عاد الحديث في الجزائر عن ملف الأموال المنهوبة والمهربة للخارج، بعد تصريحات الرئيس عبد المجيد تبون عن تقدم في استعادة أصول مهمة في إسبانيا ومقابلة ذلك بتشكيك من المجلة الفرنسية جون أفريك التي تحدثت في تحقيق لها عن تعثر هذه المساعي.
وخلال حواره مع قناة الجزيرة مؤخرا، أكد تبون أن هناك مساع كبيرة لاسترداد الأموال المهربة إلى الخارج، مبرزا أن الجزائر دخلت في مفاوضات مع الاتحاد الأوربي في هذا الشأن، وهو ما كان قد أُعلن عنه خلال زيارة جوزيب بوريل مسؤول السياسية الخارجية للاتحاد قبل أسابيع للجزائر.
وذكر تبون أن “من واجب الدول أن تتعاون معنا لأن تلك التحويلات وقعت في مختلف دول أوروبا كفرنسا وإسبانيا وبلجيكا وسويسرا ولوكسمبورغ”. وأكد في هذا السياق أن إسبانيا وافقت على تسليم الجزائر 3 فنادق فخمة 5 نجوم كان يمتلكها أحد رجال الأعمال الذي رفض ذكر اسمه. ويتعلق الأمر بعلي حداد رئيس منتدى رؤساء المؤسسات سابقا وأحد أقرب المقربين لسعيد بوتفليقة شقيق الرئيس الراحل.
لكن هذه التصريحات، خاصة ما يتعلق باسترجاع 3 فنادق فخمة في إسبانيا، دفعت مجلة جون أفريك الفرنسية لإجراء تحقيق موسع حول ما إذا كانت هذه الأصول قد أصبحت فعلا ملكا للدولة الجزائرية، وانتهت إلى أن الرئيس عبد المجيد تبون يكون قد تلقى معلومات غير دقيقة من قبل مستشاريه، لأن هذه الفنادق في وضعها الحالي مسجلة بأسماء أشخاص لا يظهر بينهم، حسبها، لا علي حداد ولا الدولة الجزائرية.
وأشارت المجلة إلى أن الفنادق الثلاثة التي تحدث عنها تبون ولم يذكرها بالاسم هي فندق “ألبالاس برشلونة” و”ميرامار برشلونة” و”غراند أوتال لافلوريدا”. وفي الواقع حسب جون أفريك، لم يمتلك علي حداد أبدا ثلاثة فنادق في برشلونة بل واحدًا فقط، هو فندق “ألبالاس برشلونة” الذي كان يسمى فندق ريتز سابقًا، والذي يعد من أفخم الفنادق في المدينة وأشهرها حيث يحتوي على 120 غرفة وجناحًا ومطعمًا وإطلالة أخاذة على المدينة، وهو معروف باستقباله ممثلين وشخصيات عالمية.
لكن المفاجأة وفق جون أفريك التي فتشت في وثائق الملكية أنه حتى هذا الفندق لم يعد ملكا لرجل الأعمال المسجون علي حداد، فقد انتقلت ملكيته حسبها منذ سنتين إلى شركة “رويال بلو بيرد”، والتي تديرها وتعتبر مالكة لها امرأة تدعى راضية بوزيان ومواطنة جزائرية تحصلت على الجنسية الإسبانية. وكانت صفحة استحواذ علي حداد على هذا الفندق قد تمت سنة 2011، بقيمة اختلف حولها بين من يقول إنها كانت في حدود 58 مليون يورو ومن يشير إلى أنها فاقت 80 مليون يورو.
أما بخصوص الفندقين الآخرين، فقالت المجلة إن لا علاقة لهما تماما بعلي حداد، حيث تعود ملكيتهما إلى ملياردير لبناني بريطاني يدعى جوزيف الخوري، كان قد استحوذ عليهما في عام 2010 عبر صندوقه الاستثماري كونتيننتل بروبرتي أنفستمنت، وهو يعاني وفق المصدر ذاته من تعثر عملية بيعه لهذه الأصول منذ فترة طويلة.
ويحتاج تناقض المعلومات وتضاربها إلى توضيح وزارة العدل الجزائرية التي سبق لها أن ردت على لسان الوزير رشيد طبي على تشكيك آخر في مبلغ 20 مليار دولار الذي قدمه الرئيس عبد المجيد تبون بخصوص استعادة الأموال المنهوبة في الداخل وليس الخارج. وتحدث طبي بتفضيل دقيق عن كل الأصول والأموال التي ساهمت في استرجاعها المصالح القضائية بالتنسيق مع الضرائب والبنوك والأمن.
وتعرف العلاقات الجزائرية الإسبانية حاليا أسوأ حالاتها ما يجعل مهمة التنسيق بين البلدين لاستعادة ما يمكن استعادته صعبة للغاية. وقبل تدهور العلاقات، كانت السلطات الجزائرية تتحدث عن تعاون وثيق مع نظيرتها الإسبانية حول هذه المسائل، وهو ما ظهر خلال زيارة وزير العدل عبد الرشيد طبي، إلى مدريد يومي 8 و9 شباط/ فبراير 2022، والتي تباحث خلالها مع نظيرته وزيرة العدل الإسبانية، السيدة ماريا بيلار لوب عن سبل تعزيز التعاون القضائي بين الجزائر وإسبانيا.
وقبل تلك الزيارة بأيام تحدث وسائل إعلام جزائرية، عن تمكن السلطات الجزائرية بالتنسيق مع إسبانيا من إحباط محاولة أفراد لهم علاقة برجل الأعمال المسجون، إبرام عقود بيع ثلاثة فنادق مملوكة له في إسبانيا، بعدما تم الحصول على تفويض موثق من قبل حداد من داخل سجنه لاستغلاله في بيع ممتلكاته، لكن هذه المعلومات لم تتأكد من جهات رسمية سواء كانت جزائرية أو إسبانية.
ويوجد علي حداد حاليا في سجن تازولت في باتنة شرقي الجزائر، وهو مدان بـ18 سجنا نافذا بعد تورطه في عدة قضايا تتعلق بالرشوة واستغلال النفوذ والحصول على صفقات مشبوهة وتمويل حملات الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة الانتخابية، كما سبق للقضاء الجزائري أن فتح تحقيقا بشأنه يخص دفع جهات مقربة منه مبلغ 10 مليون دولار لمكتب لوبي أمريكي في باريس من أجل الضغط على الحكومة الجزائرية للإفراج عنه.
تعليقات الزوار
لا تعليقات