أخبار عاجلة

تنسيق أمني بين الجزائر والمغرب للإفراج عن 42 مغربيًا عبر المعبر الحدودي "جوج بغال"

أفرجت السلطات الجزائرية، عن 42 شابًا مغربيًا كانوا قد حاولوا الهجرة إلى أوروبا بطرق غير قانونية، ليتم تسليمهم إلى السلطات المغربية عبر المعبر الحدودي "جوج بغال" الواقع بالقرب من مدينة وجدة، في خطوة تتسق والتعاون الأمني بين البلدين على مستوى الحدود رغم القطيعة السياسية، ووسط مطالب مدنية  للسلطات الجزائرية بتسليم جثث ست مغاربة مفقودين، وتفادي أي تلاعب قد يعرقل جهود التحقيق في ملفهم.

الشباب الـ42 الذين تم الإفراج عنهم هذا الاسبوع، ينتمون إلى عدة مدن مغربية، بما في ذلك فاس، وجدة، الدار البيضاء، والعيون، وهي مدن تشهد ارتفاعًا ملحوظًا في أعداد الشباب الذين يحاولون الهجرة بحثًا عن حياة أفضل في أوروبا، بسبب الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي يعاني منها العديد من المواطنين في هذه المناطق.

    

وبعض هؤلاء الشباب كانوا قد تم اعتقالهم في الجزائر بسبب محاولاتهم الفاشلة للوصول إلى السواحل الأوروبية، في حين قضى آخرون فترات محكومياتهم في السجون الجزائرية نتيجة تلك المحاولات، والتي يعاقب عليها القانون الجزائري بالسجن.

وهذه العملية التي تمت بسلاسة نسبية بين المعبر المغربي "جوج بغال" والمعبر الجزائري "الكولونيل لطفي" في مدينة مغنية الجزائرية، أبرزت نوعا من التنسيق الأمني المحكم بين الجانبين، والرغبة في تسوية هذا الملف الإنساني الشائك، ذلك أن التعاون بين البلدين الجارين، على الرغم من خلفياته السياسية المعقدة، يُعد خطوة مهمة في مسار معالجة قضية الهجرة غير الشرعية، التي تمثل تحديًا مشتركًا للمغرب والجزائر، بل وللدول المغاربية بشكل عام.

من جانبها، لعبت الجمعية المغربية للمساعدة للمهاجرين في وضع صعب، والتي مقرها مدينة وجدة، دورًا محوريًا في تقديم الدعم والإعلام حول هذه القضية، إذ تُعد من أبرز المنظمات الحقوقية المغربية المتخصصة في قضايا الهجرة، وقد أكدت أنها كانت على تواصل مستمر مع السلطات المغربية والجزائرية طوال عملية الإفراج عن هؤلاء الشباب، وأنها تابعت الأمر عن كثب لضمان تسليمهم بسلام.

الجمعية أيضًا، أكدت أنها لا تقتصر في جهودها على هذه المجموعة فقط، بل تعمل على معالجة قضية أكبر تشمل أكثر من 520 مهاجرًا مغربيًا آخرين، الذين حاولوا عبور البحر الأبيض المتوسط في ظروف خطيرة للغاية عبر مسارات متنوعة، بما في ذلك عبر تونس وليبيا والجزائر.

ولا يقتصر عمل الجمعية فقط على الإفراج عن هؤلاء الشباب، بل يشمل أيضًا قضية أكثر تعقيدًا تتعلق بإعادة جثث ستة مغاربة فقدوا حياتهم أثناء محاولات الهجرة غير الشرعية، من بينهم توجد امرأتان شابتان من المنطقة الشرقية للمغرب، ما يعكس مدى خطورة هذه الظاهرة وتأثيرها على العائلات المغربية التي فقدت أبناءها في رحلة غير مضمونة العواقب، وقد أكدت الجمعية أنه سبق لها أن قامت بتسهيل الإجراءات الإدارية والقضائية والتقنية اللازمة لترحيل جثث المهاجرين المغاربة الذين قضوا نحبهم في الجزائر، وتطالب اليوم السلطات الجزائرية بإعادة جثث هؤلاء الضحايا إلى عائلاتهم في المغرب.

وفي إطار هذه الجهود، تسعى الجمعية إلى الحصول على معلومات دقيقة حول مصير مفقودين آخرين، حيث أكدت أنها تبذل كل جهد ممكن لكشف ملابسات اختفاء المهاجرين المغاربة الذين لم يتم العثور عليهم بعد، والذين قد يكونون في عداد المفقودين بسبب محاولاتهم الفاشلة للوصول إلى الضفتين الأوروبية أو الجزائرية، كما شددت على أنها تعمل بلا كلل من أجل "إلقاء الضوء على مصير المفقودين"، مطالبة السلطات الجزائرية بتسليم جثث هؤلاء المغاربة المفقودين، وتفادي أي تلاعب قد يعرقل جهود التحقيق في هذا الملف.

هذه العملية التي أسفرت عن إعادة هؤلاء الشباب المغاربة إلى وطنهم، تأمل الجمعية أن تكون خطوة مهمة نحو التهدئة في العلاقات المغربية الجزائرية، وأن تشكل بداية لمرحلة جديدة من التعاون بين البلدين في ملفات إنسانية ودبلوماسية أخرى. الجمعية تأمل في أن هذه العملية ليست مجرد حل جزئي، بل تمثل أيضًا بداية مرحلة من العمل المشترك الجاد من أجل مكافحة الهجرة غير الشرعية وتخفيف معاناتها على المجتمعات المغاربية.

وفي هذا السياق، يتطلع الجميع إلى أن تشهد الفترة القادمة مزيدًا من التعاون الثنائي بين المغرب والجزائر، سواء على مستوى الملفات الأمنية أو الإنسانية، وذلك في إطار احترام حقوق الإنسان وتقديم حلول عملية وشاملة للتحديات التي يواجهها الشباب في المنطقة، والتي تدفعهم في كثير من الأحيان إلى المخاطرة بحياتهم عبر البحر أو الطرق البرية للوصول إلى أوروبا. هذه الخطوة، التي قد تبدو بسيطة على السطح، قد تحمل في طياتها رسالة أمل وتضامن بين الجارين، وتؤكد على أن الحلول السلمية والتعاون المثمر يمكن أن يكونان مفتاحًا لمواجهة القضايا الإقليمية الكبرى.

اضف تعليق

شارك

تعليقات الزوار

لا تعليقات