أخبار عاجلة

المعارضة الموريتانية عازمة على وحدة الصف خلال الحوار المرتقب

تتجه الأنظار في موريتانيا نحو مسار التحضير للحوار السياسي المرتقب، بعد أن خرجت أطراف المعارضة، من ندوتها التشاورية الأخيرة التي نظمها حزب «تواصل» الذي يتولى زعامتها، عاقدة العزم على توحيد الصف وبلورة موقف موحّد بانتظار خريطة الطريق التي وعد الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني مؤخراً بتقاسمها مع المعارضة لتنقيحها، مؤكدًا استعداده لفتح الباب أمام مشاركة واسعة وغير مشروطة في عملية سياسية يعتبرها «حيوية لمستقبل البلد».
وفي خطاب أخير له بمدينة النعمة بولاية الحوض الشرقي، دعا الغزواني في مسعى لتهدئة الأوضاع قبل الحوار المنتظر، إلى «تغليب المصلحة الوطنية على الحسابات الضيقة»، موضحًا «أن الحوار هو الخيار الأمثل لتوسيع قاعدة المشاركة السياسية للوصول إلى توافق وطني شامل حول الإصلاحات الكبرى».
وأكد الرئيس «أن الحوار المرتقب هو السبيل لترسيخ الوحدة الوطنية وتعزيز اللحمة الاجتماعية وتحصين البلاد في وجه التحديات»، مشددًا «على تمسكه بنهج التهدئة السياسية ومكافحة كل أشكال الغبن والإقصاء».
كما أعلن أنه استلم رسميًا تقرير المنسق الوطني المكلف بتحضير الحوار وأنه سيطلع المعارضة على نصه لمراجعته وتنقيحه، في إشارة واضحة لاقتراب إطلاق المرحلة العملية من المسار التشاوري.
وشدد الرئيس ولد الغزواني التأكيد على أن «لا مبرر إطلاقًا للقطيعة بين مكونات النخبة السياسية»؛ معتبرًا «أن اختلاف الرؤى والبرامج لا يبرر التخوين ولا الصدام».
وفي الجانب الآخر من المشهد، خرجت المعارضة من ندوتها التشاورية التي نظمها حزب «تواصل»، وقد اتفقت على تعزيز التنسيق الداخلي والتمسك بموقف موحد بشأن المشاركة في الحوار.
وأكدت مصادر داخل المعارضة «أن الأطراف تنتظر الاطلاع على خريطة الطريق التي وعد الرئيس بالكشف عنها بعد تسلمه تقرير المنسق الوطني، معتبرة «أن نجاح الحوار مرتبط بقدرته على معالجة الملفات الجوهرية، وعلى رأسها الوحدة الوطنية والحوكمة وإصلاح النظام الانتخابي».
وتشير أوساط معارضة إلى أن تقارب الخطاب الرسمي مع مطالب المعارضة، خصوصًا التركيز على الشمولية وغياب الخطوط الحمراء، يمثل «فرصة نادرة» لإطلاق حوار فعلي لا شكلي.
وفي موازاة ذلك، قدّم المنسق الوطني للحوار، موسى فال، في تصريحات صحافية حصيلة سبعة أشهر من التحضير، تخللتها لقاءات مع نحو 1500 مشارك من مختلف الطيف السياسي والمدني الموريتاني.
وأكد فال «أنه أنجز المهمة وفق الضوابط التي حددها له الرئيس، استنادًا إلى منهجية تقنية محكمة، دون تسجيل اعتراضات جوهرية حول المسار أو محتواه».
وبيّن أن غالبية من شملهم التشاور أجمعوا على أن الوحدة الوطنية تمثل الأولوية القصوى بنسبة 75%، تليها الحوكمة بـ 69%، ثم إصلاح النظام الانتخابي بـ 66.8%، وهي نسب يصفها بأنها «تعكس نضجًا سياسيًا ووعيًا بمصادر التوتر البنيوي في البلد».
كما سجل تراجعًا ملحوظًا في «خطاب العداء السياسي» بين الأطراف، معتبرًا ذلك مؤشرًا إيجابيًا على استعداد الفاعلين لقبول حلول توافقية. ورغم هذا التوافق في تشخيص التحديات، حذّر فال من الاعتقاد بأن الاتفاق حول الحلول سيكون تلقائيًا، قائلاً إن «الشيطان يكمن في التفاصيل». وأشار إلى «أن الحوار هو الإطار الوحيد لتجاوز التباينات الحزبية وصياغة إصلاحات تكون مقبولة من الجميع»، لافتًا «إلى أن الحياة السياسية الموريتانية كثيرًا ما عانت من غياب البدائل أو النقد البنّاء».
وعن خريطة الطريق المقترحة، أكد منسق الحوار الوطني أنها تشمل خمسة محاور أساسية، هي: الوحدة الوطنية، وتحسين الحوكمة، وتعزيز النظام الديمقراطي، والإدماج الاجتماعي.
أما المشاركون المقترحون في خريطة الطريق فهم الأحزاب السياسية، ومرشحو الرئاسيات، والمجتمع المدني، والنقابات، والشخصيات المستقلة والمهجر.
وعن مقاطعة بعض الأطراف للحوار، أشار فال «إلى استمرار مساعي إقناع الأطراف المتحفظة، وخصوصًا حزب» الرك» بقيادة النائب بيرام الداه اعبيد، وحزب التحالف من أجل العدالة والديمقراطية بزعامة صار إبراهيما، مؤكدًا «أن الشروط التي طرحها البعض تتجاوز صلاحيات المرحلة التحضيرية، وأن الجهود مستمرة لإشراكهم قبل الجلسة الافتتاحية».
وبينما يخشى البعض تكرار سيناريوهات حوارات سابقة لم تُنفّذ مخرجاتها، ردّ موسى فال بأن «هذه المخاوف غير دقيقة في المرحلة الراهنة»، موضحًا «أن السلطة التزمت بتطبيق مخرجات الحوار، وأن وجود آلية متابعة سيشكل ضمانة إضافية». ومع تمسك الرئيس بالتهدئة، ووحدة موقف المعارضة، وتقدم التحضير الفني، تبدو البلاد أمام فرصة ذهبية لتأسيس توافق سياسي جديد، غير أن نجاح هذا المسار، كما يعلّق مراقبو هذا الشأن، سيظل مرهونًا بقدرة جميع الأطراف على تجاوز حساباتها الضيقة، وتحويل لحظة الحوار إلى عقد سياسي جامع لا مجرد محطة عابرة.

اضف تليق

Leave this empty:

شارك

تعليقات الزوار

لا تعليقات