تحوّلت رسالة تهنئة بثتها السفيرة الأمريكية في الجزائر إليزابيث مور أوبين على مواقع التواصل الاجتماعي، إلى ما يشبه محاكمة للسياسة الأمريكية في فلسطين ومساهمتها المباشرة في دعم الجيش الإسرائيلي في عملية الإبادة التي يقوم بها في قطاع غزة.
وظهرت أوبين في فيديو وهي تحاكي طقوس المرأة الجزائرية في العيد، حيث وضعت الحنّاء في يديها وارتدت البرنوس الجزائري الأبيض المطرز وجلست على صينية نحاسية تحتسي الشاي وتتناول حلويات تقليدية، تحت أنغام الأغنية الجزائرية الشهيرة في العيد “مزّينو (ما أزينه) نهار اليوم”، ثم توجهت للجزائريين بالتهنئة بلهجتهم المحلية “عيدكم بالصحة والهنا” ومازحتهم بالقول “ما تكثروش (لاتكثروا) الحلوى”.
ورغم هذا الاجتهاد في تمثّل العادات الجزائرية، وجدت السفيرة نفسها محاصرة بكم هائل من التعليقات التي لم ترد تهنئتها بالمثل، وذكرّتها بما ترتكبه الإدارة الأمريكية في حق الفلسطينيين من جرائم. وتوجهت أغلب الردود بالدعاء بالنصر لفلسطين ووصف ما تقوم به السفيرة بالمسرحية في ظل عمليات القتل في فلسطين التي تواصلت حتى في يوم العيد. وفي حين حجب موقع فيسبوك وهو أكثر منصة يتفاعل فيها الجزائريون، أغلب التعليقات بسبب محتواها الداعم لفلسطين، فقد بدت بشكل أكبر في الردود عليها عليها على منصة “أكس”.
ومنذ وصولها للجزائر، تحاول مور أوبين اعتماد سياسة تواصل شعبية تقوم على تبني الثقافة الجزائرية ومقاسمة الجزائريين رحلاتها واكتشافاتها في بلادهم الشاسعة، وهو ما جلب لها جمهورا واسعا في البداية، لكن العدوان على غزة أفسد كل شيء وحشرها في الزاوية، باعتبارها تمثل الإدارة الأمريكية التي يعتبرها الجزائريون شريكة في قتل الفلسطينيين وإطالة الحرب في غزة بفعل الفيتو المتكرر لحماية إسرائيل، كان آخره ضد مشروع القرار الجزائري في مجلس الأمن.
ومن الواضح، أن هوامش الحركة للسفيرة الأمريكية في الجزائر إليزابيث مور أوبين، تقلصت بشكل كبير منذ بدء الحرب على غزة بعد أن كانت تتحرك على نطاق واسع في السابق وتحظى بتغطية إعلامية كبيرة، وتحولت لقاءاتها مع السياسيين إلى مناسبة لإبلاغها الغضب الجزائري من مشاركة بلادها بشكل مباشر في العدوان.
وكانت السفيرة قد التقت بالسياسية اليسارية لويزة حنون وكانت تبحث عن إجابات حول الوضع الداخلي في الجزائر والانتخابات الرئاسية، لكن اللقاء تحول حسب بيان حزب العمال إلى مساحة للدفاع عن الشعب الفلسطيني وانتقاد الغطرسة الأميركية.
وذكر الحزب أن زعيمته لويزة حنون حملت مسؤولية حرب الإبادة الجماعية التي يقوم بها الكيان الصهيوني للحكومة الأمريكية، وذكّرت بأنّ الإدارة الأمريكية وبريطانيا هما من قرّرا بتواطؤ من جوزيف ستالين إنشاء الكيان الصهيوني في 1947 في إطار الأمم المتحدة على أنقاض الدولة الفلسطينية التي تم تدميرها وتجزئتها وتشريد شعبها.
وسبق للسفيرة مور أوبين أن تعرضت للانتقاد اللاذع من قبل رؤساء المجموعات البرلمانية للأحزاب المشكلة للبرلمان، حيث أبلغوها احتجاجهم على موقف بلادها المشارك في العدوان على غزة وبينوا لها أن “حماس وفصائل المقاومة ليسوا إرهابيين”. واعترفت السفيرة الأمريكية في تغريدة لها على موقع “إكس”، بأن المحادثات كانت معقدة مع البرلمانيين الجزائريين. وقالت: “أجريت اليوم مع أعضاء البرلمان الجزائري محادثة بناءة بشأن الوضع في غزة. ناقشنا المجالات التي تلتقي فيها وجهات نظرنا وكذلك وجهات نظرنا المختلفة. تعتبر المحادثات المعقدة، التي تتم بحسن نية، ذات أهمية قصوى”.
ومع الأسابيع الأولى للعدوان، وجّه قبل ذلك 15 حزبا سياسيا مذكرة للسفيرة الأمريكية احتجاجا على موقف بلادها المنحاز للاحتلال الإسرائيلي في حرب الإبادة التي يشنها على الشعب الفلسطيني. وأعابت الأحزاب المنضوية في إطار الهيئة الداعمة والمناصرة لفلسطين، الصمت الأمريكي عما يرتكبه الاحتلال من تدمير وإبادة وتهجير وهو “ما نعتبره تنصلا وتنكرا للمبادئ التي تقوم عليها الشرعية الدولية والعيش المشترك والسلام بين الشعوب”.
تعليقات الزوار
لا تعليقات