إنَّ إفلاس الرأسمالية كنمط اقتصادي، بعد وصولها لمرحلة التوحش، وذلك بعد تركيز الثروات بيد قلة من العائلات و شركاتهم الكبرى، هو ما دفع بالمنظرين الاقتصاديين لاستدعاء الحروب الحالية، بدء و الحرب على الساحة الأوكرانية، في امتداد ذلك نحو الشرق الأوسط و البحار، إذ ذلك ما اشتغلت و تشتغل عليه استخبارات “البنتاغون”، وذلك خدمة للدولار بعد الأزمات الاقتصادية ومستويات التضخم التي وصلت إليها كل الدول، بسبب الارتباط الدولي بالدولار، وهذا ما أدى إلى ضرورة سحق منطقة “الأورو” وعملتها، بدافع الحرب الأوكرانية، ليتجاوز بذلك الدولار نضيره الأورو، مما أنعش الاقتصاد الأمريكي وشركاته الكبرى، وعمل على تأزيم اقتصاد أوروبا الغربية و محيطها، وأدى بالصين إلى زيادة تركيزها على الأصل الدولاري، بغية السيطرة على الأصول الأمريكية، وهو ما جعلها أيضا في منأى عن دعم المنطقة الأوراسية.
غير أن “فلاديمير بوتن” بعد رفضه التعامل بالدولار و أيضا بالأورو، هو ما أعطى نفسا للاقتصاد الأمريكي، بإخراجه لورقة الروبل قصد إدارة الحرب بأوكرانية، وعمل على تأخير سيطرة الصين على الاقتصاد الأمريكي، إذ تعلم “بجين” جيدا برغماتية روسيا عبر علاقتها بالهند من خلال دعمها العسكري لنيودلهي.
فالصين ترى أن الدولار هو عملة دولية قبل أن تكون أمريكية. لذلك إن إمكانية تحويل الدولار إلى عملة رقمية، هو ما يؤهله لخدمة الشركات الدولية من داخل النظام العالمي الجاري تحديثه، إذ تسمح رؤية الصين تجاه الدولار بتمرير الخرائط الجيوسياسية و الجيو اقتصادية الجديدة، وتؤهل الشركات والدولة العميقة بأمريكا لرسم حدود الخريطة العالمية الجديدة، و توزيع جديد للثروات، مع إعادة تقسيم الأدوار، وربط الإنتاج و مصادر الموارد والأسواق بالدولار، وذلك للتمكن من اقتصاد حقيقي يساهم في التقليل من مستويات التضخم والإفلاس. إذ يترتب عن ذلك تقاسم النفوذ بشرق أسيا بين الصين والهند والمنطقة الأوراسية، وهو ما يدعمه الحزب الديمقراطي والبنتاغون وباقي الأجهزة، في تناغم تام مع ما تمليه مجموعة بلدربيرغ و اللجنة الثلاثية، مما يؤدي بعد ترسيم هذه الخرائط الجيو سياسية الجديدة لاستمرار الدولار كعملة رئيسية للمعاملات المالية لكل الدول.
إذ يمنح ذلك للحلف الأنجلوساكسوني الاستمرار في زعامة العالم، عبر تبادل الأدوار بين مكوناته، ليتأكد معه من جديد أن الاقتصاد هو المتحكم الأول في السياسة واستراتيجياتها الكبرى، وهو ما ينم عن العقوبات الأمريكية التي طالت بعض الحكومات، لإعادة تأهيل الاقتصاد العالمي الخرائط، بعد التضخم الكارثي الذي تشهده كل الدول، وهو ما سمح بتمرير الحروب الحالية، من أجل بناء اقتصادي جديد، يتمكن من خلاله “البنتاغون” من تمرير خرائطه الجديدة، لأن تركيز الثروات يتطلب ما يترتب عنه للغايات المطلوبة، وذلك لإعادة تشغيل حركة الاقتصاد العالمي، وفق استراتيجية التخفيض السكاني المحتمل تسجيله في السنوات المقبلة.
تعليقات الزوار
لا تعليقات