أخبار عاجلة

السفير الفرنسي في الجزائر يعرب عن ارتياحه بعد هزيمة اليمين المتطرف

أعرب السفير الفرنسي في الجزائر ستيفان روماتي، عن ارتياحه بعد هزيمة اليمين المتطرف الذي كان سيغرق حسبه العلاقة بين فرنسا والجزائر في “انحدار مأساوي”، مؤكدا أن الهدف اليوم هو المحافظة على المسار الذي بدأه البلدان.
وقال السفير في حفل يحضره في العادة رسميون جزائريون بمقر إقامته بالجزائر العاصمة بمناسبة العيد الوطني الفرنسي المصادف لـ14 تموز/يوليو، إن “فرنسا التي تمر بفترة سياسية يمكن وصفها بأنها معقدة على أقل تقدير، رفضت يوم الأحد الماضي بشكل واضح الإغراء المشؤوم للتطرف”. وأضاف معقبا بنبرة تخرج عن التحفظ الدبلوماسي: “هذا الإغراء الذي كان سيغرق العلاقة مع الجزائر في تراجع مأساوي”.
والواجب اليوم، وفق روماتي، بعد هزيمة اليمين المتطرف، الحفاظ على الهدف المرسوم للعلاقات بين البلدين. وفي هذا المنحى، قال: “لدينا الآن مسؤولية، واجب: وهو الحفاظ على المسار، والمضي قدمًا بين فرنسا والجزائر، ومواصلة العمل بجد وتصميم لإثراء هذه العلاقة الفريدة باستمرار”.
وكان اليمين المتطرف، قد حل ثالثا في الانتخابات التشريعية، بعد اليسار الذي تصدر الترتيب يليه التحالف المساند للرئيس إيمانويل ماكرون، بينما جاء حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف ثالثا، دون أغلبية واضحة من الكتل الثلاثة المهيمنة حاليا على الجمعية الوطنية في فرنسا.
وبحسب السفير، فإن البلدين بحاجة لبعضهما في هذا السياق الدولي والإقليمي. وصرّح في هذا الشأن: “في مواجهة الأزمات، لا سيما تلك التي تزعزع استقرار منطقة الساحل، وفي مواجهة التحديات الأمنية، وفي مواجهة حالة الطوارئ المناخية، وفي مواجهة قضايا الهجرة. لدي قناعة بأننا بحاجة لبعضنا البعض”. واستدرك بالقول: “على أي حال، يمكنني أن أقول لكم بالتأكيد إن فرنسا بحاجة إلى الجزائر”.
وحول موضوع الذاكرة الذي يوتّر في العلاقة بين البلدين، دعا الدبلوماسي إلى النظر المستقبل رغم كل شيء. وقال “لقد فصلنا التاريخ وعارض بعضنا مع بعض ومزقنا وأساء إلينا، وأحيانًا، في ذكرياتنا، لا يزال هذا التاريخ يطاردنا”، قبل أن يعرب عن قناعته بأن “الجغرافيا والمستقبل لا يسعهما إلا أن يجمعانا”. وأشار في السياق إلى أن العلاقة بين الجزائر وفرنسا “ذات قرب فريد، وكثافة لا مثيل لها”، مبرزا انطلاقًا من تجربته الخاصة، أن الجزائر “بلد مضياف”، حيث كل لقاء “دائمًا ما يكون بمثابة وعد”. وذكر أن “مصير بلدينا مرتبط ارتباطًا وثيقًا بشدة من خلال تشابك روابطنا الأسرية”.


وخلال فترة الانتخابات التشريعية الفرنسية، أثيرت مخاوف جدية على العلاقة بين البلدين، بعدما وضعت نتائج الدور الأول اليمين المتطرف على أبواب الحكم. وتميز طرح التجمع الوطني الفرنسي الذي تتزعمه مارين لوبان ويقوده جوردان بارديلا، بعداء واضح للجزائر، حيث يتخذ هذا الحزب من مسائل الذاكرة والمهاجرين، سجلا انتخابيا يلعب على وتر تخويف الفرنسيين عبر إظهار الجزائر بمثابة تهديد لهم. ورغم أن الجزائر لم تكن تهتم كثيرا بمزايدات هذا التيار السياسي الذي نشأ على أنقاض فكرة “الجزائر فرنسية”، إلا أن صعوده اللافت أصبح مصدر قلق، خاصة على المهاجرين الجزائريين الذين تقدر أعدادهم بالملايين في هذا البلد.
وكان من أبرز مظاهر استفزاز اليمين المتطرف في الانتخابات الأخيرة، التغريدة “العنصرية” التي كتبها حزب الجمهوريين اليميني الفرنسي بقيادة زعيمه المتطرف إيريك سيوتي الموالي لمارين لوبان، والتي هاجم فيها الجزائر على خلفية مطالبتها باسترداد ممتلكاتها المنهوبة في فرنسا خلال الفترة الاستعمارية. وكتب هذا الحزب الذي يُصنّف ضمن دائرة اليمين التقليدي، منشورا على منصة “إكس”، تعليقا على نتائج الجولة الخامسة للجنة المشتركة للذاكرة الجزائرية الفرنسية التي طرحت فيها الجزائر قائمة بالممتلكات التي تطالب باستعادتها، جاء فيه: “رسالة خدمة للجزائر، يجب استعادة كل شيء الممتلكات والشر بما في ذلك المجرمين، المخالفين، المهاجرين غير الشرعيين، وأولئك الذين صدر بحقهم أوامر بالطرد”.
ووضع أسفل هذا النص الشعار الجزائري المعروف “وان تو ثري” مع صورة لطائرة في وضع الإقلاع، في إشارة لدعوة المهاجرين غير المرغوب فيهم من قبل هذا الحزب للمغادرة. كما أرفقت التغريدة بصورة للمناصرين الجزائريين وهم يحملون الأعلام الجزائرية ويحتفلون في شارع الشانزيلزيه أمام قوس النصر بباريس في إحدى المناسبات الكروية، وهي صورة يستعملها عادة اليمين المتطرف للإقناع بنظرياتهم حول “غزو المهاجرين” و”فقدان الهوية الفرنسية” و”وولاء المواطنين الفرنسيين من جنسية جزائرية لبلادهم الأم”.
وفي السنوات الأخيرة، زادت حدة الهجوم اليميني الفرنسي وأزالت في كثير من المرات الفواصل التي تفرق بين اليمين التقليدي والمتطرف في ضرب العلاقة مع الجزائر. ويشترك “اليمينان” مثلا في المطالبة بإلغاء اتفاقية التنقل بين الجزائر وفرنسا لسنة 1968 التي تمنح بعض الامتيازات للجزائريين، وشنّت في ذلك حملة إعلامية وبرلمانية قوية للضغط على ماكرون. وبمناسبة الانتخابات التشريعية المبكرة بعد حل البرلماني الفرنسي، كان أول ما طرحه حزب التجمع الوطني الذي يقوده جوردان بارديلا ومارين لوبان، إلغاء هذه الاتفاقية في حال وصولهم لرئاسة الحكومة.
واللافت أن الجزائر باتت تستدعى دوريا في النقاش الداخلي الفرنسي بسبب أو بدونه، من خلال افتعال نقاشات في الإعلام والبرلمان تتناول البلاد بشكل سلبي غالبا. من ذلك، ما أثير سنة 2023 عن النشيد الوطني الجزائري بعد مرسوم يوسع استعماله بمقاطعه الكاملة، بما في ذلك المقطع الذي يتوعد فرنسا بالحساب، واستمرار اليمين في الإنكار والمغالبة بخصوص جرائم بشعة ارتكبها الفرنسيون مثل التصويت ضد الاعتراف بمجازر17 أكتوبر في باريس والتي ألقي فيها الجزائريون المتظاهرون في نهر السين، واعتماد لغة تساوي الضحية بالجلاد في كل ما يتعلق بالتاريخ الاستعماري الفرنسي للجزائر.

اضف تعليق

شارك

تعليقات الزوار

لا تعليقات