انتقد وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف تشتت الصف العربي في دعم القضية الفلسطينية، واعتبر ذلك من أسباب تراجع هذه القضية المركزية عند العرب والمسلمين في جدول الأعمال الدولي، كما أكد رفض بلاده لوصول السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة على ظهر دبابة إسرائيلية.
وذكر عطاف في حديث مطول مع الإعلامية خديجة بن قنة على منصة أثير، في رده على ضعف الموقف العربي مقارنة بتطلعات الشارع، قائلا: “يجب أن نكون صرحاء مع بعضنا، ليس هناك صف عربي واحد حول القضية الفلسطينية، فالصف العربي والكلمة العربية يطبعهما التفتت وهذا ما يترجم في الميدان بالضعف”.
وبخصوص ما يثار حول مستقبل غزة وإلحاقها بسلطة رام الله، قال عطاف إنه “سمع كلاما مطمئنا خلال لقائه مع الوزير الأول الفلسطيني الذي أكد لي بأننا لا نرضى أبدا أن تدخل السلطة الفلسطينية غزة فوق دبابة إسرائيلية”. وعقب الوزير الجزائري على ذلك بالقول “هذا هو الكلام يعني، ومن يحلم بهذا الحل هو غير دار أو غير ملم بالواقع الفلسطيني”.
وأضاف يقول في هذه النقطة: “هذا يرجعنا لأساس من أسس الحل كنا نقوله قبل 30 أو 40 سنة بأن صاحب القرار فيما يخص فلسطين هم الفلسطينيون، ونحن نردد اليوم نفس الكلام لأن الكثيرين نصبوا أنفسهم لسان حال المقاومة أو لسان حال الشعب الفلسطيني حتى لا نقول أوصياء. أما الصوت المغيب اليوم فهو الصوت الفلسطيني. انظروا ما حدث في واشنطن، كل واحد تحدث بعد اللقاء مع بلينكن والوحيد الذي لم يتكلم هو الوزير الأول الفلسطيني”.
وبشأن عودة فلسطين للواجهة دوليا، أبرز الوزير الجزائري أن “العالم لم يتكلم عن حل سياسي للقضية الفلسطينية منذ أكثر من 25 سنة، وكان آخر من قام بمبادرة سياسية هو الرئيس الأمريكي كلينتون الذي نساه الناس”، كما أن القضية الفلسطينية حسبه “غابت من جدول الأعمال الدولي”، ولما التقيت الوزراء- يضيف- في الآونة الأخيرة كنت أقول إنه لا يوجد أولويات ممكن أن تتصدر أكثر من القضية الفلسطينية.
ويرى عطاف أن هذا الغياب مرده عدم وجود إلحاح عربي على إدراج القضية الفلسطينية في جدول الأعمال الدولي. وربط هذا الواقع بالماضي، بالقول “عندما كنت في بداية مشواري الديبلوماسي وحتى عندما كنت وزير خارجية في عهدتي الأولى (منتصف التسعينات)، كان التحرك العربي الجماعي يعد بالعشرات في السنة نحو روسيا الصين وغيرها من الدول. أما اليوم ما لفت انتباهي عندما عدت إلى هذا المنصب (بداية 2023) أن القضية الفلسطينية لم تعد أولوية حتى في جدول الأعمال العربي. صحيح أننا نسميها قضية مركزية للعرب وللمسلمين لكن عمليا لا توجد تحركات جماعية”.
وحول ما إذا كان التراجع العربي في دعم القضية الفلسطينية سببه التطبيع، أجاب رئيس الدبلوماسية الجزائرية أن “التطبيع لعب دورا كبيرا”. وروى تجربة شخصية عاشها بالقول “أذكر عندما كنت وزير خارجية في وقت مؤتمر أوسلو، كنا نتعرض لضغط كبير خاصة من جانب كاتبة الدولة الأمريكية مادلين أولبرايت التي مارست ضغطا على الجزائر فريدا من نوعه لأننا كنا من القلائل الذين لم يطبعوا ولم يفتحوا سفارة في تل أبيب، وكنت أجيبها بأننا ليس لنا مشكل ثنائي مع إسرائيل، والمشكل بيننا وبين إسرائيل هو فلسطين. ولما تحل القضية الفلسطينية سننظر في فتح أو في ربط علاقات”.
واستطرد حول لقاءاته مع أولبرايت بخصوص التطبيع: “قلت لها لكن أود أن أشرح لك لماذا تعارض الجزائر التطبيع، لأنه يؤخر حل القضية الفلسطينية”. وفي اعتقاد عطاف فإن الزمن أعطى الحق للجزائر، لأن المشكلة حسبه هي “الاحتلال وكلما وضعنا الحل السياسي للقضية الفلسطينية والتطبيع في نفس الدرجة أخذ التطبيع الأولوية على حساب الحل السياسي وهذا الذي جعل الجزائر حتى اليوم تقول أيها الناس إن تركيزكم على التطبيع يضحي بالقضية”.
موقف الجزائر من التطبيع
وسئل وزير الخارجية تعقيبا على إجابته حول ما إذا كانت مستعدة للتطبيع إذا زال الاحتلال، فقال إن الحكومة التي تكون قائمة حينئذ ستنظر في الموضوع، كما نظرت الحكومة الجزائرية بعد إزالة الأبرتايد من جنوب إفريقيا حيث كان للجزائر نفس الموقف من جنوب إفريقيا لكن لما أزيل نظام التمييز العنصري، درست الحكومة الموضوع وقررت إقامة العلاقات الدبلوماسية مع جنوب إفريقيا”.
وأشار إلى أن درجة التشابه كبيرة، فالنظام الإسرائيلي يتجه نحو فرض نظام الأبرتايد في فلسطين وهو أمر يقر به سياسيون ومنظمات حقوقية ومنظمات المجتمع المدني الدولي وهو توجه إسرائيلي خطير جدا.
وبخصوص تعامل الجزائر داخليا مع القضية الفلسطينية وما يثار من انتقادات حول عدم السماح بالتظاهر، رد عطاف بشكل دبلوماسي بالقول إن هناك عملا لصالح فلسطين حتى وإن كان مستوى التظاهر لا يرقى إلى نفس القوة والحجم والكثافة والاستمرارية في دول أخرى. وأرجع ذلك إلى “عدم وجود عادة التظاهر مثلما عادة عند الديمقراطيات القديمة والقديمة”. لكنه أكد أنه يلتقي يوميا بجمعيات وأحزاب تنشط لصالح فلسطين من أجل إيصال الإغاثة.
وبشأن مبادرة الجزائر القانونية لتوحيد الجهود من أجل مقاضاة إسرائيل، قال عطاف إن بشاعة الأوضاع التي يمر بها الأهل في غزة من أسباب الكثيرة هو استفادة إسرائيل من اللاعقاب واللامحاسبة وكأن الاحتلال الإسرائيلي يعيش في كون مغاير للكون الذي نعيش فيه نحن البشر العاديون.
ولهذا السبب، ذكر الوزير أن رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، تكونت لديه القناعة بأنه لا بد الآن أن نطرح قضايا محاسبة ومساءلة ومعاقبة إسرائيل شأنها شأن باقي دول المعمورة، فأطلق هذه المبادرة الداعية لرفع دعوات ضد المسؤولين عن الاحتلال الإسرائيلي، وكان لها استجابة سريعة حسب عطاف، ففي اليوم التالي أيدها رئيس كولومبيا وتوسعت الرقعة في أمريكا اللاتينية وفي إفريقيا والعالم العربي بالضرورة، فاجتمع هؤلاء في الجزائر لتنسيق المواقف وتوحيد المرافعة لصالح الأهل في غزة مع التوجه نحو محكمة الجنايات الدولية.
وخارج هذا الحراك الحقوقي والقانوني، قال عطاف إن الجزائر تتحرج من ذكر باقي التزاماتها اتجاه الشعب الفلسطيني، لكنه أشار إلى أن بلاده تترأس قائمة الذين يوفون بانضباط مطلق بالتزاماتهم المالية للسلطة الفلسطينية، وكلما كانت منظمة التحرير الفلسطينية أو السلطة الفلسطينية في حاجة إلى دعم جزائري اتصلت بنا وقدمنا هذا الدعم.
أما بالنسبة للمساعدات، ذكر أنه في الأيام الأولى من الاعتداء الصهيوني على غزة، وصلت طائرات محملة بإغاثات جزائرية ودخلت غزة عبر رفح، مع التعبير عن استعدادنا لمواصلة هذا الدعم، لكن المشكلة حسبه أن ثمة عراقيل من بينها ضرورة إصدار تأشيرات وغير ذلك تؤخر دخول المساعدات.
وأبرز الوزير كمثال على العراقيل، عدم وصول الجرحى الفلسطينيين بالكامل الذين عبرت الجزائر عن استعدادها لاستقبالهم وهم في حدود 450 طفلاً مصاباً لكن التراخيص إلى الآن لم تصدر، حسبه. وأشار إلى أن السلطات المصرية والفلسطينية ليست الوحيدة في المنطقة، ما يصعب التعامل في هذا الموضوع.
تعليقات الزوار
جهل + فقر+ منافقين = تسلط والتفتت
نظام عسكر جزائر فرنسا يعتمد على أدنيه والسنته وانفه فقط فجمجمته فى فرنسا، كما يقول عطاف ( لقد سمع ) فهل تعرف بيادق فرنسا ان مشكلة فلسطين قديمة قدم التاريخ مند عهد سيدنا موسى عليه السلام ، باختصار شديد اسرائيل حقيقة قائمة وضرورة للقوى العالمية شرقية وغربية والتطبيع والمطبعين مجرد مزايدة وشعارات للمتاجرة فمادا حقق جمال ومن كان خلفه يبيعون والوهم والاوهام لشعوبهم عقلية متوقفت عند ارجل كراسيهم ببنما نهيقهم يملئ آذان شعوبهم المبرمجة والمقموعة اليست الانظمة العسكرية التى تقوم بدور الوكالة للمستعمر جزءمن اطالة الصراع العربي الفلسطينى بل لها القسط الاوفر فى سحق المواطن العربى ،لتحرير الارض والعرض يجب توفرعلى مقومات القوة لكي تفاوض او تحارب وليس اخفاء الضعف باطلاق التهم والتهكم على الآخرين (سيناء تحررت مع الاراضى الاردنية والجولان تحت الاحتلال فماد ينفع نقش المتسلطين والمنافقين لأبنية اجدادهم المهدمة ،