفة “لوسوار دالجيري” الناطقة بالفرنسية، فإن هذا القرار لا يحظر استيراد هذه السيارات، لكنه يمنع تسجيلها داخل البلاد، وهو ما يعني منع سيرها وبالتالي لن يكون من مصلحة أحد استيراد سيارة من هذا النوع. وذكرت الصحيفة أن القرار جاء بعد ملاحظة السلطات لوجود شبكات متخصصة في استيراد هذه السيارات بطرق غير قانونية، في وقت كان يفترض أن يكون استيراد هذه المركبات مقتصراً على مالكيها أو أقاربهم، فقط.

وما أدى إلى هذا القرار، وفق الصحيفة، التداعيات الكبيرة لاستيراد السيارات أقل من 3 سنوات، على العملة الوطنية. ورغم استقرار الدينار الجزائري في السوق الرسمية،  تعرضت العملة لهزة قوية في السوق الموازية التي تمثل رافدا أساسيا للتزود، حيث فقد الدينار في ظرف أسبوع، نحو 200 نقطة مقابل اليورو العملة الأكثر طلبا في الجزائر.

وكانت الجزائر في مرسوم صادر في 20 فبراير 2023، قد رخص باستيراد السيارات أقل من 3 سنوات، لسد عجز كبير في سوق السيارات. وسمح هذا المرسوم لكل الأشخاص المقيمين في الجزائر، باستيراد السيارات السياحية والنفعية التي لا تتجاوز ثلاث سنوات على حساب عملتهم الخاصة التي غالبا ما يتزودون بها من السوق السوداء للعملة، لكون النظام البنكي في الجزائر لا يسمح بتحويل العملة الصعبة للخارج.

ووفق الإحصائيات التي قدمتها مصالح الجمارك مؤرخا، تم استيراد نحو 27 ألف سيارة بهذه الصيغة منذ اعتماد المرسوم، وهو ما يمثل وفق تقديرات غير رسمية مبالغ بالعملة الصعبة قد تصل إلى 7 مليارات يورو، وهو ما أرهق بشكل كبير السوق الموازي للعملة، ما أدى إلى الارتفاع الكبير في سعر صرف اليورو، والذي كسر حاجز 260 دينار، وهو ما يمثل إرهاقا مضاعفا على القدرة الشرائية في ظل أن الكثير من المنتجات والخدمات يتم توفيرها في السوق عبر الاعتماد على العملة الصعبة بسعر السوق الموازي.

وفي الواقع، ظلت مشكلة السيارات مطروحة في الجزائر، كأحد مظاهر القطيعة مع فترة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة التي شهدت إقامة صناعة وهمية للسيارات أدت لخروج مبالغ طائلة بالعملة الصعبة. لكن علاج هذه الأزمة طال أكثر من اللازم ما أدى إلى تضخم غير منطقي في أسعار السيارات المستعملة. وبعد أن اعتقد الجزائريون في السنتين الأخيرتين، أن المشكلة انتهت مع منح اعتمادات جديدة لوكلاء السيارات، ظهر أن الندرة لا تزال قائمة بعد استنفاذ هؤلاء المتعاملين حصص السيارات التي منحت لهم وانتظارهم لحصص جديدة لم تفرج عنها الحكومة بعد.

وأدى ذلك إلى طرح المشكلة في البرلمان، حيث توجه النائب عز الدين زحوف بسؤال إلى رئيس الوزراء، يستفسر فيه عن أسباب التأخر في منح تراخيص استيراد السيارات، مشيرا إلى أن الوضع الحالي يزيد من معاناة المواطنين في ظل تخلف قطاع النقل العمومي واهتراء حظيرة السيارات في البلاد. وأوضح النائب أن المواطنين الذين دفعوا نسبة 10% من قيمة سياراتهم ينتظرون لأكثر من تسعة أشهر دون تحديد موعد واضح لاستلام سياراتهم، وهو وضع يزيد من حالة التوتر وعدم اليقين. ولفت إلى أن هذا التأخير أدى إلى “ارتفاع أسعار السيارات المستعملة بشكل كبير”، مما أتاح الفرصة للسماسرة لاستغلال الوضع لصالحهم.

كما استغرب النائب “عدم توفر المعلومات الرسمية” للمواطنين، مما أدى إلى انتشار الإشاعات وظهور حالات احتيال، ناهيك عن بعض التصريحات والسلوكيات الصادرة عن بعض الوكلاء والمسؤولين التي كانت “مستفزة وغير مسؤولة”، مما زاد من حالة الاحتقان.  وطلب النائب بناء على ذلك، من الوزير الأول تفاصيل عن “الإجراءات العملية المستعجلة” التي ستتخذها الحكومة لتجنب تكرار هذه التجاوزات في المستقبل.

اضف تعليق

شارك

تعليقات الزوار

لا تعليقات