يشير طلب النيابة الجزائرية تشديد الأحكام السجنية بحق كل من الباحث الجزائري الذي يحمل الجنيسة الكندية رؤوف فرّاح والصحافي مصطفى بن جامع المسجونين منذ أكثر من ستة أشهر، إلى نزعة انتقامية وتصفية حسابات مع نشطاء الحراك الشعبي أو داعميه في استكمال لحلقة الترهيب التي طالت العديد منهم، خاصة ممن تتّهمهم السلطات الجزائرية بمساعدة الناشطة أميرة بوراوي على الهروب من البلاد إلى فرنسا عبر تونس رغم أنها ممنوعة من السفر.
ويلاحق رؤوف فرّاح (36 عاما) ومصطفى بن جامع (32 عاما) بتهمة "نشر معلومات ووثائق يتمّ تصنيف محتواها سريا بشكل جزئي أو كلي على شبكة إلكترونية أو غيرها من المواقع" بحسب اللجنة الوطنية للإفراج عن المعتقلين في الجزائر.
وقال محاميهما كسيلة زرقين على صفحته على فيسبوك إنّ فرّاح يُحاكَم أيضا بتهمة "تلقّي أموال من مؤسسات أجنبية أو محلية بقصد ارتكاب أعمال من شأنها تقويض النظام العام".
كما أن والده سبتي فرّاح (67 عاما) الذي أُطلق سراحه بعد 61 يوما في السجن لأسباب صحية، يُقاضى بالتهمة نفسها.
وقُبض على رؤوف فرّاح، الباحث والمحلّل في منظمة "المبادرة العالمية لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الحدود" (GI-TOC)، في 14 فبراير/شباط في منزل والديه في عنابة (شرق).
ونشرت المنظمة صورته على موقعها على الإنترنت وعدد الأيام والساعات (أكثر من 170 يوما) منذ سجنه وتقود حملة دولية للإفراج عنه.
وأرجعت في وقت سابق اعتقاله إلى "رحلاته العائلية المعتادة بين تونس العاصمة المدينة التي يقيم فيها لأسباب مهنية وعنابة مسقط رأسه"، مشيرة إلى أن "الباحث يجد نفسه ضحية جانبية لقضية لا علاقة له بها".
ويترأس مصطفى بن جامع تحرير جريدة "لوبروفنسيال" التي تتخذ مقرا في ولاية عنّابة. ويحاكم في قضايا عدة منذ مشاركته في الحراك الاحتجاجي المطالب بالديموقراطية عام 2019.
وأوقف بن جامع في 8 شباط/فبراير في مقر الصحيفة واتهم بمساعدة الناشطة السياسية الفرنسية الجزائرية أميرة بوراوي في مغادرة الجزائر عبر تونس إلى فرنسا، فيما كانت ممنوعة من مغادرة البلاد.
وتسببت قضية بوراوي في أزمة دبلوماسية مع باريس، إذ اعتبرت الجزائر أن سفرها إلى فرنسا يشكّل عملية إجلاء سرية وغير قانونية تمّت بمساعدة دبلوماسيين وأمنيين فرنسيين.
وقرر الرئيس عبدالمجيد تبون استدعاء سفير بلاده لدى فرنسا للتشاور عقب ما وصفه بـ"عملية الإجلاء السرية" للناشطة من تونس إلى فرنسا.
وعاد السفير الجزائري إلى باريس موفى مارس/آذار الماضي بعد مكالمة هاتفية بين الرئيسين تبون وإيمانويل ماكرون أفضت إلى طي الأزمة واتّفقا على تعزيز قنوات الاتصال لمنع تكرار هذا النوع من سوء التفاهم المؤسف، وفق الإليزيه.
وتعكس مساعي السلطات الجزائرية للتنكيل بعائلة الناشطة بوراوي والمقربين منها والتضييق على الصحافيين حالة التشنج التي تسود النظام الجزائري، فيما فضّل العديد من الناشطين والمعارضين العيش في المنفى الاختياري على البقاء عرضة لحملة القمع والملاحقات بتهم وصفت بـ"الكيدية" والفبركة".
وتثير موجة هروب المعارضين الجزائريين من البلاد مخاوف النظام الجزائري من تسليط الضوء على حملته القمعية في الخارج، بينما يواجه انتقادات دولية تتعلق بملف حقوق الإنسان.
ويقبع في سجون الجزائر العشرات من المعارضين والإعلاميين ونشطاء الحراك دون اتهامات واضحة، فيما يواجه بعضهم عقوبات سجنية قاسية.
ولطالما أطلق تبون في خطبه وعودا بتعزيز الحريات وبناء جزائر جديدة خالية من الظلم والفساد متعهدا بحماية حقوق الإنسان، لكن الواقع يثبت أنها بقيت مجرد شعارات فضفاضة، فيما ترى فئات واسعة من الجزائريين أن البلاد انزلقت إلى مربع الاستبداد وأن الوضع في ظل النظام السابق كان أفضل بكثير.
وحذرت مجموعة من المثقفين والكتاب من عديد الدول في رسالة مفتوحة وجهوها إلى تبون في يونيو/حزيران الماضي من "تحول البلاد إلى زنزانة كبيرة تلتهم الصحافيين الناقدين وكل الأصوات غير الموالية للسلطة"، مطالبين بإنهاء الاعتقالات التي تستهدف الأصوات المعارضة وإطلاق سراح الصحافيين المتواجدين في السجون.
تعليقات الزوار
لا تعليقات