اعتبر مدير التوثيق والإعلام للمجلس الإسلامي الأعلى الدكتور محمد بغداد أن المجلس حقق أعلى معدل له خلال الموسم الثقافي (2023 ـ 2024) أين تجاوزت نشاطاته أكثر من 140 نشاطا موزعا بين الاجتهاد الفقهي ومعالجة القضايا المستجدة وملفات الصلح والوساطة وإعادة الاعتبار لعلماء الجزائر وتحصين الهوية والمرجعية الوطنية، معتبرا أن المجلس عرف في زمن الجزائر الجديدة قفزة نوعية في مستوى أدائه الثقافي والاجتهادي.
س/ ما هو تقديركم للموسم الثقافي للمجلس الإسلامي الأعلى لهذه السنة؟
ج/بداية موسمنا، سابقنا فيه إلى توثيق عرى، رابطة جيش أمة، وسارعنا الخطى إلى سليل جيش التحرير الوطني في رباطه الأشم المرسى الكبير بوهران، لنمتطي أكبر سفينة حربية في تاريخ الجزائر، قلعة بني عباس فخر الوطن لنستعيد فيها أمجاد البحرية الجزائرية، في لقاء فريد غير مسبوق بين العلماء وضباط الجيش الوطني الشعبي الأشاوس. المؤتمنون على شرف الوطن.
وفي البلقان، رافعنا على قيم الجزائر وثوابتها، وأعلنا بشائر علمائها لخيرات التعايش وثمرات السلم في المؤتمر الدولي للزعماء الدينيين، ولم نتثاقل حتى ولجنا مقر الأمم المتحدة في جنيف، معلنين في مؤتمر التحالف العالمي لمؤسسات حقوق الإنسان أن التعايش يكون بالاعتراف بالحقوق المشروعة، والسلم يتحقق بالعدل، وأن عبدالقادر الجزائري قد رسخ أقدس الحقوق، وجسدها أحفاده من قادة ثورة نوفمبر/تشرين الثاني الفريدة.
وإلى إيران التي جمعنا مع علمائها لقاء علمائي راقي، تدارسنا فيه هموم المسلمين وتلمسنا تطلعاتهم ورصدنا التحديات التي تواجههم، مرافقين جهود قيادة البلاد في ربط الصلات وتجذير عمق الجزائر وتأثيرها في العالمين، ومن إيران إلى أوزباكستان شددنا الرحال، مذكرين العالمين بأسبقية أجدادنا في شرح صحيحي البخاري والترمذي، محتفلين مع أحفادهما في مؤتمرهما الدولي.
س/ ما هي القضايا التي تناولها المجلس في اشتغاله وما هي أهميتها في الساحة الوطنية؟
ج/ لما كان المجلس الإسلامي الأعلى، المؤسسة الوطنية المرجعية، كما رصعها الدستور، حرصنا أن يكون موسمنا بعنوان، تلازم الوحدة الدينية والمرجعية الوطنية، في جزء من ضريبة نؤديها إلى رفقاء ابن باديس، فأعدنا الاعتبار لمٱثر أبي المهاجر دينار في ميلة، مذكرين الأجيال بمكرمة الأيادي البيضاء للفاتحين، معرجين على جهود علماء غرداية الأشراف والسائرون على دربهم من أعضاء المجلس، في ملتقى أقمناه وفاء للشيخ بالحاج، ولم نتخلف على موعد عبدالقادر في عرينه بمعسكر، لنكون من الحاضرين في بيعته، سائرين على شريعته التي أحياها بعد الراشدين.
وإلى بجاية الباسقة ذهبنا على خطى الوحدة الدينية والمرجعية الوطنية، لنعيد الوهج، منبهين الأجيال على أول جامعة للنساء في العالم، مسترشدين بخارطة عبقرية سيدي تواتي، مباركين للعالمات من بنات الجزائر الحافظات للقرآن وكتب الصحاح، والظافرات بإجازات الإفتاء، وعند جهود علماء مشدالة استأنفنا المسير، لنسعد مع الجزائريين والمسلمين بتدشين ثالث مساجد الدنيا، جامع الجزائر عنوان الحرية والسيادة، وعربون وفاء لشهداء الجزائر.
وفي عاصمة المقراني والحداد شيدنا حصن الوحدة الدينية والمرجعية الوطنية، وبسطنا القول فيها، وكشفنا امتدادات المغيلي والسنوسي في مجاهل أفريقيا التي صدح بها أهلها بمحورية الجزائر في تثبيت الوحدة الدينية في المغرب العربي وأفريقيا، داعمين التوجيهات الحكيمة لقيادة البلاد في التنبيه على جوستراتيجية عمق الجزائر الأفريقي.
وإلى شموخ الأوراس يممنا المسير، فاقتبسنا من فيلسوف الثورة ومتصوف المقاومة بن بولعيد، وعند حضرة شيخ الفقهاء عمر دردور التمسنا جودة الفهم ونصاعة الوطنية، ففتشنا عما توارى من جهود علماء الاوراس، في المنافحة عن هوية الجزائر بالإبداع الفكري والاجتهاد المتنور، وإلى جامعة غليزان نثرنا منتوج المجلس الاسلامي الأعلى في نشر الوعى الوسطي، من خلال فعالياته الفكرية بين ايدي الباحثين والأكاديميين والإعلاميين والطلبة.
س/ ما هي الآليات العملية التي تستندون إليها في تنفيذ برنامج المجلس؟
ج/ في هذا الإطار سرنا على سنة سيد العالمين، سرنا فأقمنا مائدة الجزائر للإفطار الرمضاني للدبلوماسيين، ليبقى العنوان سائرا في قادم الأجيال: عربون أخوة وملح مودة وحلقة تواصل وأجر آخرة، وفي عاصمة المقاومة سطيف، شرحنا مقاصد الزكاة ويانع الأوقاف، وعدنا لننال شرف بركات ختمة القرآن مع البراعم في رمضان، ولم نرتوي حتى وثقنا العلاقة باتفاقية تعاون مع جامعتها.
لقد لبينا كل دعوة أتتنا، وحضرنا كل ندوة، وساهمنا في كل ملتقى، وشاركنا في كل محفل، وأثرينا كل نقاش، ودعمنا كل مشروع، وشجعنا كل مبادرة، وبينا تفاصيل كل غامض، وشرحنا كل مستشكل، ويزيد توقد عزمنا في قادم الموسم إن شاء الله، أن نرفع من درجات الاستعداد للتفاعل مع بشائر السبعين، ميقات ثورة نوفمبر/تشرين الثاني، في برنامج استعادة عبق الشهداء الأبرار، واحترام المجاهدين البواسل، وتقدير نصيب الأوفياء لهم بإحسان إلى يوم الدين.
س/ ما هي إستراتيجية المجلس في إدارة النشاطات اليومية المدرجة في أجندته؟
ج/ لم نستسلم خلال الموسم للصوارف ولم نهن أم الشواغل، فواصلنا التبشير بنعم الصيرفة الإسلامية ودورها في التنمية الاقتصادية، في وهران وبشار والعاصمة وأم البواقي والأغواط ووادي سوف، حتى ظفرت الجزائر من خلال أحد أعضاء المجلس الإسلامي الأعلى بعضوية المجلس العالمي للمالية الإسلامية، في بشارة ننقلها إلى الشيخ ابي اليقظان، بتحقق أمنيته بعد انتظار أكثر من قرن، لتكلل جهود خير الجزائر الجديدة بالصكوك الاستثمارية الإسلامية.
وفي حاضرة العز أدرار استنشقنا الفخر في تظاهرة الحافظ الصغير، وشهدنا على إسهامات زاوية مولاي الرڨاني الفاضحة لجرائم فرنسا في رقان التي حولتها إلى واحة للأخيار فكان الجمع السنوي لأحفاد الشرفاء الأبرار.
ومنذ استيقاظ العالم على فجر السابع من أكتوبر/تشرين الأول، استأنفنا مرافعتنا على ميراث ابي مدين شعيب، وحضرنا ملتقيات دعم المقاومة، وأثرينا ندوات المنافحة على الحقوق المشروعة لأهل غزة المظلومين من تمنراست إلى وهران، داعمين صوت الجزائر الصادح والمغالب في الأمم المتحدة المنافح عن المظلومين.
وما دام الصلح خير، فقد شرحنا ثمراته اليانعة وبينا دوره في حفظ استقرار المجتمع، وأظهرنا أضداده من مختلف الأنواع، في ربوع البويرة ومداشر برج بوعريريج ومدرجات العاصمة وسواحل بومرداس، وتوجناها بجمع لطيف بين مجالس غرداية العريقة وبجاية الباسقة، وشرعنا أبواب المجلس لقوافل أهلنا من الجالية الوطنية من اسقاع العالم، بعد استكمالنا ولايات الجزائر، حريصين على تجسيد أولويات الجزائر الجديدة.
س/ ما هي رسالة المجلس وأنتم تنجزون أكبر حصيلة ثقافية في تاريخ المجلس؟
ج/ نشكر كل من ساهم وسهل وأعان من إطارات الدولة ومؤسساتها، مع إشادة بالعلماء والمثقفين والباحثين، والإعلاميين المرافقين والمتفاعلين الناشطين. والله تعالى نسأل، أن يمن على المقاومة الفلسطينية بالنصر المبين، ويكرم الأقصى المبارك برفع الظلم الغشيم، وأن يحفظ الجزائر بركنه القويم، ويديم عليها البهجة والأفراح، وينعم عليها بالأمن والأمان، وأن يوسم بلدنا بوسام الرخاء ويوشحها بوشاح العافية، وأن يجعل ولي أمرها الكريم، وشعبها العظيم، وجيشها القويم، وسائر مؤسساتها في رباط متين.
تعليقات الزوار
لا تعليقات