اتجهت السلطات الجزائرية إلى انتهاج سياسية جديدة تقوم على الترويج والدعاية لإرسال المساعدات الخارجية للدول التي تمر بأزمات مثل لبنان وغزة والنيجر، بطريقة مكثفة خلال الأيام القليلة الماضية بالتوازي مع اشتدادا الحملة الانتخابية الرئاسية، فيما يعرف بـ"دبلوماسية المساعدات" التي تهدف إلى محاولة التغطية على فشل الدبلوماسية الجزائرية في اكثر من ملف سياسي خارجي.
وفي إطار تحركاتها الأخيرة لاستمالة النيجر وتهدئة التوترات مع المجلس العسكري وحليفيه في مالي وبوركينا فاسو، لجأت الجزائر إلى شحن ونقل مساعدات إنسانية على متن أربع (04) طائرات نقل عسكرية تابعة للقوات الجوية، وفق بيان لوزارة الدفاع الوطني نقلته صحيفة الخبر المقربة من السلطة.
وجاء في البيان، أنه "ترسيخا لمبادئ التعاون والتضامن الإنساني مع مختلف الدول الشقيقة والصديقة وعلى إثر ما خلفته الفيضانات الأخيرة التي شهدتها دولة النيجر، تم في الساعة الأولى من صباح يوم الإثنين 19 أغسطس/آب 2024، شحن ونقل مساعدات إنسانية على متن أربع (04) طائرات نقل عسكرية تابعة لقواتنا الجوية، متمثلة في مواد غذائية، أدوية ومواد طبية، خيم وأفرشة مقدمة من طرف الهلال الأحمر الجزائري إلى دولة النيجر، انطلاقا من القاعدة الجوية بوفاريك بالناحية العسكرية الأولى نحو مطار نيامي بالنيجر". وأضاف البيان أن "هذه العملية الإنسانية مرة أخرى مرافقة الجيش الوطني الشعبي لكل المبادرات الإنسانية والتزامه الدائم في تأدية مثل هذه المهام النبيلة".
وتبذل الجزائر مساعي مكثفة في الفترة الأخيرة لتدارك اخفاقاتها الدبلوماسية، وتحسين علاقاتها مع الدول القريبة، حيث اتفقت مع النيجر الثلاثاء على إعادة تنشيط العلاقات الثنائية على أسس "حسن الجوار والأخوة والصداقة" بين البلدين وذلك عقب محادثات مطولة جمعت الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، برئيس وزراء النيجر علي محمد لمين زين، الذي أنهى زيارة رسمية إلى الجزائر دامت ثلاثة أيام، رافقه فيها وفد وزاري هام تقدمه وزير الدفاع الفريق ساليفو مودي.
وجاء الاتفاق وسط مخاوف جزائرية من التحركات العسكرية على طول حدودها الجنوبية شرقا وغربا مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية خاصة مع الاقتتال بين الجيش المالي والانفصاليين الطوارق وكذلك تحركات الجيش الوطني الليبي قرب معبر غدامس.
وأوضحت وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية أن الرئيس تبون أجرى بالجزائر العاصمة "محادثات موسعة" مع وفد جمهورية النيجر بقيادة رئيس وزرائها علي محمد لمين زين حيث عرفت العلاقات بين البلدين بعض الخلافات والتباينات منذ الانقلاب العسكري على الرئيس السابق محمد بازوم.
وسارعت الجزائر إلى رأب الصدع مع دول المنطقة بعد تزايد التوترات الدبلوماسية مع هذه الدول، وذكر تقرير حديث نشره مركز "ويلسون سنتر" الذي أنشأه الكونغرس لتقديم المشورة لصناع السياسات في الولايات المتحدة، أن "المحور الجزائري الداخلي يحاول إعادة تنظيم التحالفات الإقليمية ومواجهة نفوذ المغرب المتزايد في منطقة الساحل، لا سيما من خلال مبادرته الأخيرة للوصول إلى المحيط الأطلسي التي تعتبرها الجزائر مناورة لتطويقها إقليميا، حيث تسعى من خلال اقتراح اتحاد مغاربي جديد إلى إعادة تأكيد نفوذها وموازنة التواصل الدبلوماسي والاقتصادي الموسع للمغرب"، مشيرا في السياق نفسه إلى إعلان الحكومة الجزائرية تعليق القروض المقدمة للدول التي تشارك في مبادرة الساحل المغربية، في محاولة للتأثير على هذه الديناميات المتغيرة.
وشدد المركز على أن دور الجزائر طويل الأمد كلاعب إقليمي يتم اختباره بالفعل من خلال التغييرات الجيو-استراتيجية التي تشهدها المنطقة، والتي ليست في صالح الدولة الجزائرية، مؤكدا أن "إعادة تشكيل التحالفات الأمنية الجديدة من قبل النيجر وبوركينا فاسو ينذر بتحول كبير قد يقلل من نفوذ الجزائر ودورها في الجهود الإقليمية، حيث أدى إنهاء اتفاق الجزائر لعام 2015 من قبل مالي بسبب مزاعم التدخل الجزائري إلى جانب الانفصاليين الطوارق، وتصاعد التوترات مع النيجر، إلى توتر العلاقات وتعقيد جهود الجزائر لإدارة أمن الحدود والاستقرار في منطقة الساحل.
ويبدو أن السلطات الجزائرية تدرك جيدا حجم المخاطر التي تواجهها فقررت اللجوء إلى دبلوماسية المساعدات والدعاية لها، في ظل الظرف الحالي الذي تروج فيه لانجازات الرئيس عبدالمجيد تبون كأساس ترتكز عليه الحملة الانتخابية، وتوالى إعلان المبادرات "الإنسانية" تباعا في الأيام الماضية مع اقتراب الانتخابات الرئاسية في السابع من سبتمبر/أيلول المقبل.
ومع تعاطف الجزائريين بشكل كبير مع محنة الفلسطينيين في غزة، قرر الرئيس تبون الاستفادة من الموقف لدغدغة مشاعر الناخبين والتأثير عليهم قبل أسابيع قليلة من الانتخابات الرئاسية، وأكد الأحد، أن بلاده مستعدة لبناء 3 مستشفيات في غزة، حال إعادة فتح الحدود البرية بين مصر والقطاع حيث كان يتحدث بصفته مترشحا للانتخابات الرئاسية التي ستنظم في 7 سبتمبر/ أيلول المقبل، وذلك في تجمع شعبي لأنصاره بمحافظة قسنطينة (شرق).
كما تعهّدت الجزائر الأحد بتزويد لبنان على الفور بكميات من الوقود لتشغيل محطات الكهرباء، دون تحديد تفاصيل حول الكمية أو المدة الزمنية للدعم، وذلك بعد يوم من إعلان مؤسسة كهرباء لبنان نفاد إمداداتها من الوقود.
وقالت الإذاعة الجزائرية إن الوزير الأول نذير العرباوي "أجرى اليوم مكالمة هاتفية مع رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي، لإبلاغه بالقرار الصادر عن الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون بالوقوف بجانب لبنان في هذه الظروف العصيبة من خلال تزويده وبشكل فوري بكميات من الوقود من أجل تشغيل محطات توليد الطاقة الكهربائية وإعادة التيار الكهربائي في البلاد".
تعليقات الزوار
الاقربون أولى بالمساعدة
أليس الشعب الجزائري أولى بالمساعدة ؟ شعب يضطر للوقوف في الطوابير الطويلة يوميا للحصول على المواد الغذائية الأساسية أولى بالمساعدة ،سكان المناطق الجنوبية لايجدون قوارير الغاز إلا بصعوبة والدولة تهدي الغاز لدول أخرى ،انه العبث