للمرة الثانية في ظرف أسبوعين، تلقى وزير الشؤون الخارجية الجزائري أحمد عطاف، اتصالا هاتفيا من كاتب الدولة الأمريكي للشؤون الخارجية، أنتوني بلينكن، تناول الوضع العام في غزة والمجهودات المبذولة من قبل الجزائر في مجلس الأمن للتوصل لوقف إطلاق النار.
وذكرت الخارجية الجزائرية في بيان لها أن هذه المحادثة تندرج في إطار المشاورات المنتظمة التي اتفق الوزيران على الحفاظ عليها بشأن القضايا الدولية والإقليمية الرئيسية ذات الاهتمام المشترك. وتركزت المناقشات بشكل خاص، وفق نفس المصدر، حول تطورات الأوضاع في قطاع غزة وعلى الجهود الدبلوماسية التي تبذلها الجزائر في مجلس الأمن، بهدف تفعيل التدابير المؤقتة التي أصدرتها محكمة العدل الدولية.
وأوردت الخارجية الأمريكية من جهتها تصريحا للمتحدث باسم وزارة الخارجية ماثيو ميلر حول هذه المحادثة، جاء فيه أن الوزيرين “ناقشا الجهود الدبلوماسية القائمة للتوصل إلى نهاية دائمة للأزمة في قطاع غزة تحقق السلام والأمن المستدامين للإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء”. كما ناقش الوزيران حسب المتحدث، “ضرورة ضمان حماية المدنيين وزيادة المساعدات الإنسانية إلى الفلسطينيين في غزة بشكل طارئ”، وأشارا إلى “التزامنا القوي بإقامة دولة فلسطينية”. كما اتفقا أيضا على مواصلة التنسيق الوثيق بشأن هذه المسائل في مجلس الأمن الدولي.
ويبدو التباين في اللغة الموظفة في البيانين لافتا، ففي حين تركز الجزائر على ضرورة تفعيل التدابير المؤقتة لمحكمة العدل الدولية، والتي لا يمكن أن تتحقق وفق تصريحات السفير الجزائري في الأمم المتحدة سوى بوقف فوري لإطلاق النار، لا يرد من الجانب الأمريكي أي ذكر لقرار محكمة العدل الدولية أو حديث عن وقف إطلاق النار.
كما يظهر الاختلاف أيضا في تركيز الجانب الأمريكي على موضوع اليوم التالي للحرب، عبر دعم فكرة حل الدولتين، وهو ما لا يرد في البيان الجزائري الذي يصر بين سطوره على موضوع وقف الحرب أولا، وهو ما كان وزير الخارجية أحمد عطاف قد شرحه في تدخلاته خلال الاجتماعات الدولية الأخيرة.
وحول موضوع حلّ الدولتين، كانت السفيرة الأمريكية في الجزائر إليزابيث مور أوبين، قد صرّحت الأسبوع الماضي أن كلا من الولايات المتحدة والجزائر تدعمان بشكل كامل حلّ الدولتين في فلسطين، مع الاعتراف بوجود خلافات حول طريقة الوصول إلى ذلك.
وتحدثت أوبين في حوار لها مع جريدتي “الوطن” و”الخبر”، بلغة دبلوماسية حذرة، أنه فيما يتعلق بالوضع مع فلسطين، فإن “كلا من الولايات المتحدة والجزائر تدعمان بشكل كامل هدف حل الدولتين، ونحن نشعر بقلق بالغ إزاء الوضع الإنساني في غزة، وكلانا نعمل بجد لتوصيل المساعدات للفلسطينيين هناك”. بالمقابل، أبرزت أن البلدين لديهما وجهات نظر مختلفة حول كيفية تحقيق تلك الأهداف، ولكننا قادرون على مناقشة تلك الأمور بعبارات محترمة وودية للغاية. وأضافت: “نحن قادرون على التحدث عن المجالات التي نتفق عليها، وسنعمل بجد ونستمر في التعاون الوثيق لتحقيق هذه الأهداف”.
والمعروف أن الجزائر تدعم حل الدولتين على أساس المبادرة العربية للسلام سنة 2002، أي بانسحاب كامل من الأراضي المحتلة سنة 1967 وإقامة الدولة الفلسطينية على هذه الأراضي وعاصمتها القدس الشريف مع ضمان حق العودة للاجئين الفلسطينيين. لكن حل الدولتين بالمفهوم الأمريكي يثير تحفظات لدى سياسيين جزائريين، خاصة أن طرحه يتزامن مع مخططات إنهاء الحرب في غزة، حيث يرى البعض أن الولايات المتحدة تسعى لتحويل نتائج طوفان الأقصى لصالح المشروع الصهيوني الأمريكي وذلك برسم شرق أوسط جديد يقوم على ركائز بينها حلّ الدولتين.
وتحاول الاتصالات المتكررة بين عطاف وبلينكن إيجاد أرضية اتفاق مشتركة حول المبادرات المطروحة في مجلس الأمن حول فلسطين، خاصة بعد أن أصبحت الجزائر عضوا غير دائم فيه منذ بداية هذه السنة. وكان خلاف علني قد برز قبل أيام، بين الجزائر والولايات المتحدة، بعد أن وزّعت الجزائر على مجلس الأمن الدولي مشروع قرار يطالب بوقف فوري لإطلاق النار في غزة لأسباب إنسانية، والذي ينص على رفض التهجير القسري للمدنيين الفلسطينيين، ويطالب بوقف جميع الانتهاكات، كما يجدد الدعوة لوصول المساعدات الإنسانية بشكل كامل وسريع وآمن دون عوائق إلى القطاع. وأثار ذلك انتقاد سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد التي قالت إنه قد يعرض للخطر “مفاوضات حساسة” تستهدف التوسط في وقف القتال في غزة.
وفي أعقاب ذلك، تلقى وزير الخارجية أحمد عطاف، يوم الثلاثاء الماضي اتصالا هاتفيا من كاتب الدولة الأمريكي للشؤون الخارجية، أنتوني بلينكن، تبادل فيه الوزيران وجهات النظر حول تطورات الأوضاع في قطاع غزة، مع التركيز بصفة خاصة على مشروع القرار الذي تقدمت به الجزائر في مجلس الأمن بتوجيه الرئيس تبون، وذلك بهدف تفعيل قرار محكمة العدل الدولية بشأن التدابير التحفظية المفروضة على الاحتلال الإسرائيلي، وفق الخارجية الجزائرية.
وأكدت الخارجية الجزائرية أن مشروع القرار هذا يهدف بشكل رئيسي إلى تحقيق وقف دائم لإطلاق النار في غزة، وكذا إلى ضمان حماية المدنيين وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق أو شروط. وعلى نحو مماثل، يهدف ذات المشروع إلى تأكيد رفض مجلس الأمن لمحاولات تهجير الفلسطينيين قسراً من أراضيهم، وفق الخارجية.
وفي خضم ذلك، تتجه الأنظار لما يتم التحضير له في مجلس الأمن، خاصة في ظل الاندفاع الإسرائيلي لاقتحام رفح التي يقيم أغلب اللاجئين الفلسطينيين الذين هجروا من ديارهم منذ بدء العدوان.
وفي السياق، قالت حركة مجتمع السلم في الجزائر، إنها تتابع بقلق التطورات الخطيرة التي تعيشها القضية الفلسطينية، إثر قيام الكيان الصهيوني الغاشم بارتكاب مجازر وحشية مروعة ضدَّ الشعب الفلسطيني في مدينة رفح ومخيمات النزوح فيها، وهو ما وصفته ب”الهجوم النازي للجيش الإسرائيلي الذي يغذِّيه اليمين المتطرِّف الحاكم في الكيان الصهيوني، والذي يتحدَّى فيه كل الأعراف والقوانين والقيم والمؤسسات الدولية”.
وأكدت الحركة أن هذه المجازر الفظيعة تُعَدُّ استمرارًا في حرب الإبادة الجماعية ومحاولات التهجير القسري، وإمعانًا في انتهاك القانون الدولي، وتجاهلاً للتحذيرات الأممية والهيئات الحقوقية من مخاطر هذه الحرب المجنونة، داعية المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل من أجل وقف هذه الوحشية الصهيونية.
تعليقات الزوار
مجرد تساؤل.
مجرد تساؤل. هل تراجعت الجزائر عن مشروعها !!!؟؟؟ أبدا، وليس ذلك من خصالها، خاصة في ما تعلق بفلسطين، وغزة العزة. في إحدى خطبه قال تبون ما نصه: "لا توجد قوة في العالم تستطيع الضغط على الجزائر" انتهى الاقتباس وبعد استلامها مقعدها في مجلس الأمن أصبحت هي من تضغط على أمريكا، والأخير تتوسلها بدليل الاتصالين من بلينكن موضوع مقال الحال. وبعد تقديم الجزائر لمشروع وقف إطلاق النار في غزة قالت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس جرينفيلد ما نصه: " ضغط الجزائر من أجل تحرك في مجلس الأمن قد يعرض محادثات غزة للخطر" انتهى الاقتباس لهذا السبب أرجأت الجزائر قرارها دون سحبه لإعطاء فرصة لمفاوضات وقف إطلاق النار بمزيد من الضغط على أمريكا والكيان بقبول شروط حماس.
ذباب الكابرانات
مجرد تساؤل للخراوي ذباب الكابرانات لماذا لا تطالب الجزائر بتقرير المصير للشعب الفلسطيني ؟