أطلقت تونس الاستشارة الوطنية حول إصلاح نظام التربية والتعليم التي دعا إليها الرئيس قيس سعيد بهدف سبر آراء جميع التونسيين حول مقترحاتهم وتصوراتهم لإصلاح المنظومة التعليمية، تمهيدا لإحداث المجلس الأعلى للتربية والتعليم وتأتي هذه الخطوة في وقت يمر فيه التعليم بمرحلة حسّاسة، فيما تعوّل السلطات التونسية على رسم مخطط إصلاحي ناجع للقطاع الذي يمثل قاطرة البناء والتنمية في البلاد.
ويولي قيس سعيد أهمية بالغة لهذه الاستشارة، معتبرا أنها "تعدّ أهم الاستشارات في تاريخ تونس"، مشددا على أن "الأمر يتعلق بمستقبل الشعب التونسي".
ودعا وزير التربية محمد علي البوغديري الجمعة إلى "المشاركة المكثفة والفاعلة في الاستشارة والتعبير عن الرأي وتقديم المقترحات البناءة من أجل نظام جديد للتربية والتعليم يضمن مستقبلا أفضل للناشئة ويحقق عزة تونس ومناعة شعبها".
وقال البوغديري في رسالة توجه بها إلى الأسرة التربوية والعائلات التونسية بمناسبة العودة المدرسية "إن تزامن العودة المدرسية هذه السنة مع موعد انطلاق الاستشارة الوطنية حول إصلاح التربية والتعليم التي أذن بها الرئيس قيس سعيد يضفي عليها مزيد الخصوصية والتميز"، وفق وكالة تونس أفريقيا للأنباء الرسمية.
وأطلقت وزارة التربية على موقعها على الإنترنت الاستشارة التي تتضمن أسئلة في خمسة محاور كبرى وهي التربية في مرحلة الطفولة المبكرة والإحاطة بالأسرة وبرامج التدريس ونظام التقويم والزمن المدرسي والتنسيق بين أنظمة التربية والتكوين المهني والتعليم العالي والتكامل بينها وجودة التدريس والتكنولوجيا الرقمية وتكافؤ الفرص والتعليم مدى الحياة.
وتمتد الاستشارة الوطنية حول إصلاح نظام التربية والتعليم على مدى شهرين وستكون مخرجاتها ركيزة أساسية يعتمد عليها المجلس الأعلى للتربية والتعليم الذي سيقع إحداثه في الفترة المقبلة طبقا للفصل 135 من دستور 25 يوليو/تموز 2022 بهدف إصلاح المنظومة التربوية في تونس.
وكان الرئيس قيس سعيد قد أكد على الحق في التعليم لكافة التونسيين، قائلا إن "التعليم إجباري ولا بد أن توفره للجميع على قدم المساواة"، مشددا على أن الدولة لن تفرّط في المدرسة العمومية.
وقال خلال اجتماعه الاثنين مع كل وزير التربية محمد علي البوغديري والمنصف بوكثير وزير التعليم العالي والبحث العلمي ونزار بن ناجي وزير تكنولوجيات الاتصال وإبراهيم الشائبي وزير الشؤون الدينية وأمال بلحاج موسى وزيرة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن، إن "الاستشارة وطنية وموجهة إلى كل التونسيين والتونسيات وليس لرجال التعليم فحسب"، مشددا على "ضرورة إحاطة عملية الإصلاح بعد استكمالها وإنشاء المجلس الأعلى للتعليم بكل مقومات النجاح"، موضحا أن "أي خطأ يطرأ على أي إصلاح لا يمكن تداركه إلا بعد عقود".
وأكد أن الاستشارة وطنية تهمّ كافة الشعب التونسي عكس ما يدعيه البعض، قائلا إنه "لا يمكن لأي جهة أن تقول إن الأمر يتعلق بها فقط كما ورد على لسان بعض الأشخاص أن الاستشارة تتعلق بالنقابات أو المعملين والأساتذة دون سواهم".
وأوضح سعيد أن هذه الاستشارة تهدف إلى إصلاح حقيقي عكس مشاريع الإصلاحات التي أدرجت في السنوات الماضية وكان مصيرها الفشل.
وشهدت العشرية السابقة إطلاق العديد من الاستشارات في عدة مجالات لكن مخرجاتها بقيت حبرا على ورق وتبيّن أنها غير قابلة للتنفيذ وفاقدة للجدوى، فيما انتقد نشطاء وخبراء ما اعتبروه تبذير المال العام على عقد اجتماعات وندوات تتوج بمشاريع عاجزة عن الإصلاح.
وتمثل ظاهرة الانقطاع المدرسي أحد الملفات الحارقة التي تشغل السلطات التونسية، فيما أشارت تقارير إلى أن نحو 30 ألف تلميذ تونسي يغادرون مقاعد الدراسة كل عام.
وحذر وزير التربية في وقت سابق من خطورة هذه الظاهرة، معتبرا أنها تهدد شباب البلاد ومستقبلها، لافتا إلى أن المنقطعين عن الدراسة يكونون عرضة للعديد من المخاطر ومن بينها الهجرة غير النظامية والانحراف.
وشهدت المدارس الابتدائية والإعداديات والمعاهد التونسية الجمعة عودة أكثر من 2.3 مليون تلميذ إلى مقاعد الدراسة للعام الدراسي الجديد.
وأعلن رئيس الحكومة أحمد الحشاني ووزير التربية والتعليم محمد علي البوغديري انطلاق السنة الدراسية الجديدة خلال زيارة ميدانية إلى المدرسة الابتدائية بحي التضامن في محافظة أريانة (شمال).
وقال البوغديري إن "العام الدراسي الجديد يعود اليوم لأكثر من 6 آلاف مؤسسة تربوية بين ابتدائي وإعدادي وثانوي"، مضيفا أن "العودة المدرسية تمت في أكثر من 90 ألف فصل"، مشيرا إلى افتتاح 12 معهدا ومدرسة جديدة و400 فصل جديد لمرحلة ما قبل الابتدائي".
تعليقات الزوار
لا تعليقات