أخبار عاجلة

شرارة مقتل الفتى نائل "بوحشية" في فرنسا تطال العلاقات الجزائرية الفرنسية

 ألقت أزمة مقتل الشاب نائل على يد الشرطة الفرنسية بشظاياها على العلاقات المتوترة بين فرنسا والجزائر على خلفية تنديد الخارجية الجزائرية بالحادثة، فيما اتّهم اليمين واليمين المتطرف الفرنسي الجزائر بالتدخل في شؤون باريس الداخلية، وسط مخاوف من تدابير تضييق على جاليتها التي تعد الأكبر بهذا البلد الأوروبي في وقت لا تزال فيه الأزمة الصامتة بين البلدين تراوح مكانها. 
وشكل إعلان مقتل الفتى نائل ذي الأصول الجزائرية يوم 27 يونيو/حزيران الماضي بمدينة نانتير "صدمة" كما عبر عنه البيان الجزائري، في موقف غير مسبوق بشأن أحداث استهداف المهاجرين بفرنسا.
وتضمّن بيان الخارجية الجزائرية لغة "حادة" حيث وصف الحادثة بـ"الوحشية"، مشيرا إلى أنها تلقت بـ"صدمة واستياء وفاة الشاب نائل بشكل وحشي ومأسوي والظروف المثيرة للقلق بشكل لافت التي أحاطت بحادثة الوفاة".
وأضاف البيان أن "وزارة الشؤون الخارجية على ثقة في أن الحكومة الفرنسية ستضطلع بواجبها في الحماية بشكل كامل من منطلق حرصها على الهدوء والأمن اللذين يجب أن يتمتع بهما مواطنونا في بلد الاستقبال الذي يقيمون به".

ولم يسبق أن أصدرت السلطات الجزائرية بيانا بشأن حوادث مماثلة تقع على التراب الفرنسي ويكون أحد ضحاياها من أفراد جاليتها.
كما أن حادثة مقتل نائل خلفت موجة تنديد واسعة في الجزائر من طرف البرلمان ومختلف الأحزاب الموالية والمعارضة والتي أجمعت على وصفها بـ"العنصرية" وأنها تأتي في إطار سياسة تضييق وتهميش تطال الجاليات العربية والمسلمة منذ عقود.
وتوجد في فرنسا إحدى أكبر الجاليات الجزائرية في العالم وتشير أرقام غير رسمية إلى أنها تتجاوز عدد 5 ملايين شخص، كما أن الجزائر تموّل وتشرف على إدارة أكبر مساجد فرنسا وهو مسجد باريس الكبير وترسل سنويا عشرات الأئمة للإشراف على مساجد تتبعه.
وكان بيان الخارجية الجزائرية وردود الفعل السياسية محل انتقادات في فرنسا خاصة من جانب اليمين المتطرف ووسائل إعلام محسوبة على اليمين وصل حد وصفه بـ"التدخل في الشأن الداخلي الفرنسي".
وتزامنت هذه الأحداث مع "أزمة صامتة" أخرى بين الجانبين الجزائري والفرنسي دامت أشهرا وكانت وراء تأجيل زيارة مرتقبة للرئيس عبدالمجيد تبون إلى باريس لمرتين الأولى في مايو/أيار والثانية في يونيو/حزيران 2023.
ويعود التوتر بين الجانبين إلى عدة قضايا أولها التصعيد الذي قابلت به الجزائر تهريب الناشطة أميرة بوراوي نحو فرنسا خلال شهر فبراير/شباط الماضي عبر تونس، لكن اتصالا جمع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بنظيره الجزائري نهاية مارس/آذار الماضي ساهم في تبريد الأزمة وأقر تبون في تصريح حينها بأن علاقة بلاده مع باريس "متذبذبة".
وبعدها ظهر غضب فرنسي من مرسوم رئاسي جزائري يتعلق بظروف وشروط أداء النشيد الوطني الجزائري، في المناسبات الرسمية، يتضمن مقطعا يتحدث عن فرنسا وضرورة محاسبتها.
كما تصاعد نقاش في فرنسا قبل أسابيع لإلغاء اتفاقية تعود إلى عام 1968، تمنح الجزائريين امتيازات في الهجرة والإقامة بفرنسا.
ورد وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف قبل أيام على هذه الحملة في مقابلة مع وكالة الأنباء الايطالية "نوفا" بالقول "يبدو أن بعض الأحزاب أو السياسيين الفرنسيين يرون أن اسم الجزائر أصبح سهل الاستخدام في الأغراض السياسية".
وأضاف "يتحدثون الآن عن اتفاقات بشأن إقامة الجزائريين في فرنسا. حقًا لا نفهم لماذا يجب أن تثار كل هذه الضجة؟".
وخلال اجتماع لمجلس الوزراء انعقد يوم 2 يوليو/تموز الجاري برئاسة تبون قدم وزير الخارجية أحمد عطاف عرضا حول وضع الجالية الجزائرية في الخارج.
ونقل بيان للرئاسة أن تبون أكد بعد العرض "إيلاء الدولة الأهمية القصوى للاستماع الدائم لانشغالات جاليتنا والتكفل بها من خلال القنوات الدبلوماسية في إطار التزام الرئيس بالعمل على تحسين ظروف الجالية الجزائرية في مختلف المجالات الثقافية والاجتماعية وتسهيل عودة الكفاءات والكوادر الجزائرية".
وفي هذا السياق يرى عبدالله زكري وهو جزائري يرأس مرصد مناهضة الإسلاموفوبيا بفرنسا أن المظاهرات الأخيرة التي تشهدها عدة مدن فرنسية ستكون لها انعكاسات مباشرة على الجالية الجزائرية التي تعد الأكبر في البلاد.
وأوضح أن هذه الأحداث ستؤدي حتما إلى ترحيل الجزائريين الذين لا يتمتعون بالجنسية الفرنسية من الجانحين في مختلف القضايا، مضيفا أنه من بين الإجراءات المتوقعة أيضا تجاه الجزائريين تقليص مزايا الدعم الاجتماعي للذين يتمتعون بالجنسية الفرنسية.
وأشار إلى أنه من غير المستبعد أن تلجأ السلطات الفرنسية إلى تقليص عدد التأشيرات الممنوحة للرعايا الجزائريين على خليفة هذه المظاهرات، مرجحا أن تحاول باريس إنهاء العمل باتفاقية الهجرة الثنائية بين الجزائر وفرنسا لسنة 1968، مثلما يطالب به حاليا سياسيون وحتى وزراء في فرنسا.
ويعتقد زكري أن الجالية الجزائرية صارت اليوم وكأنها رهينة لدى أولئك الذين ينهبون ويسرقون المحلات ويحرقون المدارس والحافلات وغيرها، قائلا "بالتأكيد هؤلاء أقلية. لكن للأسف أبناء الجالية يدفعون ثمن البلطجية".
وزاد "ليست الجالية الجزائرية فقط من يطالها الاستهداف بل كل المسلمين في فرنسا"، مضيفا "ما يؤسف له هو أن شبابا يقومون حاليا بحرق مدن فرنسية رغم نداءات ومناشدات تدعو إلى التعقل والهدوء".
وعلق بالقول "ما يثير المخاوف هو قيام مجهولين بإطلاق نداءات لوضع قنابل في مساجد ما يعيد إلى الذاكرة حرب التحرير الجزائرية عندما قامت منظمة الجيش السري الفرنسية باستهداف البيوت ودور العبادة وغيرها".
ومضى زكرى مؤكدا "عند أحداث 2005 المأساوية (مظاهرات الضواحي)، أطلق الرئيس جاك شيراك حينها نداء للتعقل والتهدئة واعتبر أن الشباب هم مواطنون فرنسيون وهو الأمر الذي لم نلحظه هذه المرة حيث نسمع فقط نداءات للقمع وهذا غير منطقي".
وزاد "أطلب من السلطات الفرنسية أن تكون حذرة وفطنة وأن تندد بأية أفعال مهما كانت سواء تلك التي تنادي بكراهية المسلمين أو مهاجمة المساجد أو حرق البلديات والمرافق العامة والمتاجر وغيرها". وختم بالقول "أطالب السياسيين الفرنسيين بالكف عن صب الزيت على النار والعودة إلى الهدوء".
بدوره يعتقد عبدالمجيد توهامي، وهو رئيس تجمع المقاولين الجزائريين بفرنسا، أن الأوضاع في أوساط الجالية كانت بمثابة قدر يغلي وانفجرت المشاكل في وقت واحد ضد التمييز وكراهية المسلمين وصعوبة أو استحالة الوصول لوظائف تضمن العيش الكريم والدراسة خصوصا من لهم بأسماء أجنبية وجزائرية.
ولفت توهاني الذي يقيم بالعاصمة باريس إلى أن كل هذه الأسباب أدت إلى انفجار العنف واللافت فيه أنه كان ضد البلديات ومقرات الشرطة وغيرها أي أنه ليس ضد أشخاص بل ضد مؤسسات بعينها.
وعلق بالقول "المؤسسات لا تساعد الشباب الذي يعاني من البطالة والذي ترك يواجه مصيره مهمشا في الأحياء المنغلقة وكأنها سجون"، متابعا أن "الحديث الذي يتداول الآن في الأوساط الفرنسية يركز على إلغاء الجنسية المزدوجة للجزائريين وتعليق اتفاقية الهجرة (1968) ومنع لم الشمل العائلي وتجميد المساعدات الموجهة للسكن الاجتماعي".
وقال في هذا الصدد "هذه إجراءات ستكون لا محالة ضد المهاجرين الجزائريين"، مضيفا "هذا يرجع لكون السياسيين والمسؤولين الفرنسيين تفاجأوا من دعم الرئيس تبون لأبناء الجالية الجزائرية بفرنسا. هذا الأمر لم يستسغه الفرنسيون.. سيعملون كل شيء لإغلاق الأبواب أمام الجزائريين بفرنسا".
وتابع "نحن أصلا كنا نواجه وضعية صعبة للوصول إلى الوظائف والحصول على صفقات المشاريع ونلجأ عادة لطرق ماكرة لتحقيق ذلك".
وأوضح أن كثيرا من الجزائريين يضطرون لتغيير أسمائهم العربية في عديد الحالات للحصول على وظائف أو صفقات، أو إدخال شريك يحمل اسما فرنسيا للحصول على الصفقات فيما يتعلق بالشركات وقال في هذا الإطار "كانوا يغلقون النوافذ أمامنا والآن هم بصدد إغلاق حتى الأبواب في وجوهنا".
وختم توهامي بالتأكيد على أن تصريح تبون الداعم للجالية تم استقباله بإيجابية من طرف المهاجرين في فرنسا، مشددا على أن الكثير منهم يفكر جديا في العودة إلى الجزائر وإقامة مشاريع بها.

اضف تعليق

شارك

تعليقات الزوار

احمد العربى

العلاقة الجنسية بعد الطلاق

الطلاق وقع 1960 مع احتفاظ فرنسا بالأبناء فلمادا هدا اللغط ، ستهد العلاقة بين المطلقين الكثير من المشاكل بسبب زنى المحارم وعدم الاعتراف بالوقع لان الطلاق مختلف فيه هل يكون على الطريقة الفرنسية ام على الطرية الحركية ،