أدرج عبد العزيز رحابي الوزير والسفير الجزائري السابق، أزمة النيجر الأخيرة والتلويح بالتدخل العسكري في المنطقة، ضمن مخطط يستهدف بالأساس إضعاف الجيش الجزائري وإدخاله في حروب استنزاف لا منتهية.
وقال رحابي في مساهمة له نشرتها صحف جزائرية، إن التدخل العسكري في النيجر من شأنه أن يؤثر على المصالح الاستراتيجية للجزائر، مشيرا إلى أن تكاثر بؤر التوتر في شرق وغرب وجنوب البلاد، لا يمكن إلا أن يكون نتاج استراتيجية مدروسة لإضعاف الجيش من خلال وضعه في حالة توتر دائم وفي حرب استنزاف غير معلنة.
وأبرز رحابي الذي كان سفيرا للجزائر في إسبانيا والمكسيك ( وأمريكا الوسطى) ووزيرا للإعلام والثقافة، ومتحدثا باسم الحكومة حتى 1998، وأنه حتى لو كانت الدولة الجزائرية واثقة من قدرتها على تنفيذ مهامها الدستورية بشكل كامل، بخصوص التهديدات الشاملة على الحدود، فإن تغلب طرح الخيار العسكري في المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا “إيكواس” وتأييد ذلك من قبل فرنسا على وجه الخصوص، والغياب غير المفسَّر للاتحاد الإفريقي، يثير تساؤلات جدية حول الأضرار الجانبية ذات الأبعاد الإنسانية والأمنية والاقتصادية المتوقعة جراء ذلك.
بالنسبة للجزائر، يعني التدخل العسكري، وفق الدبلوماسي، تسريع تدفقات الهجرة الهائلة التي ستضاف إلى الجالية النيجيرية القوية في الجزائر المكونة أساسًا من القصر غير المصحوبين بذويهم، والذين يجب توفير الحماية الاجتماعية لهم من قبل الدولة المضيفة، علما أن القيام بذلك سيكون أكثر صعوبة في ظروف استثنائية، عندما يتعلق الأمر بحالات النزاع المسلح أو حتى الظروف المناخية الاستثنائية.
وأشار إلى أنه سيكون من الضروري مراعاة حقيقة أن المهاجرين أصبحوا سلاح حرب أو ضغوطًا في أيدي الدول والجماعات ذات الأجندات المتعددة، وضرب مثالا على ذلك بالمغرب، الذي قال إنه يستخدم هذه الورقة متى شاء مع إسبانيا كأداة للتسوية الدبلوماسية.
ويتلاقى ما يحدث في الساحل، حسب تحليل رحابي، مع عملية شيطنة للجزائر تجري منذ عدة سنوات تهدف إلى تقديم بلدنا كقوة معادية للمصالح الغربية، باستخدام مواقفها من الصراع في أوكرانيا وعملية التطبيع مع إسرائيل كذريعة، وهو ما يظهر في المواقف الدبلوماسية لشركائها في جميع وسائل الإعلام الغربية وفي الشبكات الاجتماعية للدول العربية، الموقعة على اتفاقيات أبراهام.
وهنا، تجدر الإشارة وفق الوزير السابق، إلى أن اللاعبين الرئيسيين في الملف الليبي، بذلوا قصارى جهدهم لحرمان الجزائر وتونس من المشاركة في البحث عن حل وطني ليبي، على الرغم من أنهما أول من يعاني من عواقب المأساة الليبية التي عانت، مثل منطقة الساحل، من تدخل جهات أجنبية.
وربط رحابي للسيناريو الليبي مع ما تدبره المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا “إيكواس” التي قال إنها تشاورت مع القوى الغربية، بينما امتنعت عن القيام بذلك مع أول جار شمالي قريب، أي الجزائر. ويعني هذا الوضع، وفق قراءته، أن هذه الجهات الفاعلة، وبدرجات متفاوتة، ستستخدم كل نفوذها لتقليل مستوى استقلالية صنع القرار الدبلوماسي وتهيئة الظروف التي من شأنها أن تفضي إلى تورط الجزائر في حرب استنزاف لإضعاف جيشها وتحويله عن مهامه الاستراتيجية.
وما يدعم ذلك أن الغربيين، حسبه، لا يزالون يفضلون الخيار المسلح في شكل حرب بالوكالة، لأنه غير مكلف من ناحية عدد الضحايا الغربيين ولا يثير الكثير من الجدل الداخلي عندما يكون الضحايا أفارقة. لكن الحل العسكري، يضيف، على حساب النهج السياسي والاقتصادي العالمي، أظهر محدوديته على مدى العقدين الماضيين في منطقة الساحل، ولن يؤدي إلا إلى زيادة الفوضى.
ومن الأضرار التي قد تلحق بالجزائر والنيجر وكامل المنطقة، وفق الدبلوماسي، تأجيل تنفيذ مشاريع التكامل في المنطقة مثل طريق الجزائر – لاغوس أو خط أنابيب الغاز بين نيجيريا والنيجر والجزائر وما لذلك من تأثيرات على استقلالية الطاقة في تنمية النيجر. وتابع أنه غالبًا ما يتم إهمال البعد الاقتصادي والاجتماعي في منطقة الساحل لصالح الخيار العسكري، في حين أنه من البديهي أن التنمية الاقتصادية هي مصدر للثروة والعامل الرئيسي في استقرار المجتمع.
وحول خطر الإرهاب في المنطقة، أكد رحابي أن هذه الظاهرة هي في الواقع نتاج خالص للحسابات الجيوستراتيجية من قبل الغرب وتواطؤات بعض الدول العربية. واعتبر أن النخب السياسية والإعلامية والأكاديمية الغربية، التي غالبًا ما تتماشى مع الأطروحات الرسمية حول هذه القضية، نجحت في “أسلمة التطرف” في واحدة من أكبر التلاعبات في هذا القرن، في وقت تثبت التجربة الجزائرية حسبه، أن الإرهاب ليس حتمية في إفريقيا وليس له أساس ديني.
وتظهر الجزائر حالة استنفار على كل المستويات بعد التطورات الأخيرة في حدودها الجنوبية الشرقية. وفي هذا السياق، قال الفريق أول، السعيد شنقريحة، رئيس الأركان الجزائري، إن المؤسسة العسكرية في البلاد على استعداد لمواجهة أي خطر، وذلك في أول تصريح له بعد انقلاب النيجر.
وأوضح شنقريحة في كلمة له، أمس، خلال زيارة عمل وتفقد إلى الناحية العسكرية الأولى بالبليدة شمال وسط البلاد، أن تعزيز القدرات الدفاعية الوطنية وعصرنة وتطوير مختلف مكونات القوات المسلحة، يشكل أحد الركائز الأساسية التي يبنى عليها استراتيجية لمواجهة مختلف التحديات والمخاطر.
وأبرز رئيس الأركان في تلميح صريح للوضع في منطقة الساحل، أن “الجيش الوطني الشعبي سيبقى دائما وأبدا على استعداد لمواجهة أي خطر، قد يمس بأمن وسلامة الجزائر، مهما كان نوعه وحجمه حفاظا على وديعة الشهداء وضمانا لمستقبل الأجيال القادمة”.
ويأتي كلام شنقريحة في وقت تحدثت مصادر عن تعزيز الجيش الجزائري حضوره على الحدود مع النيجر تحسبا لأي طارئ، في حين تنشط الدبلوماسية الجزائرية على صعيد إبعاد شبح التدخل العسكري في المنطقة وهو التصور الذي بات الأرجح بعد تراجع دول المجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا “إيكواس” عن تنفيذ تهديدهم بالتدخل لإسقاط الانقلابيين.
وكان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، قد تحدث خلال لقاء مطول مع الصحافة المحلية في الجزائر، بأنه لا يمكن إيجاد حل في النيجر دون الجزائر، ولفت إلى أن انهيار الوضع في نيامي يمثل تهديدا لبلاده. وأضاف أن “الجزائر مع العودة إلى الشرعية الدستورية في النيجر وهي على استعداد لمساعدة النيجريين بما استطاعت إذا ما طلبوا ذلك من أجل لم شملهم”.
تعليقات الزوار
النظام الجزائري لا يهمه إلا المغرب العدو الكلاسيكي
النظام الجزائري يتغنى باستقرار المنطقة وللجزائر أدوار مهمة للحوارات في النزاعات الدولية ولكن ليعلم العام والخاص ان النظام الجزائري لا يهمه إلا قضية الصحراء المغربية لا غير ....
عاجلا او آجلا الجزائر سوف تغرق . لأنها تريد اغراق الغير
الجزائر لا تسير من طرف اشخاص لهم دراية بالسياسة ، الجزائر تسير من طرف بعض الشواذ العجزة الاميين ، نشأتهم وتربيتهم وتعليمهم الهش وحياتهم كانت كلها في بورديلات فرنسا . يجهلون كل ما هو في مصلحة البلاد فقط فرنسا راضية عليهم وتؤمن لهم الخلود على الكرسي ، رغم مغادرتها تعي جيدا انها تركت من وراءها من ينوب عليها في تسيير البلاد ، تركت من وراءها في السلطة الخونة الذين كانوا يبيعون لها احرار الجزائر ، فرنسا مطمئنة ومرتاحة على الجزائر.