تظاهر عشرات آلاف الأشخاص في عدة مدن جزائرية بينها العاصمة الخميس، تضامنا مع الفلسطينيين ومنددّدين بإسرائيل، في مسيرة هي الأولى التي تسمح بها السلطات منذ وقف الحراك الشعبي قبل سنتين.
وتعرض النظام الجزائري الذي يرفع شعار التأييد للقضية الفلسطينية وزاحم دولا أخرى في المنطقة في استضافة اجتماعات للفرقاء الفلسطينيين في محاولة لإنهاء الانقسامات، لانتقادات عنيفة في الشارع وعلى منصات التواصل الاجتماعي بسبب منعه مسيرات التضامن مع غزة.
وفي خطوة لاحتواء هذا الاحتقان ولرفع العتب سمح أخيرا بخروج مسيرات تضامن لكن ذلك لا يحجب مخاوف من تحول تلك المسيرات إلى حراك ضد السلطة، بينما أبقاه الحراك الشعبي الذي اندلع في 2019 وأفضى لإعلان الرئيس السابق الراحل عبدالعزيز بوتفليقة استقالته ثم استمر لاحقا للمطالبة برحيل نظام الرئيس عبدالمجيد تبون، في حالة توجس دائم من أي احتجاجات تشهدها البلاد.
وانطلقت مسيرة العاصمة من ساحة أول ماي نحو ساحة الشهداء على مسافة نحو خمسة كيلومترات، وهتف المتظاهرون "فلسطين الشهداء"، و"جيش شعب معك يا فلسطين".
كما رفع المتظاهرون لافتات بالعربية والإنكليزية كُتب عليها "لا لقتل الأطفال والنساء والمدنيين. أين حقوق الإنسان؟"، و"بايدن مجرم حرب". كما طالبت لافتة بـ"طرد السفيرة الأميركية".
وحمل المتظاهرون أعلاما فلسطينية إلى جانب الأعلام الجزائرية. وقال محمد قادري (84 سنة)، العضو السابق في جيش التحرير الجزائري والذي اتشّح بالكوفية الفلسطينية "أنا أعرف معنى القصف العشوائي والقتل بلا تمييز. إسرائيل مثل فرنسا (المستعمر السابق للجزائر) تعتبر أن كل الشعب جزء من المقاومة، لذلك تحاربه كله".
وبرأي سارة عماري (22 سنة) وهي طالبة في جامعة الجزائر "فعلت الدولة خيرا بالسماح بهذه المسيرة، لأننا كنا سننفجر من الغيظ ونحن نشاهد القصف اليومي على غزة"، مضيفة "كنا نذرف الدموع ونصرخ في وجه هذا العالم الذي يسمح بجرائم إسرائيل".
ومنذ توقف مسيرات الحراك الشعبي المطالب بالديمقراطية نتيجة انتشار فيروس كورونا وقمع السلطات في ذكراه الثانية في العام 2021، لم تسمح السلطات بأي مسيرة.
ودعت أحزاب ونقابات ومنظمات مدنية ونقابة اتحاد العمال الجزائريين إلى تظاهرات الخميس "من أجل نصرة فلسطين"، ونقلتها قنوات التلفزيون الحكومي مباشرة.
واعتبر نورالدين (54 سنة)، وهو عامل في شركة سكك الحديد لم يعرّف عن اسم عائلته، "العدوان فاق كل الحدود والهدف إزالة الشعب الفلسطيني من الوجود، ولا يجب أن نسكت عن هذا".
وانتشرت قوات الأمن في الشوارع الرئيسية مدعومة بمراقبة جوية بطائرة هيليكوبتر. وعُلّقت أعلام فلسطينية إلى جانب الأعلام الجزائرية في كل أنحاء العاصمة وعلى شرفات العمارات المطلة على مسار التظاهرة.
وبثّ التلفزيون الحكومي صورا لمسيرات مماثلة من وهران وقسنطينة وورقلة وتندوف وباتنة وعدد من المدن.
واندلعت الحرب في غزة إثر هجوم غير مسبوق لحركة حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول قتل فيه، وفق آخر حصيلة للجيش الإسرائيلي، أكثر من 1400 شخص، غالبيتهم مدنيون. وتحتجز حركة حماس 199 شخصا.
وتردّ إسرائيل بقصف مركّز وعنيف على القطاع أوقع 3478 قتيلا وفق آخر حصيلة لوزارة الصحة التابعة لحماس.
وقامت الجزائر بإلغاء كل الاحتفالات والمهرجانات الثقافية بما فيها الاحتفالات بذكرى "عيد الثورة" في مطلع نوفمبر/تشرين الثاني، تاريخ اندلاع حرب التحرير (1954-1962) من الاستعمار الفرنسي.
كما تمّ إلغاء المنافسات والبطولات الرياضية لا سيما بطولة كرة القدم "تضامنا مع الشعب الفلسطيني"، كما أعلن الاتحاد الجزائري لكرة القدم.
تعليقات الزوار
لا تعليقات