أعادت رسالة وجهتها حركة "صحراويون من أجل السلام" إلى المبعوث الأممي الخاص للصحراء المغربية ستيفان دي ميستورا بمناسبة اليوم العالمي للمساعدات الإنسانية، تسليط الضوء على وضع يزداد سوء للصحراويين المحتجزين في مخيم تندوف تحت حراب جبهة البوليساريو، منبهة إلى سطوة وبطش قادة الحركة الانفصالية في ظل غياب الرقابة الدولية لممارساتهم ولأموال المساعدات التي يجري الاستيلاء بشكل ممنهج وتوظف في شراء الولاءات وتوجه لنفقات ورفاه المتنفذين في الجبهة.
وليست هذه المرة الأولى التي تتعالى فيها أصوات صحراويين استغاثة أو تحذيرا أو لفت انتباه للجهات الدولية المعنية، طلبا لحضور أممي لمعينة خروقات البوليساريو وانتهاكاتها لحقوق الإنسان في مخيمات تندوف وعمليات الابتزاز الني يمارسها قادته في سبيل تحصين نفوذهم وسيطرتهم.
وسبق أن شهد المخيم مظاهرات ندد فيها المحتجون بتجويعهم وزيادة معاناتهم، بينما تنهب أموال المساعدات وتصرف على قادة الحركة الانفصالية. كما استنكروا سياسة إطالة أمد النزاع المفتعل وتمسك الانفصاليين بحلول عبثية تفرضها الجزائر. وتقول مصادر صحراوية إن المخيم يشهد حالة احتقان شديد تحاول البوليساريو إخماده بالقوة حتى قبل المؤتمر السادس عشر للجبهة الذي جرى إدارته بشكل أعاد إبراهيم غالي على رأس قيادة البوليساريو بتدبير من الغرف المظلمة في قيادة الجيش الجزائري.
وحذّرت الحركة من أن "الوضع بات مقلقا بشكل متزايد"، لافتة إلى أن غياب مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين وقصور دوره، ترك عشرات الآلاف من اللاجئين دون الحماية الواجبة وأدى إلى حرمان الناس وخاصة النساء والأطفال من المساعدة.
ونبّهت الحركة إلى خطورة الانتهاكات التي تمارسها القيادة الحالية للبوليساريو في مخيمات تندوف، مشيرة إلى أن انعدام الأمن وفّر أرضية ملائمة لعصابات المخدرات والجريمة المنظمة، لافتة إلى تصاعد الاحتقان الاجتماعي داخل المخيم، فيما تنتشر حالة من الاستياء في صفوف الشباب والطبقة العاملة بسبب تفشي البطالة وتعمّق التفاوت الناتج عن الإدارة غير العادلة من القادة الانفصاليين.
وذكّر الحاج أحمد باريكلا السكرتير الأول لحركة 'صحراويون من أجل السلام' في الرسالة باعتقاده السابق بأنه "طالما استمرت المواجهة بين الجزائر والمغرب، القوتان الرئيسيتان في شمال غرب أفريقيا، فإن أي تقدم نحو التسوية سيكون صعبا، خاصة في خضم عواصف جديدة للوضع الإقليمي والدولي".
وتدعم الجزائر جبهة البوليساريو وتوفر لها الغطاء المالي والعسكري من أجل اطالة أمد النزاع وتعمل على تأجيج الطروحات الانفصالية وتغذيتها كما تعطل جهود التسوية السلمية بذريعة دعم ما تسميه حق تقرير المصير بينما ترفض في الوقت ذاته حركة مماثلة على أراضيها تقودها منظمة ماك التي تطالب بحق تقرير مصير منطقة القبائل، حتى أنها صنفتخا حركة ارهابية.
ودعا إلى "اللجوء إلى المبادرات أو الإجراءات التي تهدف إلى إنقاذ وتعزيز الثقة بين الصحراويين أنفسهم وتعزيز حوار مفتوح بين مختلف الفصائل والحساسيات السياسية والسماح بدور أكبر لممثلي المجتمع المدني والنساء والشباب وخاصة السلطة التقليدية المتمثلة في شيوخ القبائل الصحراوية".
ويعيش الصحراويون في مخيمات تندوف أوضاعا إنسانية بائسة، فيما تزداد ظروفهم المعيشية تدهورا، بينما توظف جبهة البوليساريو الانفصالية أموال المنح ومساعدات المنظمات الدولية في شراء الذمم وقمع المعارضين لتوجهاتها العدائية وحرمانهم من أبسط ضرورات الحياة بهدف تركيعهم، في حين تغدق بسخاء على الموالين لها.
وكشفت تقارير دولية استيلاء قادة في الجبهة الانفصالية على مبالغ مالية هامة كانت موجّهة لمساعدة الصحراويين الذين يعانون ظروفا اجتماعية صعبة وأغلبيتهم يعارضون طروحات بوليساريو، فيما أكدت مصادر من داخل مخيم الاحتجاز أن توزيع المساعدات يخضع لمعيار الولاء.
كما تحصلت الجبهة على أموال طائلة من الجزائر بلغت حوالي 3 مليارات دولار للتغطية على الانتهاكات وشراء صمت بعض الضحايا لكنّها نُهبت وحُوّلت إلى حسابات بعض القيادات، بحسب ما كشفه قيادي سابق في الجبهة معارض للقيادة الحالية للبوليساريو.
وطالب المغرب في مناسبات عديدة هيئات الأمم المتحدة المعنية بشؤون اللاجئين بفتح تحقيق دولي حول وضعيات المواطنين وأغلبهم من الأقاليم الجنوبية المغربية في مخيم تندوف بالأراضي الجزائرية.
وتشهد مخيمات تندوف منذ مدة حالة من الفوضى العارمة أجبرت عائلات صحراوية على الفرار والنزوح إلى شمال موريتانيا لاسيما منطقتي ازويرات ونواذيبو.
ودخلت مجموعات من الصحراويين خلال الآونة الأخيرة في تحركات مناهضة للطروحات الانفصالية التي تتبناها جبهة البوليساريو ونفذت عمليات انتقامية ضد ما يسمى بـ"قوات الدرك" التابعة للجبهة، ردا على تنامي القمع داخل المخيمات.
ونفذت عناصر مسلحة من البوليساريو تحت إشراف مباشر من ضباط الجيش الجزائري في الفترة الماضية حملة اعتقالات طالت العديد من المدونين الصحراويين، ما أدى إلى اضطرابات غير مسبوقة بمخيمات تندوف.
وتشير تقارير المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلى أن عدد سكان مخيمات تندوف يبلغ 80 ألف شخص، يعتبرهم المغرب الذي طرح منذ العام 2007 مبادرة للحكم الذاتي تحت سيادته وهي المبادرة التي تلقى تجاوبا من قبل غالبية الصحراويين باعتباره حلا واقيعا ينهي معاناتهم واحتجازهم وهو الحل الذي تتبناه جهات دولية باعتبارها الأكثر قابلية للتحقيق ويكتسب زخما واسعا كطريق وحيد لإنهاء النزاع المفتعل.
ويدور النزاع حول الصحراء المغربية منذ قرابة خمسين عاما ويقترح المغرب الذي استعاد سيادته على حوالي 80 في المئة من الصحراء منحها حكما ذاتيا تحت سيادته حلا وحيدا لإنهائه، في حين تطالب بوليساريو بإجراء استفتاء لتقرير المصير بإشراف الأمم المتحدة.
والتحقت دول عديدة بركب الداعمين لمقترح الحكم الذاتي في الصحراء، ما أدى إلى زيادة عزلة الجبهة الانفصالية ومن ورائها الجزائر.
ورسخ العاهل المغربي الملك محمد السادس مبدأ غير قابل للنقاش في ضبط علاقات بلاده الخارجية بإعلانه أن المملكة تنظر للعلاقات مع أي دولة من منظار مغربية الصحراء.
تعليقات الزوار
مجرد تساؤل.
مجرد تساؤل. عندما تدمغ الحقيقة الأباطيل !!!؟؟؟ الحمد لله، نحن تجاوزنا زمن الإذاعة الوحيدة، والصحيفة الواحدة، ونعيش في عالم أضحى أصغر من القرية، بل وضعه الهاتف المحمول في حجم كف اليد، بسبب الانفتاح الإعلامي والرقمنة، والانترنت ومنصات التواصل، مما جعل تمرير المغالطات والتأويل أمر مستحيل، ومن يلجأ إليهما إلا لمن أراد أن يضع نفسه محل سخرية، يَنفر ويُنفر القارئ من مقالاته، ومن يصدقهما كالذي تجرع المحيط غباء واستهلك منتوج المغرب من الحشيش. حول سؤال لنائب بالبرلمان الأوروبي حول إدعاءات النظام المغربي بشأن اختلاس المساعدات وارتباط جبهة البوليزاريو بالإرهاب، جاء في رد مفوض الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والأمن، جوزيب بوريل المؤرخ في:17/02/2023 ما نصه: “يمول الاتحاد الأوروبي، من خلال المفوضية، المساعدات الإنسانية المقدمة للاجئين الصحراويين حصريًا من خلال وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الدولية...تجري عمليات التدقيق حول هذه المساعدات بانتظام، على مدى السنوات الخمس الماضية، حيث أجرت المفوضية ست عمليات تدقيق تتعلق بالأعمال الإنسانية المنفذة في المخيمات الصحراوية....بالإضافة إلى ذلك، ولزيادة الحد من مخاطر تحويل المساعدات، تنظم المفوضية بانتظام زيارات مراقبة إلى المخيمات وتمول فقط المشاريع التي يوجد لها نظام مراقبة صارم. كما يتطلب من المنظمات الدولية التي تتلقى تمويلًا من الاتحاد الأوروبي تقديم تقرير سردي وتقرير مالي نهائي لإثبات تسليم المساعدات الإنسانية... وفي هذا السياق، لم تجد اللجنة حتى الآن أي دليل على اختلاس المساعدات.... وليس لدينا معلومات عن تعاون محتمل بين البوليساريو والجماعات الإرهابية في المنطقة" انتهى الاقتباس. وأصل رد المسؤول الأوروبي موجود على الرابط التالي: https://www.europarl.europa.eu/doceo/document/E-9-2022-003923-ASW_EN.pdf