أكد وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف لدى استقباله السفيرة الأمريكية، أن بلاده ملتزمة بالمساهمة في بلورة حلول سلمية لبؤر النزاع في الفضاءات التي تنتمي إليها الجزائر. ويأتي حديث عطاف عقب “تأويلات” و”تحريفات” صاحبت تصريح الرئيس عبد المجيد تبون حول التدخل في غزة.
وورد في بيان للخارجية الجزائرية، أن “عطاف استقبل الخميس بمقر الوزارة، سفيرة الولايات المتحدة الأمريكية بالجزائر إليزابيث مور أوبين”. وذكر نفس المصدر أن “اللقاء سمح ببحث مُستجدات الأوضاع على الصعيدين الدولي والإقليمي، لا سيما التطورات التي يشهدها الشرق الأوسط في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة”.
وأكد البيان أن الوزير أحمد عطاف جدد التزام الجزائر، من موقعها كعضو غير دائم بمجلس الأمن، بدعم كافة الجهود الرامية إلى تفعيل وقف فوري ودائم ومستدام لإطلاق النار في قطاع غزة، “والمُساهمة في بلورة حلول سلمية لمختلف بؤر الأزمات والنزاعات التي تشهدها فضاءات انتماء بلادنا”.
وكان الرئيس عبد المجيد تبون قد أثار جدلا واسعا على مواقع التواصل، بعد دعوته لفتح الحدود بين مصر وغزة من أجل أن تقوم الجزائر بدورها، وذلك بصفته كمترشح للانتخابات الرئاسية. وقال تبون في التجمع الانتخابي الأول الذي عقده في قسنطينة عاصمة الشرق الجزائري، إن جيش بلاده “جاهز بمجرد فتح الحدود بين مصر وقطاع غزة”. مؤكدا: “لن نتخلى عن فلسطين بصفة عامة ولا عن غزة بصفة خاصة”. قبل أن يضيف: “أقسم لكم بالله، لو أنهم ساعدونا وفتحوا الحدود بين مصر وغزة… فهناك ما يمكننا القيام به”.
وتابع وسط حماسة كبيرة من أنصاره الذين غصّت بهم القاعة: “لقد قطعت وعدا.. والجيش جاهز بمجرد فتح الحدود والسماح لشاحناتنا بالدخول، سنبني في ظرف 20 يوما 3 مستشفيات، وسنرسل مئات الأطباء ونساعد في بناء ما دمره الصهاينة”. وأردف: “سبق وقلتها، فلسطين ليست قضية الفلسطينيين، هي قضيتنا نحن، ربما البعض ينسى ويقول: هذا التلاحم بين فلسطين والجزائر بلا معنى في ظل البعد… لسنا بعيدين، البعد فقط في المسافة لكن القلوب عند بعضها”.
ومع أن هذا التصريح كان محددا في المهام الإنسانية لإسعاف أهل غزة الذين يواجهون العدوان، إلا أن البعض توقفوا عند مقطع إرسال الجيش دون سياقه العام، مع تأويلات تشير إلى أن الجزائر تريد التدخل عسكريا في غزة. وتحدثت صحف جزائرية في اليوم الموالي أن “تصريح الرئيس تعرض للتحريف من أطراف مغرضة تريد استهداف الجزائر”.
من جانب آخر، وفي نفس سياق الدفاع عن الحق الفلسطيني، طالبت الجزائر على لسان مندوبها الدائم لدى الأمم المتحدة، السفير عمار بن جامع، الخميس، بوقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة، لتنفيذ حملة التطعيم ضد شلل الأطفال الذي ساهم في انتشاره القصف الصهيوني المتعمد للمستشفيات والمرافق الطبية وانهيار النظام الصحي.
وأكد بن جامع خلال الجلسة الشهرية لمجلس الأمن الدولي بشأن الوضع في الشرق الأوسط، بما في ذلك القضية الفلسطينية، أن “الوضع في قطاع غزة مزرٍ” وأنه ما من تقدم أحرز بعد 11 شهرا من بدء الاحتلال الصهيوني عدوانه الوحشي العقابي ضد المدنيين الفلسطينيين العزل.
ولفت إلى أن عدد الشهداء الذي بلغ أزيد من 40 ألف شهيد و90 ألف مصاب، يرتفع بوتيرة سريعة، “ليس فقط بسبب تدهور الوضع في المنطقة ولكن أيضا بسبب الخطر الوشيك من تفشي الأمراض، مع انهيار النظام الصحي في القطاع، بسبب استهداف قوات الاحتلال المتعمد للمستشفيات والعاملين في المجال الطبي”.
وأضاف أنه “على الرغم من تلك التحديات، فإن المجتمع الإنساني الدولي مستعد للمساعدة في حملة للتطعيمات كاملة الأركان”، موضحا أنه “لا يمكن أن نتصور استمرار أي حملة لقاحات، تحت القصف الصهيوني المتواصل”.
وبخصوص جهود الوسطاء، شدد الدبلوماسي الجزائري على ضرورة التوصل لصفقة بشكل سريع، في ظل الأوضاع المتدهورة في قطاع غزة، تنهي المجازر المتواصلة بحق المدنيين الفلسطينيين العزل.
وأكد أن “الاحتلال يواصل تجاهل المناشدات الدولية، بما في ذلك قرارات مجلس الأمن والأوامر الصادرة عن محكمة العدل الدولية”، لافتا الى أن الجزائر “تؤمن إيمانا راسخا” أمام مخاطر نزاع أوسع نطاقا يوجهها الشرق الأوسط، بأن وقفا دائما لإطلاق النار في غزة هو “المسار الوحيد لتجنب المزيد من التصعيد في المنطقة”.
كما تطالب الجزائر، حسب بن جامع، “بالتنفيذ الفوري والفعال لقرارات مجلس الأمن، بما في ذلك القرار 2735″، الذي ينص على إنهاء الأعمال العدائية بشكل دائم ويضمن الانسحاب الكامل لقوات الاحتلال الصهيوني من قطاع غزة، داعية إلى ضرورة تنفيذه الآن.
واعتبر السفير الجزائري أن “الاحتلال الصهيوني عازم على دحض أي أمل في دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشريف، وينكر وجوب تأسيسها ويضم الأراضي الفلسطينية ويتوسع في المستوطنات غير الشرعية ويقتحم المسجد الأقصى المبارك ويطلق إرهاب مستوطنيهم بالضفة الغربية ليعدموا وينهبوا، في إفلات تام من العقاب”، منوها إلى أن “ما يحدث في قطاع غزة يمكن أن يتكرر في الضفة الغربية”.
وختم بالقول إن “المجتمع الدولي لا يمكن أن يظل صامتا” وأنه “حان الوقت لإنهاء المجازر في غزة وحان الوقت لطي هذا الفصل القاتم في تاريخ الشرق الأوسط والمجتمع الدولي ومجلس الأمن”.
تعليقات الزوار
لا تعليقات