استفاقت مدينة السمارة في الصحراء المغربية صباح الأحد على هجوم جديد حيث شهدت انفجارين في منطقتين متفرقتين، أحدهما وقع بالقرب من مخيم “الربيب”، فيما وقع الانفجار الثاني بالقرب من ثكنة عسكرية تابعة للقوات المسلحة الملكية حيث يتواجد مقر بعثة المينورسو في المدينة، بينما يأتي هذا الاعتداء الإرهابي بعد نحو أسبوع من هجوم تبنته جبهة البوليساريو الانفصالية أدى إلى مقتل مدني وإصابة آخرين.
كما يأتي الهجوم بينما تجري البعثة الأممية للصحراء تحقيقا في الهجوم على أحياء مدنية في السمارة وبعد أيام من تمديد مجلس الأمن الدولي للبعثة وتأييده المسار المغربي لحل النزاع في دعم جديد ووزان لمبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية حلا واقعيا للنزاع المفتعل وهو ما شكل ضربة قاصمة للجبهة الانفصالية وللجزائر التي تدعمها وتعمل على ابقاء ضجيج الصراع متقدا لتقويض الجهود الدبلوماسية الرامية لوضع حد لعقود من الصراعات في المنطقة الاستراتيجية.
وأكد مصدر إعلامي أن "المدينة الهادئة تعرضت فجر الأحد لتفجيرات في تجدد للاعتداء على المدنيين من قبل التنظيم الإرهابي الذي تأويه الجزائر"، مضيفا أن الانفجارين لم يسفرا عن أي خسائر بشرية، في حين لا تزال التفاصيل غير واضحة تماما، حيث وقع الانفجاران في الساعة 3:45 صباحا وفي مناطق غير سكنية غرب المدينة، وهو ما ساهم في عدم إثارة الهلع كما وقع في الهجوم السابق.
وتأتي هذه الهجمات بينما تتواصل الجهود الدبلوماسية للرباط والبعثة الأممية للصحراء للتوصل إلى حل سلمي ينهي النزاع المفتعل والذي تساهم الجزائر في استمراره بدعمها للجبهة الانفصالية وعرقلة المساعي الأممية للحل، وفق ما يؤكد متابعون وقياديون سابقون في الجبهة.
وقال نورالدين بلالي، أحد الأعضاء المؤسسين لجبهة البوليساريو الانفصالية وممثلها السابق في كل من ليبيا وسوريا، أن هذا الحادث يمكن قراءته من زاويتين؛ الأولى مرتبطة بالظرف السياسي والتوقيت المتعلق بجلسة مجلس الأمن الدولي الأخيرة من خلال محاولة إظهار أن الحرب مستمرة في المنطقة.
وأضاف أن الزاوية الثانية، ترتبط برسالة تريد البوليساريو أن توجهها إلى المغرب كونها أصبحت تمتلك وسائل لوجستية جديدة لم تكن تتوفر عليها في السابق، "لأنني لا أعتقد أن الجبهة ستقدم على هذه الخطوة بدون أن تتحسب لرد الفعل المغربي، حيث كانت الأسلحة التي تحوزها لا يتجاوز مداها 22 كيلومترا".
ويؤكد العديد من القياديين السابقين للبوليساريو هذا الطرح، حيث سبق أن اتهم محمد الشيخ بيد الله، الوزير السابق والعضو المؤسس للبوليساريو، الجبهة بالوقوف وراء الهجمات التي عرفتها مدينة السمارة مؤخرا.
ووصف حادثة السمارة في تغريدة على حسابه بموقع إكس بأنها هجوم إرهابي يستهدف السكان المدنيين بهدف التسبب في أكبر عدد ممكن من الضحايا. واتهم بيد الله رئيس مجلس المستشارين السابق جبهة البوليساريو، التي اعتبرها الجناح المسلح لحزب الله، بالوقوف وراء هذا الهجوم.
وفي عام 2018، اتهم المغرب إيران بدعم جبهة البوليساريو عبر حزب الله. وقال وزير الخارجية ناصر بوريطة إن إيران سهلت تسليم أسلحة لجبهة البوليساريو التي تدعمها الجزائر تاريخيا.
ويرى البلالي أن الجزائر ترفض التخلي عن جبهة البوليساريو بسبب تورطها في هذا النزاع وخسارتها المليارات في تمويلها، وبالتالي “فهي تريد تعويضا على ذلك وترفض أن تخرج خالية الوفاض من هذا النزاع”.
وبنظر البلالي وهو عضو سابق أيضا في المجلس الملكي لشؤون الصحراء، أن الاختلاف الإيديولوجي التاريخي بين كل من المغرب والجزائر، أضف إلى ذلك أن كلا الطرفين لا يرضى أن يكون الخاسر أو المهزوم في هذا الملف. مشيرا إلى أن محمد بوضياف، الرئيس الأسبق والصديق المقرب من المغرب، قال في إحدى مقابلاته الصحافية إنه يريد فعلا أن يحل مشكل الصحراء، لكنه أردف “من سيعوضنا عن الأموال التي خسرناها”،
واعتبر البلالي في حوار مع موقع هسبريس المغربي، أن هذه عُقدة الجزائر لأنها تورطت في هذا النزاع، ولأكثر من خمسين سنة وهي تصرف الأموال على البوليساريو، وبالتالي فهي تأبى أن تخرج من هذا المأزق بخفي حنين.
وأضاف أن الأحداث والتفكك الذي عرفته الجبهة منذ انتفاضة المخيمات عام 1988، إضافة إلى فضائح بعض قياداتها، عوامل ضربت مصداقيتها “الثورية”، لتصبح معها في وضع غير مريح، مشددا في الوقت ذاته على أن “شروط الانفصال لا تتوفر في قضية الصحراء المغربية”.
ولفت الدبلوماسي السابق الذي عاد إلى وطنه المغرب أواخر ثمانينات القرن الماضي، إلى أن “القوى الدولية تستفيد من هذا النزاع وتراهن على استمراريته”.
ويعتبر بلالي من المؤسسين الأوائل لجبهة البوليساريو وقبلها “المنظمة الطليعة لتحرير الصحراء”، وأكد أن بوليساريو الماضي ليست هي بوليساريو الحاضر، لأنها تأُسست في بدايتها بغرض واحد هو طرد الاستعمار الإسباني، وهذا ما نص عليه البيان التأسيسي للجبهة، حيث لم تكن فكرة الانفصال أو إقامة دولة مطروحة أبدا.
وأشرف بلالي على توزيع البيان التأسيسي محليا وعلى السفارات الأجنبية، بما فيها سفارة الرباط في نواكشوط، غير أنه مع دخول أطراف أخرى من خلال الدعم، خاصة الطرفين الليبي والجزائري، تغيرت مواقف البوليساريو منذ مؤتمرها الثاني لتتحول من طرد المستعمر إلى طموح تكوين دولة مستقلة.
وأشار إلى أن الجبهة تشهد نوعا من التشرذم والتفكك، إذ شكلت انتفاضة المخيمات عام 1988 منعطفا تاريخيا مفصليا في تاريخها مع ما رافق هذا الحدث من أعمال قمع وقتل وتعذيب وتنكيل بالصحراويين، لتبدأ بعدها الانشقاقات في صفوف القيادات، سواء من خلال “خط الشهيد” الذي يتزعمه المحجوب ولد السالك أو الحركة التصحيحية التي انطلقت من إسبانيا قبل أن ينشق عنها أحمد بريكلا ليؤسس حركة “صحراويون من أجل السلام”.
وضربت هذه الأحداث مجتمعة المصداقية “الثورية” للبوليساريو، إضافة إلى ذلك الفضائح التي تفجرت حول بعض القيادات بشأن ممتلكاتهم في الخارج.
وشدد على وجود نواة صلبة مدعومة من الجزائر تتحكم في عملية صنع القرار في الجبهة ومتشبثة بالطرح الانفصالي بالرغم من كل هذا التفكك، مع وجود سكان محاصرين في المخيمات يخضعون لقرارات القيادة ومغلوبون على أمرهم.
وبالنسبة للطرح الانفصالي في ظل الظروف السياسية والأمنية والاقتصادية الحالية، أكد البلالي أن الانفصال قد تكون له بعض المبررات المتعلقة بالاختلافات القومية والعقائدية، وهذا ما لا يتوفر في قضية الصحراء المغربية مُطلقا، لاسيما أن البذرة الأولى لهذا الطرح غذاها الاستعمار الإسباني.
تعليقات الزوار
التيار الشيعي
ما يجري بصورة عامة في الشرق الأوسط و قد ينعكس و ربما قد انعكس على شمال إفريقيا بالمنطقة المغاربية ما هو إلا رغبة النظام الإيراني الشيعي في الهيمنة على المنطقة السنية بصفة عامة و عاصمتها مكة بصفة خاصة لدى كان لابد من جر عدو العرب و المسلمين الذي هو إسرائيل إلى المواجهة لكسب التعاطف العربي و الإسلامي من جهة وتغليط الرأي العام السني إياهم كما لو أن المشكل لديها مع إسرائيل و ليس مع آهل السنة بالمنطقة و هذا ما يفسر أن الجماعات الموالية لإيران انخرطت في التصعيد العسكري ضد إسرائيل فحتى جماعة الحوثي و حزب الله يهددان وينخرطان في المواجهة ضد إسرائيل و لاستكمال الصورة كان لابد من إقحام البوليساريو لمواجهة نظام سني بالمغرب بينما جماعات أخرى بالعراق مثلا أقحمت نفسها أيضا في مواجهة حليفة إسرائيل أمريكا هذه هي الحقيقة إنها فتنة الشيعة للهيمنة على أهل السنة بهدف إضعافهم ثم الاستيلاء على مكة لاحقا و هذا لا يمكن أن يتأتي بوجود إسرائيل كقوة ضاربة في المنطقة و عليه كان من الضروري على النظام الإيراني إقحام إسرائيل في المعادلة بغرض إضعافها في حرب عصابات غير نظامية ستؤدي حتما إلى وقف لإطلاق النار بشروط إيرانية هدفها إبعاد إسرائيل عن ما قد يحدث مع الأنظمة السنية بالمنطقة و عليه فاني لا أشاطر الرأي الذي يشيرالى الجزائر وراء الاعتداء الإرهابي على سمارة المغربية رغم أنها هي المساند الرسمي للجبهة الانفصالية الإرهابية للبوليساريو و لكن يمكن القول ان الأمر فيه انفلات امني من قبل الجزائر بتدخل إيراني واضح في الشأن الداخلي للجزائر