أخبار عاجلة

استنكار شعبي محلي حول تقارير إعلامية تزج بليبيا ضمن مخطط تهجير أهالي قطاع غزة

زُجّ اسم ليبيا ضمن أسماء الدول المطروحة لتنفيذ مخطط الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، القاضي بتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة بعد حرب دامية أعقبتها هدنة لم تنفذ بشكل كامل، حيث طرح ترامب دولا كمصر والأردن وأخرى أفريقية ليرد إسرائيليون وغربيون مقترحين التوجه لليبيا كبلد شاسعة المساحة وتعاني حتى الآن من آثار انقسام وسطوة مجموعات مسلحة قد ترضخ لأي ضغوط أو مطالبات.

وأثار زج اسم ليبيا ردود فعل محلية واسعة، حيث أعرب المسؤولون ضمن سلطات الشرق والغرب الليبي عن رفضهم بشكل قاطع تهجير الفلسطينيين لأي سبب كان من أراضيهم احتراماً وتنفيذاً للقانون الدولي الإنساني الذي لم تطبقه إسرائيل ضمن حربها الدامية في القطاع.
والاثنين نفى المكتب الإعلامي لرئيس حكومة الوحدة الوطنية، بشكل قاطع ما ورد في تقرير نشرته منصة American Thinker بشأن استعداد ليبيا لاستقبال أعداد من اللاجئين الفلسطينيين، مؤكدا أن هذه الادعاءات مختلقة تماما، ولم تصدر عن أي جهة رسمية ليبية.
وقال المكتب الإعلامي إن التقرير المذكور يفتقر إلى أدنى معايير المصداقية والمهنية، وقد نشر في منصة لا وزن لها في الأوساط الإعلامية المحترفة، ومعروفة بترويج الأخبار الزائفة ونظريات المؤامرة، لافتا إلى أن كاتب التقرير جيروم كورسي، ليس صحافيا محترفا، بل له سجل طويل في نشر معلومات مضللة ومختلقة لا تستند إلى أي مصادر موثوقة.
وتأسف المكتب الإعلامي لقيام بعض الصفحات الليبية بالترويج لهذا التقرير المضلل بدون تحقق أو تدقيق مؤكدا أن السياسات الليبية الداخلية والخارجية، يتم الإعلان عنها عبر القنوات الرسمية فقط، وأي أخبار لا تصدر عن الجهات المختصة لا تعدو كونها محاولات للتشويش وإثارة البليلة.
وفي هذا السياق، جدد المكتب الإعلامي لرئيس حكومة الوحدة الوطنية التأكيد على موقف ليبيا الثابت والداعم للقضية الفلسطينية، وحق الشعب الفلسطيني في العيش بحرية وكرامة على أرضه، مؤكدا أن سياسات ليبيا تجاه هذه القضية تستند إلى المبادئ والقيم التي يؤمن بها الشعب الليبي.
ومنذ أسابيع يُواجه مقترح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن تهجير الفلسطينيين من أرضهم إلى مصر والأردن حالةَ رفض وإدانة عربية ودولية، ومن بينها ليبيا التي أعلنت سلطاتها المتمثلة في مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة وحكومتاهما؛ حكومة الوحدة الوطنية بطرابلس المعترف بها دولياً وحكومة مجلس النواب في بنغازي، عن رفضها مشروع ترامب، وحق الشعب الفلسطيني في أرضه.
ورد ما يعرف بائتلاف أبناء ليبيا مستنكراً تقرير المجلة الأمريكية عن توطين الفلسطينيين في ليبيا مشدداً على رفضه القاطع إخراجهم من أرضهم والاستيلاء عليها، مؤكدا استمرار الدعم المطلق للقضية الفلسطينية.
وكان أول دخول لليبيا ضمن هذه المناقشات في شباط/فبراير، حيث طرح باحثان إسرائيليان مقترحاً يقضي بتهجير سكان قطاع غزة إلى ليبيا، معتبرين أنها «الخيار الأفضل» مقارنة بمصر والأردن، وفقا لما جاء في مقال لهما نشر في موقع «Israel National News».
وأكد الباحثان أن «فكرة توطين الفلسطينيين من غزة أصبحت محل اهتمام الساسة ووسائل الإعلام»، لكنهما شددا على أن «تنفيذها في مصر أو الأردن يواجه صعوبات كبيرة»، نظرا لما أسموه بـ«المخاطر الأمنية والاستقرار السياسي الهش» في البلدين. وزعم الباحثان أن «توطين سكان غزة في الأردن قد يؤدي إلى زعزعة الاستقرار هناك، بسبب الوجود القوي لجماعة الإخوان المسلمين، بينما في مصر، فإن تأثيرهم الأيديولوجي قد يشكل تهديدا لنظام الرئيس عبد الفتاح السيسي». وأضافا أن «مصر تعاني من أزمة سكانية خانقة، حيث أن دلتا النيل، التي تضم أكثر من 40 مليون شخص، تعد واحدة من أكثر المناطق اكتظاظا في العالم، بينما معظم الأراضي المصرية الأخرى صحراء غير صالحة للحياة الطبيعية».
وأوضحا أن «ليبيا دولة ذات مساحة شاسعة وكثافة سكانية منخفضة، كما أنها تعاني من انقسامات داخلية تخلق فرصا لإعادة التوطين».
وادعى الباحثان أن «الميليشيات المتنافسة في ليبيا قد تكون مستعدة لقبول الفلسطينيين مقابل دعم سياسي ومالي من الدول الغربية»، وأن «الجنرال خليفة حفتر، الذي يسيطر على معظم ليبيا، قد يكون الشريك المثالي لهذه الخطة». ومؤخراً أيضا أكدت صحيفة «إسرائيل هيوم» أن هناك مقترحا بإخراج 1.7 مليون نسمة من غزة إلى عدة دول بينها ليبيا، ويشمل المقترح تمويلًا كاملاً للخروج من غزة، وحلًا سكنيًا مؤقتًا ومنحة مالية للمهاجرين، بتكلفة حوالي 100 مليار دولار، أي أقل من تكلفة إعادة إعمار القطاع.
وأشارت الصحيفة العبرية بأن الضجة الدولية جعلت بعض الدول تُجمد تحركات استقبال الغزيين مؤقتًا رغم أن الحكومة الإسرائيلية انتهت من التحضيرات لخطط تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، ولكنها تبحث عن مزيد من الدول لاستقبالهم.
وعقب هذه التصريحات تصاعدت ردود الفعل المحلية المستنكرة حيث أدانت لجنة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي بمجلس النواب ما سمّته الادعاءات الإعلامية حول محاولات ترحيل الفلسطينيين من قطاع غزة إلى ليبيا.
وقالت اللجنة في بيان لها، إن هذه الادعاءات مرفوضة شكلا ومضمونًا، مضيفة أنها تعكس محاولات الكيان الصهيوني المستمرة لتصفية القضية الفلسطينية عبر مخططات التهجير القسري، والذي يُعد جريمة حرب بموجب القانون الدولي، وفق البيان.
كما أكدت اللجنة رفضها لأي محاولة للزج بليبيا في أي مشاريع تهدف إلى تصفية حقوق الشعب الفلسطيني، أو المساس بثوابت الأمة العربية والإسلامية، حسب قولها.
وشددت اللجنة على الموقف الثابت للدولة الليبية، قيادةً وشعبًا، في دعم القضية الفلسطينية، وحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، وفقًا لقرارات الشرعية الدولية ومبادئ القانون الدولي، بحسب قولها.
ودعت المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية، ووقف الجرائم الإسرائيلية التي تستهدف تشريد أبناء الشعب الفلسطيني، والعمل الفوري على إنهاء الاحتلال ورفع الحصار الجائر عن قطاع غزة.
كما حذرت من أي محاولة لاستغلال الأوضاع الإقليمية والدولية لتمرير أجندات لا تخدم إلا الاحتلال، مؤكدة أن ليبيا لن تكون طرفًا في أي مخططات ترحيل أو تهجير قسري، مهما كانت الظروف والضغوط، وفق نص البيان.
وعقبها أكد رئيس مجلس النواب عقيلة صالح الرفض التام لمخططات تهجير الفلسطينيين، في ضوء تكرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ومن خلفه سلطات الاحتلال الإسرائيلي، الدعوة لتهجير سكان غزة إلى دول مجاورة أو أخرى عربية، بذريعة إجراء عملية إعمار في قطاع غزة.
وقال عقيلة في كلمة خلال مراسم افتتاح ملعب المدينة الرياضية ببنغازي «علينا جميعا وبصوت واضح إعلان الرفض التام والصريح لتهجير الفلسطينيين من غزة وبقية المدن والقرى».
وأشار رئيس مجلس النواب إلى أخطر المؤامرات التي تحاك لتصفية القضية الفلسطينية بعد التصفية الجسدية التي تعرض لها أهل غزة على مدار 15 شهرا، وتابعها العالم على الهواء مباشرة من قتل الأبرياء العزل من النساء والأطفال، لافتا إلى أن السكوت على جرائم الاحتلال الإسرائيلي يمثل جريمة أكثر بشاعة من جرائم الحرب.
وعقبها دعا رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي إلى اتخاذ موقف موحد يرفض كل المخططات الهادفة إلى نزع الشعب الفلسطيني من ترابه أو دفعه للنزوح وعدم القبول بفكرة إخلاء غزة من سكانها.
وحثَّ المنفي على التوجه بإرادة عربية موحدة مدعومة بمواقف الأصدقاء للانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، وكف آلة العدوان والإبادة ضد أهل غزة والإفراج عن جميع الرهائن والأسرى والمعتقلين وضمان دخول المساعدات الإنسانية، والبدء في إعمار القطاع الذي تعرض للإبادة والتدمير على أن تناط مسؤولية الإعمار بالعرب بمساندة المجتمع الدولي.
كما دعا إلى تعزيز الموقف العربي بإيصال رسالة واضحة لا لبس فيها هي أن تهجير سكان غزة إلى أي مكان آخر بدعوى الإعمار يتناقض مع كل الأديان والقيم الإنسانية، ويتعارض مع مبادئ الشرعية الدولية ويصطدم بإرادة الشعوب العربية والإسلامية وكل شعوب العالم التي خرجت إلى الشوارع لتعرب عن نصرتها للشعب الفلسطيني في هبَّة إنسانية تجاوزت الفواصل العرقية والدينية والجغرافية. وفي أواخر كانون الثاني/يناير الماضي أكد أعضاء بمجلس النواب رفضهم تهجير سكان قطاع غزة قسرا إلى دول الجوار، واصفين المخطط الذي يقف وراءه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأنه انتهاك صارخ لجميع المواثيق الدولية وحقوق الإنسان وجريمة تتنافى مع مبادئ القانون الدولي.
وأضاف الأعضاء، في بيان موقع عليه من 76 نائبًا ونشره الناطق باسم المجلس عبدالله بليحق السبت، أن أي محاولات لفرض التهجير القسري على أهلنا في قطاع غزة مرفوضة رفضا قاطعا وكذلك أي مخططات تهدف إلى تغيير التركيبة السكانية للقطاع أو المساس بحقوق الشعب الفلسطيني في أرضه ووطنه. وأكد الأعضاء على أن الحل العادل والدائم للقضية الفلسطينية يتمثل في إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس، وفقًا لقرارات الشرعية الدولية.
ودعا أعضاء المجلس المجتمع الدولي والمنظمات الإقليمية والدولية وعلى رأسها الأمم المتحدة إلى تحمل مسؤولياتها القانونية والأخلاقية لوقف هذه الانتهاكات، مؤكدين موقف ليبيا الثابت والداعم لنضال الشعب الفلسطيني المشروع لنيل حقوقه الوطنية المشروعة.

اضف تعليق

شارك

تعليقات الزوار

لا تعليقات