أخبار عاجلة

بسبب “التهميش” مسرحي وسيناريست جزائري يتحول لسائق تاكسي

أثار المسرحي الجزائري والسيناريست محمد شرشال، جدلا في الوسط الفني في البلاد، إثر إعلانه ترك مجاله الإبداعي والتحول إلى سائق أجرة، بسبب ما يقول إنه “التهميش الذي طاله، على الرغم من أن أعماله كانت تلقى دائما الإعجاب من الجزائريين”.

وكتب شرشال وهو مؤلف سيناريو السلسلة الفكاهية الشهيرة “جمعي فاميلي”، منشورا مؤثرا على فيسبوك، أرفقه بصورة أبيه الذي كان يعمل سائق أجرة، مبرزا أنه سيسير على خطى والده.

وقال: “هذا أبي، المرحوم بإذن الله أحمد شرشال؛ كان ملهمي بنكتته وروحه المرحة ومهنة (الطاكسيور) حين كتبت حوارات “جمعي فاميلي” لأمتع بها وبفضله أجيال من مشاهدي هاته السلسلة الناجحة إلى يومنا هذا”.

وأضاف: “اليوم تشاء الأقدار أن يكون ملهمي مرة أخرى بقوته وأنفته، لأستعير منه مهنته كي لا أرضخ لسياسة ثقافية فاشلة تحارب الناجح وتغتاله بالمكائد والمؤامرات الدنيئة. بفضل إلهام أبي أحافظ على كرامتي وكبريائي من عالم ناكر للمعروف، متآمر ورخيص. شكرا أبي”.

وما إن ظهر هذا المنشور، حتى لقي تفاعلا واسعا وشاركه الكثيرون وكتبت عنه مواقع محلية. ودارت معظم التعليقات حول انتقاد المتصدرين للشأن الثقافي في الجزائر وعدم اهتمامهم بالمبدع الحقيقي وبدعمه، على الرغم من توفر الإمكانيات لذلك، فيما رأى آخرون أنه يمكن تدارك الوضع وإعادة الاعتبار لهذا الفنان.

وفي السياق، كتب رئيس الاتحادية الجزائرية للثقافة والفنون عبد العالي مزغيش: “اتفقنا او لم نتفق مع المخرج المسرحي والسيناريست محمد شرشال.. وضعيته المهنية لا يجب أن يقابلها صمت الصامتين.. من فنانين وصحافيين”.

أما الروائي عبد الرزاق بوكبة، فتفاعل هو الآخر بمنشور قال فيه: “أتوقع/أنصح بتدخل سريع من الوصاية، للقيام بما يتوجب عليها، ويحق للفنان محمد شرشال”.

وتفاعل من جهته الشاعر المصري سامح محجوب، بمنشور تضامني، قائلا “صديقي السيناريست والمخرج المسرحي الجزائري الكبير محمد شرشال يضطر للعمل كسائق تاكسي !! بعد حالة الخذلان التي تعرّض لها من الوسط المسرحي الجزائري خلال السنوات الخمس الأخيرة !!”.

وعاد المسرحي محمد شرشال الذي حصل على جائزة أحسن عرض مسرحي عربي سنة 2019 في الشارقة، لاحقا بمنشور مطول يشرح فيه أسباب قراره.

وقال: أنا لا أعيب مهنة الطاكسيور (سائق الأجرة) أو غيرها من المهن الشريفة. الألم في كوني مرغم على الابتعاد عن مجالي الذي وهبته عمري لأسباب أهمها حسد، بغض وغيرة الزملاء من المنتمين لفني مع الأسف الشديد.

وأضاف: أغلب من درسوا معي أو قبلي أو بعدي في معهد برج الكيفان هم الآن من النافذين في وزارة الثقافة والفنون وهم أيضا كثر في إدارة المؤسسات المسرحية وهم يعرفونني جيدا ويعرفون قدراتي ومسرحي (الذي يضايقهم).

وتساءل: هل يمكن أن يكون إبعادي صدفة؟ لا أريد أن أقول إن الجزائر بمؤسساتها وإمكانياتها أصبحت عاجزة عن إنجاز أعمالي لأن هذا غير صحيح وأنا أرى الملايير “الممليرة” تصرف على ملاحم تعرض ثلاثة أو أربعة مرات ثم تحال للأرشيف”.

وزاد: “الحقيقة وبدون مواربة، أنا ضحية سياسة ثقافية فاشلة لا تستطيع حماية النجاح وتثمينه في جزائر يشاع أنها جديدة. أنا ضحية مسارح بائسة يسير أغلبها مدراء مفلسون فكريا وفنيا، مدراء لا يملكون أدنى معرفة مسرحية وهم مجرد موظفون يلهثون وراء البقاء في مناصبهم على حساب المسرح ذاته”.

ولخص شرشال معاناته في أنها “مع غياب سياسة حقيقية لفعل مسرحي واع ومؤسس، مادامت وزارتنا اعتمدت التنشيط المسرحي وأصبحت هي التي تطبل للرداءة وتتفاخر بها”، منهيا بالقول: “فيا وزارة الثقافة والفنون أين المسرح؟ أين الحلم وأين الفكرة؟”.

وتمتلك الجزائر تاريخا مسرحيا عريقا يمتد إلى الحركة الوطنية في بدايات القرن العشرين خلال فترة الاستعمار الفرنسي، وكان المسرح أحد أبرز أشكال المقاومة الثقافية ضد الاحتلال. وبعد الاستقلال استمرت الحركة المسرحية، وتأسس المهرجان الوطني للمسرح المحترف لأول مرة سنة 1985، ثم أعيد بعثه سنة 2005 بتنظيم منافسات لأهم الأعمال المسرحية. لكن الفاعلين في حقل الفن الرابع ظلوا يشكون من غياب الاهتمام خاصة بظروفهم المعيشية، حيث يضطر أغلبهم لإيجاد وظيفة تعيلهم بدل التفرغ التام للإبداع المسرحي.

اضف تعليق

شارك

تعليقات الزوار

لا تعليقات