أصبح الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون، يتعامل بجدية مع احتمالات تصنيف جبهة "البوليساريو" الانفصالية منظمة إرهابية على المستوى الدولي، خصوصا من طرف الإدارة الأمريكية الحالية، وهو الأمر الذي دفعه إلى طرق أبواب "حليفه" في تونس قيس سعيد لضمان مخرج لبعض قيادات الجبهة.
وفجر تقرير لمجلة "جون أفريك" الفرنسية هذه المفاجأة، نقلا عن مصادر تونسية، حين كشف أن الطرفين ناقشا هذه الخطوة بالفعل خلال مكالمة هاتفية بينهما كانت في الأصل مخصصة لتبادل التهاني بمناسبة عيد الأضحى، وعبرها أيضا بحث تبون إمكانية تحويل ميناءٍ تونسي إلى منصة لاستيراد المنتجات الإيرانية الموجهة للجزائر.
وأورد التقرير أن تبون وسعيد، اللذان تربطهما علاقات قوية، استغلا مناسبة تبادل تهاني عيد الأضحى للتطرق إلى "مواضيع دبلوماسية حساسة"، من بينها احتمال استضافة تونس لبعض عناصر جبهة "البوليساريو"، إلى جانب مناقشة علاقات البلدين مع إيران.
وخلال مكالمة هاتفية، عرض الرئيس الجزائري على نظيره التونسي، وفقاً لما تسرب عبر المعارضة التونسية بالخارج، مقترحا يقضي بنقل بعض شخصيات جبهة "البوليساريو" من المخيمات القريبة من تندوف، غرب الجزائر، إلى الأراضي التونسية.
ويهدف هذا المقترح، وفق المصدر ذاته، إلى تفادي أي اتهامات محتملة بدعم الإرهاب، خصوصاً بعد أن وضعت مجموعة العمل المالي الدولية GAFI الجزائر على "اللائحة الرمادية" في أكتوبر 2024، وهو ما دفع الاتحاد الأوروبي إلى تصنيفها من بين الدول "عالية المخاطر" الخاضعة لمراقبة مشددة بخصوص غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
ويأتي ذلك في خضم سعي الجزائر إلى تدارك هذا الأمر، حيث قدمت قدّمت خطة عمل مجموعة العمل المالي الدولية، وتحرص على تحسين صورتها دولياً، دون التخلي عن مواقفها السياسية التقليدية، خاصة فيما يتعلق بقضية الصحراء.
ويقضي الطلب الجزائري بأن تمنح تونس تصاريحَ عمل ووثائق إقامة لبعض عناصر البوليساريو، في خطوة تذكر بما قام به الرئيس تبون في 2022 حين أقنع سعيد باستقبال زعيم البوليساريو، إبراهيم غالي، خلال مؤتمر طوكيو الدولي الثامن لتنمية أفريقيا "تيكاد 8" الذي احتُضن في تونس العاصمة، وهو ما أدى إلى أزمة دبلوماسية مع الرباط مستمرة إلى الآن.
ووفق "جون أفريك" فإن المقترح الذي قدمته الجزائر لتونس لا يقتصر على استضافة عناصر من "البوليساريو" فقط، بل يخفي وراءه هدفاً آخر، فقد عبَّر القادة الجزائريون عن رغبتهم في تشغيل ميناء جرجيس الواقع، جنوب تونس، لاستقبال بضائع تُنقل بحراً، وخاصة القادمة من إيران.
وأعلنت الرئاسة التونسية بشكل رسمي أن الرئيس سعيّد قد تبادل تهاني عيد الأضحى مع رئيسي دولتين مسلمتين فقط، ويتعلق الأمر بالرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، ونظيره الإيراني مسعود بزشكيان.
وربط التقرير هذا المقترح بـ"الدعم" الذي تتوصل به تونس من الجزائر، سواء عبر تزويدها بالغاز والكهرباء، أو عبر مساعدات مالية، وذلك في ظل معاناة تونس من صعوبات في الحصول على تمويل دولي.
تعليقات الزوار
لا تعليقات