أعربت موريتانيا، عن قلقها البالغ إزاء انسحاب جمهورية مالي من مجموعة دول الساحل الخمس التي تسعى منذ 2014 لمواجهة عسكرية وتنموية مشتركة للإرهاب ولأسبابه في الشريط الساحلي الإفريقي المنكوب بمتلازمة الفقر والعنف المسلح.
وتضم هذه المجموعة دول موريتانيا والتشاد والنيجر وبوركينافاسو، إلى جانب مالي التي انسحبت منها قبل يومين احتجاجاً على عدم تسليمها الرئاسة الدورية لهذا التجمع.
وأكد وزير التهذيب الناطق باسم الحكومة الموريتانية محمد ماء العينين ولد أييه أمس «أن لانسحاب جهورية مالي من مجموعة الساحل، تأثيراً سلبياً كبيراً على المنظمة».
وأوفد الرئيس الموريتاني محمد الشيخ الغزواني إلى العاصمة المالية باماكو، أمس، وزير خارجيته محمد سالم مرزوق، في أطار مسعى تقوم بها موريتانيا لإقناع المجلس العسكري الانتقالي في مالي، بالتراجع عن قرار الانسحاب من مجموعة دول الساحل الخمس، ولمحاولة تسوية الخلافات داخل المجموعة، التي أدت إلى الانسحاب المالي منها.
وأكد الناطق الرسمي الوزير ماء العينين، في توضيح لموقف موريتانيا من انسحاب مالي من مجموعة دول الساحل الخمس «أن لكل دولة سيادتها، ولها اتخاذ مواقفها بناء على ذلك».
وقال: «تقييمنا لما حدث بخصوص انسحاب مالي من مجموعة دول الساحل أمس هو أن اختلاف الآراء حول تسيير المجموعة ليس مبرراً لانسحاب دولة منها، ونسعى لتجاوز التحديات المطروحة للقيام بالمهام المطلوبة، مع أن خروج مالي من مجموعة الساحل سيكون له تأثير كبير على المقاربة بصورة عامة».
وأعاد الوزير الموريتاني إلى الأذهان الأسباب التي أدت إلى إنشاء مجموعة دول الساحل الخمس، مؤكداً أنها «مازالت قائمة». وقال «إن موريتانيا من بين الدول المؤسسة لهذه المجموعة حيث شاركت في تأسيسها من خلال إرسال كتيبة تحملت نفقاتها ووضعتها تحت تصرف القيادة المشتركة لهذه الدول، إلى جانب دعمها للبعد التنموي للمجموعة، وذلك لقناعتها بأهمية المقاربة التنموية فيما تواجهه دول المجموعة من تحديات، كما أنها دعت المجموعة الدولية للاعتراف بها وحشدت لها الدعم المالي والعسكري وستواصل ذلك».
وأكد الوزير “أن موريتانيا ستسعى بكل جهد لتجاوز مجموعة دول الساحل الخمس للعقبات التي تعترضها، بالتعاون مع الشركاء الآخرين في المجموعة”، مشدداً التأكيد على «أن موريتانيا ما زالت متمسكة بأهمية المجموعة الخماسية، ببعديها العسكري والتنموي».
وكانت جمهورية مالي قد أعلنت الأحد الماضي، عن انسحابها من مجموعة دول الساحل الخمس ومن قوّتها العسكرية لمكافحة الإرهاب احتجاجاً على رفض توليها رئاسة هذه المنظمة الإقليمية التي تضم موريتانيا، والنيجر، وبوركينا فاسو، وتشاد.
وأشار البيان إلى «أن حكومة مالي قرّرت الانسحاب من جميع أجهزة مجموعة دول الساحل الخمس وهيئاتها، بما فيها القوة العسكرية المشتركة لمكافحة الإرهاب».
وفي السياق ذاته، قال رئيس النيجر، محمد بازوم «إن القوة المشتركة التابعة لمجموعة دول الساحل الخمس التي تقاتل الجماعات المسلحة في غرب إفريقيا قد ماتت نهائياً بعد إعلان مالي الانسحاب منها». وتابع في مقابلة أمس مع صحيفة «لكروا» الفرنسية «إن مجموعة دول الساحل الخمس ماتت»، مشيراً إلى «أن عزلة باماكو في غرب أفريقيا أمر سيئ للمنطقة كلها».
واعتبرت وزارة الخارجية الفرنسية أمس «أن انسحاب مالي من مجموعة دول الساحل الخمس يعكس «عزلة» المجلس العسكري الحاكم في باماكو، معربة عن «أسفها» لهذا القرار الذي «يقوض الجهود الإقليمية لمحاربة الإرهاب».
وعبرت فرنسا الثلاثاء الماضي، عن «أسفها» لانسحاب مالي من مجموعة دول الساحل الخمس لمكافحة الإرهاب، معتبرة “أن هذا القرار يقوض الجهود الإقليمية لمحاربة الإرهاب ويعكس «عزلة» المجلس العسكري الحاكم في باماكو”.
وكانت السلطات المالية، التي احتدمت خلافاتها مع فرنسا وعلى نطاق أوسع مع الدول الأوروبية الأحد الماضي، قد أعلنت أنها منسحبة من مجموعة دول الساحل الخمس، بما في ذلك قوتها العسكرية لمكافحة الجهاديين، متهمة إياها بأنها «أداة» بيد «الخارج». وتأسست مجموعة دول الساحل الخمس عام 2014، فيما تم تأسيس قوتها لمكافحة الإرهاب في العام 2017، وتضم نحو 5000 عسكري.
ويعزز انسحاب مالي عزلتها عن جيرانها في حين تخضع باماكو منذ التاسع من يناير لسلسلة عقوبات اقتصادية ودبلوماسية فرضتها مجموعة دول غرب إفريقيا رداً على توجه المجلس العسكري الحاكم للبقاء في السلطة بعد انقلابين شهدتهما البلاد في أغسطس 2020 وفي مايو 2021.
ويأتي الانسحاب المالي من مجموعة الساحل، بعد إعلان المجلس العسكري مطلع مايو إلغاء اتفاقية التعاون الدفاعي المبرمة بين مالي وفرنسا في 2014، واتفاقات مبرمة في 2013 و2020 تحدد الإطار القانوني لوجود قوتي برخان الفرنسية لمكافحة الجهاديين وقوة تاكوبا الأوروبية.
وبعد إعلان المجلس العسكري الحاكم في مالي مساء الإثنين الماضي أنه أحبط الأسبوع الماضي محاولة انقلابية نفذها ضباط في الجيش بدعم من دولة غربية لم يسمها (لكن قيل إنها فرنسا)، أكدت باريس أن ليس لديها «أية معلومات عن هذا الموضوع».
تعليقات الزوار
لا تعليقات