أكد وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف في رسالة وجهها إلى سفراء الدول الأفريقية التزام بلاده بالمشاريع التنموية التي تنفذها في القارة، مروّجا لفكرة أن الجزائر أطلقت العديد من المبادرات التي كانت لها انعكاسات إيجابية على المنطقة مركّزا بالخصوص على دول منطقة الساحل، فيما يأتي هذا التحرك في إطار المساعي الجزائرية المحمومة لملاحقة النجاحات التي حققها المغرب الذي رسخ نفسه بوابة نحو أفريقيا بالبرامج الحقيقية والشراكات الإستراتيجية.
وكثّفت الجزائر خلال الآونة الأخيرة جهودها لتقديم برنامج ينافس المبادرة الأطلسية التي أطلقها المغرب بهدف تسهيل وصول دول منطقة الساحل الأفريقي إلى الممر البحري الحيوي، مدفوعة بمخاوفها من تنامي نفوذ المملكة في المنطقة، مقابل انحسار نفوذها.
وأبدت دول الساحل استعدادها الجدّي للانخراط في المبادرة المغربية، داعية إلى تسريع تفعيلها باعتبارها تشكل فرصة تاريخية لتحقيق طفرة اقتصادية وتنموية تضع حدا لأزمات المنطقة.
وجمعت وزارة الخارجية الجزائرية السفراء الأفارقة بمقرها في العاصمة الأحد بمناسبة يوم أفريقيا وقال عطاف في خطاب بالمناسبة إن "بلاده تقيدت بالتزامها من خلال إطلاق العديد من المشاريع والمبادرات الملموسة على غرار دعم المشاريع التنموية في مختلف الدول الأفريقية الشقيقة عبر وكالة التعاون الدولي من أجل التضامن والتنمية، بالإضافة إلى المضي في إنجاز مشاريع إدماج حقيقية للبنية التحتية الإقليمية والقارية"، وفق موقع "الصحيفة" المغربي.
وركّز عطاف في الرسالة على الدول الأفريقية التي تربطها شراكات إستراتيجية مع المغرب، مشيرا إلى "الربط بالألياف البصرية مع النيجر ونيجيريا وتشاد ومالي وموريتانيا وإنجاز أنبوب الغاز الذي ينطلق من نيجيريا مرورا بالنيجر والجزائر وصولا إلى أوروبا وإنشاء خط سكة حديدية يربط بلاده بباماكو ونيامي، الطريق العابر للصحراء ومشروع الطريق الرابط بين تندوف والزويرات الموريتانية".
ويعكس هذا التركيز الجزائري على دول الساحل الأفريقي رغبة جزائرية في التشويش على المبادرة الأطلسية، في وقت فشلت فيه الجزائر في تقديم برنامج جدّي قادر على منافسة الخطة المغربية الطموحة التي أشادت بها العديد من الدول.
وكان تقرير استخباراتي جزائري قد حذّر في وقت سابق أصحاب القرار من نجاح المبادرة الأطلسية، معتبرا أنها تهدد مصالح البلاد في الساحل الأفريقي، كما نبّه إلى خطورة التقارب بين المغرب ومالي، داعيا إلى التسريع بإيجاد بديل للمشروع المغربي.
وقطع مشروع أنبوب الغاز المغربي النيجيري أشواطا هامة على طريق التحضير والتمويل بعد أن تجاوز عدد الدول الأفريقية المنخرطة فيه الـ10، في حين لم يحقق المشروع الجزائري أي تقدم فعلي، ما أدى إلى مزيد إحراج الجزائر وتعميق عزلتها في محيطها الأفريقي.
وأعلنت السنغال اليوم الاثنين انخراطها في المشروع الضخم وذلك عقب مباحثات جمعت وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة ونظيرته السنغالية ياسين فال، بالعاصمة الرباط، وفق بيان مشترك.
وقال البيان إن "جمهورية السنغال تنخرط بفعالية في مشروع خط أنبوب الغاز الإفريقي الأطلسي نيجيريا - المغرب، حيث سيساهم، بمجرد اكتماله، في تحسين ظروف عيش السكان وتعزيز التكامل الاقتصادي الإقليمي".
وسيمتد أنبوب الغاز على طول يناهز 5660 كيلو مترا وسيتم تشييده على عدة مراحل ليستجيب للحاجة المتزايدة للبلدان التي سيعبر منها إلى أوروبا.
وتمّ الاتفاق على إحداث مشروع أنبوب الغاز الرابط بين المغرب ونيجيريا، خلال زيارة الدولة التي قام بها العاهل المغربي الملك محمد السادس إلى نيجيريا في ديسمبر/كانون الأول 2016.
وسيمر هذا الأنبوب بكل من بنين وتوغو وغانا وكوت ديفوار وليبيريا وسيراليون، بالإضافة إلى غينيا وغينيا بيساو وغامبيا والسنغال وموريتانيا.
ويحظى مشروع أنبوب الغاز الرابط بين المغرب ونيجيريا باهتمام دولي وأوروبي باعتباره يمثّل حلا نهائيا لأزمة الطاقة الناجمة عن الحرب الروسية على أوكرانيا، ما يثير مخاوف الجزائر التي تعد أكبر مصدّر للغاز الطبيعي في أفريقيا.
ونجح المغرب طيلة الأعوام الماضية في تأسيس شراكات إستراتيجية مع العديد من الدول الأفريقية على أساس المنافع الاقتصادية المتبادلة، بالموازاة مع إقامة جسور التواصل ضمن التزامه بعمقه الأفريقي.
ويرى مراقبون أن الجزائر لا تتحرك من منطلق رغبتها في توفير حلول حقيقية للأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي تعاني منها دول منطقة الساحل بقدر حرصها على استعادة نفوذها المتلاشي بسبب فشل دبلوماسيتها على أكثر من صعيد وإخفاقها في تسوية الصراعات على غرار اتفاق السلام الهش الذي رعته بين الحكومة المالية والانفصاليين الطوارق وأُلغي بقرار رسمي من باماكو بسبب ما وصفته بـ"التدخل في شؤونها" إثر استقبال مسؤولين جزائريين لوفد عن المتمردين.
ورشّحت تقارير دولية المغرب ليلعب دورا بارزا في إنهاء الأزمة في مالي، مشيرة إلى أن المملكة راكمت تجربة هامة في تسوية النزاعات عبر تغليب الحوار، بعيدا عن المزايدات السياسية والتدخل في الشؤون الداخلية للدول.
تعليقات الزوار
لا تعليقات