شهدت العلاقات المصرية مع حكومة الوحدة الوطنية الليبية توترا خلال الساعات الماضية، وسط اتهامات تلاحق القاهرة بدعم أسامة حماد، رئيس الحكومة الليبية في شرق البلاد.
وتوجد في ليبيا حكومتان، الأولى حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة مستقرة في العاصمة طرابلس ومعترف بها دوليا، والثانية في شرق البلاد ولا تحظى باعتراف دولي.
وكلف البرلمان المتمركز في شرق البلاد، فتحي باشاغا في مارس/ أذار 2022، لكن رئيس الوزراء عبد الحميد الدبيبة رفض تسليمه السلطة، ما أدى إلى صراع مطول بين الحكومتين المتنافستين.
واستنكرت حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا، استقبال مصر لما وصفته بـ”أجسام موازية لا تحظى بأي اعتراف دولي”، رافضة لقاء رئيس الوزراء مصطفى مدبولي مع رئيس الحكومة في شرق البلاد أسامة حماد.
وقالت في بيان، إن “هذه الخطوة ليست ذات أثر واقعي، لكنها خروج عن وحدة الموقف الدولي الرافض لعودة البلاد إلى حالة الانقسام والاحتراب”، وحمّلت القاهرة “المسؤولية الأخلاقية والسياسية المحلية الإقليمية والدولية”.
وبينت أن اللقاء يتنافى مع الدور المصري والعربي والإقليمي المنتظر في دعم وحدة ليبيا واستقرارها وتحصينها من محاولات التشويش والتقسيم.
وقالت إن الشعب الليبي “لن يقبل العودة مرة أخرى إلى زمن الحكومات الموازية والمحاور الإقليمية والدولية التي أدت بليبيا بأن كانت ساحة خلفية لمعارك وحروب ذات بعد دولي وإقليمي”.
و أبلغت حكومة الوحدة الوطنية الليبية مسؤولين في المخابرات المصرية، ضمن العاملين بسفارتها في طرابلس، بمغادرة أراضي البلاد فورا.
وزيارة حماد هي الأولى له خارج البلاد منذ تكليفه بتشكيل حكومة الشرق من مجلس النواب الليبي في مايو/ أيار 2023، خلفا لفتحي باشاغا.
وأكد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء المصري ، الدعم الكامل للشعب الليبى، وحرص مصر على دعم وتعزيز سبل التعاون الثنائى بين البلدين الشقيقين في المجالات جميعا، منوها بالدور الكبير الذي تقوم به الشركات المصرية في أعمال إعادة إعمار ليبيا.
جاء ذلك خلال استقبال مدبولي لأسامة حماد، رئيس الحكومة الليبية.
وبحسب مصادر، فإن حماد التقي خلال تواجده في القاهرة، رئيس جهاز المخابرات المصري اللواء عباس كامل.
وأكدت المصادر، أن القاهرة داعمة لفكرة اختيار حكومة ليبية موحدة ليس من بين أعضائها مسؤول سابق.
وسبق ذلك، زيارة كامل إلى شرق ليبيا الأسبوع الماضي، حيث ناقش مع خليفة حفتر التطورات السياسية للأزمة الليبية، خلال لقائمها في منطقة الرجمة بمدينة بنغازي.
وتأتي هذه اللقاءات في غضون تحشيد عسكري في اتجاه مدن غرب ليبيا، من جانب قوات الشرق الموالية لخليفة حفتر، المعروفة باسم “الجيش الوطني”، إلى جانب اشتباكات في طرابلس بين القوى العسكرية الداعمة لحكومة الوحدة.
وكان رد الناطق باسم قوات حفتر، أحمد المسماري حول التحشيد العسكري، أن الهدف السيطرة الكاملة على الحدود لمواجهة حالة عدم الاستقرار التي تشهدها بعض دول الجوار مثل مالي والنيجر وتشاد، ومواجهة حركة الهجرة غير النظامية التي ازدادت في هذه المناطق الحدودية خلال الأيام الأخيرة.
وأكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، موقف مصر الثابت الداعم لمسار الحل الليبي- الليبي، وقال إن القاهرة تواصل دعمها لدور المؤسسات الوطنية الليبية بما يهدف للوصول إلى تفاهم بشأن إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بالتزامن في أقرب وقت وتحت إشراف حكومة موحدة، وبما يحقق لليبيا أمنها واستقرارها.
جاء ذلك خلال اللقاء الثنائي الذي عقده عبد العاطي، مع نائب رئيس المجلس الرئاسي الليبي موسى الكوني، على هامش حضورهما مراسم تنصيب الرئيس الرواندي في كيغالي.
إلى ذلك، أدانت بعثة الأمم المتحدة للدعم فى ليبيا الاشتباكات المسلحة، التى اندلعت فى تاجوراء، يوم الجمعة الماضى، وما تلاها من تحشيدات عسكرية داخل العاصمة طرابلس وحولها، مشيرة إلى الحاجة للتعجيل بإطلاق عملية سياسية شاملة.
وأعربت البعثة في بيان السبت، عن انزعاجها الشديد إزاء التقارير التي تشير إلى وقوع خسائر في الأرواح، وإصابات في صفوف المدنيين، وتشريد العديد من العائلات، كما أعربت عن إدانتها استخدام التشكيلات المتقاتلة الذخائر والأسلحة الثقيلة في المناطق المأهولة بالسكان، مُذكِّرة جميع الأطراف بالتزاماتها بحماية المدنيين في جميع الأوقات.
وأعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي، في يونيو/ حزيران 2022، أن أي تدخل مصري مباشر في ليبيا بات شرعيا، مؤكدا جاهزية القوات المصرية للقتال، وأن مصر حريصة على التوصل إلى تسوية شاملة في ليبيا، كما أنها حريصة على سيادة ووحدة الأراضي الليبية، ووقتها أعلن صراحة أن “سرت والجفرة خط أحمر بالنسبة لمصر”.
وتأتي أهمية سرت من كونها تبعد بنحو ألف كيلو متر عن الحدود المصرية، وتتوسط المسافة بين عاصمة البلاد طرابلس، وبنغازي على الساحل الليبي في الشرق. وتجعل السيطرة على سرت الطريق مفتوحا لإحكام القبضة على الموانئ النفطية في منطقة الهلال النفطي شرقي ليبيا، التي تضم أكبر مخزون للنفط.
وفي جنوب سرت، تقع قاعدة الجفرة الجوية، ولا يفصلها عنها سوى طريق مفتوح لا يتجاوز 300 كيلو متر، وتعد قاعدة الجفرة من أكبر القواعد الجوية الليبية، كما تشكل غرفة عمليات رئيسية لقوات حفتر.
تعليقات الزوار
لا تعليقات