قالت محامية إن قاضيا تونسيا أصدر قرارا بمنع عبداللطيف المكي، القيادي المنشق عن حركة النهضة الإسلامية وزير الصحة الأسبق، المرشح المحتمل للانتخابات الرئاسية، من السفر والظهور في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي ومغادرة منطقته السكنية، وذلك في إجراء وصفه حزبه بأنه "محاولة لإقصاء مرشح جدي من السباق".
وأصبح المكي أحدث المرشحين الذين انتقدت أحزابهم ما أسمته بـ"عرقلة السلطات لمساعيهم للترشح في الانتخابات"، بعد أن اشتكى آخرون مما وصفوه بـ"الاستهداف الممنهج" لإقصائهم من السباق.
وكان الرئيس التونسي قيس سعيد قد انتقد في تصريح سابق ما وصفه بـ"تهافت" السياسيين، الذين قاطعوا الانتخابات التشريعة الماضية، على خوض السباق الرئاسي، معتبرا أن هدف أغلبهم هو الكرسي.
وفي الأسبوع الماضي، اعتقلت الشرطة أيضا مرشحا محتملا آخر هو لطفي المرايحي بشبهة غسيل الأموال. وقال المرايحي في مقطع فيديو سجله قبل القبض عليه إنه يواجه الاعتقال وقيودا ومضايقات بسبب ترشحه للانتخابات المقررة في السادس من أكتوبر/تشرين الأول المقبل.
ويواجه بعض المرشحين المحتملين الآخرين، بمن فيهم الصافي سعيد ومنذر الزنايدي ونزار الشعري، ملاحقات قضائية في قضايا مختلفة من بينها التدليس والفساد وتبييض الأموال.
وقالت المحامية منية بوعلي إن "القاضي قرر منع سفر مكي ومنعه من الظهور في وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي وأمره بالبقاء في منطقة الوردية حيث يقيم".
واعتبر حزب العمل والإنجاز الذي يتزعمه عبداللطيف المكي الخطوة "استهدافا مباشرا لمنافس جدي" وقال أحمد النفاتي نائب الأمين العام للحزب "هذا يؤكد أن المكي مستهدف بشكل واضح لعرقلة حملته لجمع التوقيعات من المواطنين والتواصل معهم بشكل مباشر".
وأثار ترشح المكي للسباق الرئاسي جدلا وتساؤلات بشأن قدرته على القطع مع سياسات الحركة الإسلامية التي انسحب منها العشرات من القيادات بسبب ما وصفوه بـ"النهج الاستبدادي" لزعيمها راشد الغنوشي ورفضه كافة المطالب بإجراء مراجعة لسياسات الحزب، فيما اعتبر بعض المتابعين للشأن السياسي التونسي المكي "مرشح النهضة من وراء الستار".
وبعد أيام من إعلان المكي نيته الترشح للانتخابات، قال متحدث باسم محكمة تونس إنه يواجه شبهة المشاركة في القتل العمد لرجل الأعمال الجيلاني الدبوسي الذي توفّي في 7 مايو/أيار 2014 بعد ساعات من خروجه من السجن الذي قبع فيه منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2011 بتهم فساد واختلاس ومحسوبية.
وفي 2019، تقدمت أسرته بشكوى ضد السلطات التونسية لدى لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، بخصوص ظروف وفاته بعد إيقافه تحفظيا لمدة 31 شهرا دون محاكمة.
واتهمت الأسرة السلطات التونسية بارتكاب "الانتهاكات الجسيمة للميثاق الدولي المتعلق بالحقوق المدنية والسياسية، والإهمال وسوء المعاملة، وتجاوز آجال الاحتفاظ القانونية".
وفي 21 يونيو/حزيران الماضي قرر قاضي التحقيق في المحكمة الابتدائية بتونس العاصمة سجن القيادي بحركة النهضة وزير العدل الأسبق نورالدين البحيري في ملف وفاة الدبوسي.
وتتهم أحزاب المعارضة، التي يقبع عدد من قادتها في السجن، حكومة سعيد بممارسة ضغوط على القضاء لتعقب منافسيه في الانتخابات وتمهيد الطريق أمامه للفوز بولاية ثانية.
وتقول الأحزاب إنه لا يمكن إجراء انتخابات نزيهة ذات مصداقية ما لم يتم إطلاق سراح السياسيين المسجونين والسماح لوسائل الإعلام بالعمل دون ضغوط.
وفي المقابل، يرى أنصار سعيد أن الترشح للانتخابات ليس سببا لوقف الملاحقات القضائية ضد أشخاص يواجهون اتهامات بغسل الأموال والفساد مهما كانت صفاتهم.
ولم يعلن سعيد، الذي انتخب رئيسا عام 2019، عن ترشحه رسميا بعد، لكن يتوقع أن يعلن عن ذلك قريبا وقال في العام الماضي إنه لن يسلم السلطة لمن وصفهم بغير الوطنيين.
وكان سعيد قد أغلق البرلمان في عام 2021، وشرع في الحكم بمراسيم في خطوة وصفتها المعارضة بالانقلاب، مشددا على أن خطواته قانونية وضرورية لإنهاء سنوات من الفساد المستشري بين النخبة السياسية.
تعليقات الزوار
لا تعليقات