يمكن رؤية العلم الفلسطيني في كل مكان في مونديال قطر رغم عدم تأهّل المنتخب الفلسطيني للمونديال، في محاولة من كثيرين لتسليط الضوء على القضية الفلسطينية في أول مونديال يُنظّم في دولة عربية. وبات الكثير من المشجعين العرب يتأكّدون من هوية المحطات التي تطلب منهم الظهور على شاشاتها قبل الموافقة على الحديث، رافضين إجراء مقابلات مع وسائل إعلام إسرائيلية.
ورفض مشجع سعودي في نهاية الأسبوع في منطقة للمشجّعين في الدوحة، الردّ على سؤال لمراسل قناة “كان” الإسرائيلية مواف فاردي، وصاح فيه بالإنكليزية “ليس هناك إسرائيل، هناك فلسطين فقط”، وتابع “ليس مرحبا بك هنا”. وقال فاردي “نجد صعوبة بالغة في العمل هنا”، لكنه أضاف “الأمر مفهوم”. وقد حاز مقطع فيديو التقطه صحافي في وكالة فرانس برس على أكثر من خمسة ملايين مشاهدة على تويتر.
وأعرب مراسلون إسرائيليون عن دهشتهم من أنّ عددا ممن رفضوا الحديث معهم ينتمون لدول عربية وقّعت بالفعل اتفاقات تطبيع مع إسرائيل.
ويلوّح مشجّعون قطريون بأعلام بلادهم والأعلام الفلسطينية من نوافذ سيارتهم الفارهة، فيما تبثّ أغنية “علّي الكوفية” الفلسطينية الحماسية بانتظام في مناطق المشجعين. كما وضع قطريون شارة عليها رسم الكوفية على أذرعتهم خلال مباراة ألمانيا واليابان.
وقال الفلسطيني يحيى أبو هنطش (33 عاما)، الموظف في القطاع الطبي وهو يرتدي قميص قطر ويرفع العلم الفلسطيني، إنّ البطولة “فرصة لنا لتعريف العالم بقضيتنا خصوصا أن العالم أصبح أكثر اهتماما بقضايا أخرى”.
وتابع الأب الذي كان مع ابنه الذي وضع الكوفية الفلسطينية في طريقهما للقاء البرازيل وصربيا لوكالة فرانس برس “بعض الأجانب لا يعرفون العلم الفلسطيني ويسألوننا عنه (…) وهنا تأتي فرصتنا الذهبية للتعريف بقضيتنا”.
الحاضر الغائب
قطر وإسرائيل توصّلتا إلى اتّفاق مؤقت مؤخرا تسيّر بموجبه رحلات جوية مباشرة لنقل مشجّعين إسرائيليين وفلسطينيين لحضور مونديال 2022، عبر شركة طيران قبرصية.
بين المشجّعين الإسرائيليين الذين أتوا إلى الدوحة حاييم (57 عاما) الذي قال إنّه يحضر “رابع كأس عالم، لكنها المرة الأولى التي أُضطر فيها لعدم حمل علم إسرائيل معي”. وتابع الرجل الذي وصل من تل أبيب رفقة ابنيه “اشعر أنني أتابع كأس العالم بالخفاء. الأجواء عدائية نحونا”. لكن باستثناء رفض التحدث مع الإعلام الإسرائيلي، لم تسجّل أي حوادث ضد إسرائيليين خلال تواجدهم في قطر.
وبحسب الدبلوماسي الإسرائيلي ألون ليفي المكلّف رعاية المشجّعين الإسرائيليين بقطر، يوجد “عشرات المشجعين الإسرائيليين في الدوحة”، متوقّعا توافد ما يصل إلى 10 آلاف آخرين، بالإضافة إلى “سبعة أطقم إعلامية” إسرائيلية.
واشترطت الدوحة السماح للمشجّعين الفلسطينيين بالسفر على متن الرحلات الجوية من مطار بن غوريون، قبل التوصل الى اتفاق مع السلطات الإسرائيلية.
غير أنّ ممثلا للشركة السياحية التي تبيع تذاكر رحلات شركة “تاس” القبرصية بين تل أبيب والدوحة، قال إنّه لم يكن هناك أي فلسطيني على متن أول رحلتين، كون الفلسطينيون الراغبون بالسفر لم يحصلوا على موافقات بالوقت المحدد لذلك، لكنّه رجّح وجود فلسطينيين على متن رحلة الثلاثاء”.
ويرى فلسطينيون أن البطولة المقامة للمرة الأولى في دولة عربية هي فرصة ذهبية بالفعل لتعريف العالم بقضيتهم.
وقالت مدربة اللياقة البدنية الفلسطينية إيمان جرجاوي التي وضعت علم بلادها حول كتفيها “فلسطين ليست موجودة بالبطولة لكنّنا نجعلها موجودة بالعلم وبالكوفية وبالأغاني. هي الغائب الحاضر”.
بيان “الفخر”
في غضون ذلك، ظهرت الأعلام الفلسطينية بانتظام في الملاعب ومناطق المشجعين ونفدت في المتاجر على الرغم من أن المنتخب الفلسطيني لكرة القدم لم يتأهل.
ورفع المشجعون التونسيون في مباراة بلادهم يوم 26 نوفمبر/ تشرين الثاني أمام أستراليا لافتة ضخمة تحمل عبارة “فلسطين حرة”، في خطوة لم يبد أنها استدعت تحرك المنظمين. وتجنب المشجعون العرب الصحافيين الإسرائيليين الذين يغطون البطولة في قطر.
وقال عمر بركات، وهو مدرب لكرة القدم في المنتخب الفلسطيني جاء إلى الدوحة لحضور كأس العالم، إنه لم يتم توقيفه عندما حمل علمه في المباريات. وأضاف أن هذا “بيان سياسي نحن فخورون به”.
وقال كريستيان كوتس أولريشن، أستاذ العلوم السياسية في معهد بيكر بجامعة رايس في الولايات المتحدة، إن الفترة التي سبقت البطولة كانت “معقدة بسبب التنافسات الجيوسياسية على مدى عقد في أعقاب الربيع العربي”.
وأضاف أنه يتعين على السلطات القطرية أن “تمضى في توازن دقيق” فيما يتعلق بالشؤون الإيرانية والفلسطينية، موضحا مع ذلك أن البطولة “تضع قطر مرة أخرى في قلب الدبلوماسية الإقليمية”.
تعليقات الزوار
لا تعليقات