مثلما حدث بعد هجومين سابقين، ليلة الصواريخ والمسيرات من إيران في نيسان وإطلاق المسيرة من اليمن نحو تل أبيب في الشهر الحالي، ها هي إسرائيل تتخبط في الأيام الأخيرة فيما يتعلق بطبيعة الرد المطلوب على هجوم حزب الله الأخير بإطلاقه صاروخاً على الجولان قتل 12 طفلاً وفتى في مجدل شمس. قد يأتي الرد بسرعة، والطريقة التي سيرد بها حزب الله هي التي ستملي طبيعة المواجهة في الفترة القريبة القادمة.
في هذه الأثناء، تبذل الولايات المتحدة وفرنسا ودول أخرى، جهوداً في محاولة لإقناع إسرائيل باختيار رد محسوب وتجنب اشتعال حرب إقليمية. وقال رئيس الحكومة، نتنياهو، أثناء زيارته للجولان: “سيكون الرد القادم قاسياً”.
في المرات السابقة، ترددت إسرائيل حول طبيعة الرد، وفي النهاية اختارت أسلوباً وسطاً، الذي فُسر بشكل مختلف في كل مرة. حسب منشورات أجنبية، فإن إسرائيل هاجمت من مسافة بعيدة في نيسان عنصراً حيوياً لمنظومة الدفاع الجوي “اس 300” من إنتاج روسيا، التي تعد -حسب التقارير- جزءاً من الدفاع حول المشروع النووي الإيراني. في هذا الشهر، تم قصف خزانات وقود ومنشآت في ميناء الحديدة في اليمن، رداً على إطلاق المسيرة التي قتل بسببها مواطن إسرائيلي.
وجه انتقاد للرد على إيران بذريعة أنه كان معتدلاً نسبياً. أما الهجوم في اليمين فقد وصفته وسائل الإعلام الإسرائيلية بأنه عمل مناسب رداً على هجوم الحوثيين. في نهاية المطاف، واجهت نفس المعضلة متخذي القرارات في إسرائيل في جميع المرات: كيف يمكن جباية ثمن باهظ من العدو بدون فتح جبهة بقوة كبيرة، تحرف الأنظار عن القتال ضد حماس في قطاع غزة، الذي تصمم حكومة نتنياهو على الاستمرار فيه؟
هذا هو التخبط الموجود على الأجندة في هذه المرة أيضاً. في الحقيقة، تم عقد الكابنيت الأمني لمناقشة ذلك، لكن عملياً، الحديث يدور عن جسم لا وزن له. تركت القرارات الحقيقية لرئيس الحكومة ووزير الدفاع والهيئة المقلصة من رؤساء جهاز الأمن. أعطاهم الكابنيت تفويضاً بذريعة الحفاظ على سرية العملية. وحتى الآن، تبدو حدود الاحتمالات واضحة جداً. حسب منشورات أجنبية، جميع الأطراف تعرف أن إسرائيل سترد. الدول العظمى في الغرب تريد اقتصار الهجوم على أهداف عسكرية معينة، وألا يتوسع ويصل إلى جولات طويلة للقصف، وألا يشمل بيروت. ولم يتم نشر إذا كانت إسرائيل قد استجابت لذلك.
في هذه الأثناء، أصدرت جهات رفيعة في لبنان تصريحات تدل على تخوف حكومة لبنان وطوائف مختلفة في الدولة، من أن يورطهم الشيعة وحزب الله في حرب شاملة مدمرة مع إسرائيل. وزير خارجية لبنان قال أمس بأنه يمكن التوصل إلى تفاهمات تبعد رجال حزب الله إلى شمال نهر الليطاني إذا امتنعت إسرائيل عن الهجوم. يبدو أن مستوى التأثير الحقيقي لحكومة لبنان على اعتبارات حزب الله، معدوم.
نشرت صحيفة “الأخبار” المقربة من حزب الله، أمس، بأن الولايات المتحدة وفرنسا تضغطان على القادة في لبنان الذين ينقلون الرسائل لقيادة حزب الله، بالتعهد بعدم الرد على عملية إسرائيل، وهكذا تنتهي جولة اللكمات الثقيلة التي نبعت عن إطلاق الصاروخ والقتل في الجولان. كتب في التقرير أن حزب الله رفض التعهد، وقال بأنه سيختار الرد المناسب وفقاً لهجوم إسرائيل.
ونشرت وكالة الأنباء “أسوشييتد برس” نبأ مقلقاً من لبنان؛ فقد جاء أن حزب الله بدأ في تحريك الصواريخ الدقيقة استعداداً للحرب مع إسرائيل، استمراراً لرد اتوقع من الجيش الإسرائيلي على إطلاق النار نحو هضبة الجولان. ربما تكون هذه إشارة استهدفت الردع ضد هجوم شديد تشنه إسرائيل. حتى الآن، من الواضح أن الطرفين يقفان على شفا الهاوية وقد ينزلقان فيها بسرعة.
أما الفوضى التي تحدث في الجبهة الداخلية في إسرائيل فغير مشجعة؛ عندما يقود أعضاء كنيست رعاع لاقتحام قاعدة عسكرية، تستخدم كمنشأة اعتقال للفلسطينيين، فهذه إشارة على تفكك القانون والنظام في الدولة. هذه تطورات تشير إلى ضعف داخلي، ربما تشجع حزب الله على التمسك بمنحى التحدي.
تعليقات الزوار
لا تعليقات