اختتمت مدينة سبيطلة من ولاية القصرين فعاليات الدورة 48 للمهرجان الوطني للشعر الشعبي وسط أجواء من الاحتفاء بالمتوجين والتكريمات.
وتلقى المشاركون بعد تشويق نتائج المسابقة الوطنية للشعر الشعبي لهذه الدورة ليكون المتوجون بجوائز المهرجان كالتالي: الجائزة الأولى وقيمتها خمسة آلاف دينار تونسي (ما يعادل 1.60 ألف دولار أميركي) للشاعر علي الحرابي من قرية نويل ولاية قبلي والجائزة الثانية وقيمتها أربعة آلاف دينار (نحو 1.28 ألف دولار أميركي) للشاعر فوزي بوقطف من الحامة ولاية قابس والجائزة الثالثة وقيمتها ثلاثة آلاف دينار (0.96 ألف دولار أميركي) للشاعر طيب الهمامي من تستور ولاية باجة..
وقد شهدت التظاهرة جانبا علميا من خلال مداخلات ودراسات قدمها كل من الأساتذة سمير بن علي ومحمد جزيراوي وحليمة بوعلاق عن المسائل المتعلقة بالرقمنة والنشر والعروض في الشعر الشعبي، وترأس الجلسة الأستاذ علي العمري.
وانتظم نقاش بعد المداخلات اتصل بالواقع وآفاق الارتقاء بالشعر الشعبي ودعم نشره، فضلا عن أهمية مسؤوليات الشعراء الشعبيين بخصوص تجويد نصوصهم والانطلاق بها نحو أطوار أخرى من الحداثة الشعرية في مستوى الجماليات والمضامين والأساليب..
ودارت المسابقة الوطنية للمهرجان عبر لجنة تحكيم بها كل من الأساتذة حاتم الفطناسي وفتحي النصري وحسن المحنوش الذي ترأسها وكانت خلال الفعاليات مجالات للشعراء لإلقاء قصائدهم وذلك بالإضافة لحصص الارتحال التي سنها المهرجان وإدارته للوقوف على قدرات الشعراء المتسابقين، فضلا عن النصوص المتقدمة للجوائز بحضور عدل منفذ للغرض بما يعزز من شفافية التحكيم...
الشاعر رئيس المهرجان أحمد العباسي رحب بكل الضيوف في الافتتاح ليشير إلى دور المهرجان في الانطلاقة الجديدة والارتقاء بواقع الشعر الشعبي في تونس، مبرزا دور الفعاليات في تعزيز العلاقات بين الشعراء والدفع بحركة الشعر الشعبي حضورا ونشرا وتوثيقا..
وبعد ذلك كرم معتمد الجهة ثلة من الضيوف والمشاركين لتنطلق البرامج الخاصة بالدورة 48 وذلك بدار الثقافة بسبيطلة ولتشهد بقية الفعاليات فضاءات الفندق السياحي بالجهة مما أتاح الفرصة للشعراء من مختلف جهات البلاد للحوار وتبادل الآراء والأفكار بشأن الشعر الشعبي ومشاغله وشؤونه وشحونه..
وكان من الضيوف الإعلامي المميز صالح بيزيد والأستاذ صالح المليتي الذي رافق الراحل محمد المرزوقي في عمله بشأن جمع ما أمكن من الشعر الشعبي في الجهات ضمن برنامج لوزارة الشؤون الثقافية والشاعر المميز الأزهر الوافي الذي كرمته الدورة عرفانا وتقديرا لشعره ومنشوراته وإبداعاته عموما.
دورة أوفت بوعودها تاركة المجال للحلم للمواصلة باتجاه تطوير واقع الشعر الشعبي والشعراء.. نعم للشعر الشعبي في تونس من الأصالة والعراقة والتجدد ما يجعله شعرا مكتسبا لأحقية حضوره في المشهدية الثقافية والأدبية تونسيا وعربيا حيث التنوع والخصوصية في التعاطي الإبداعي مع الذات والآخر والعالم وهو الشعر الذي يتداول في الحياة لدى العامة وهو المنظوم بلهجة بغير اللغة العربية الفصحى.
هو شعر خلاف الشعر العربي الفصيح وبلهجة أهل البلد الدارجة ومن أمثاله في البلاد العربية نجد الشعر الشعبي العراقي والزجل في بلاد الشام والشعر النبطي في شبه الجزيرة العربية والموال في العراق ومصر حيث تنتج عنه الأغاني الشعبية المعبرة عن عادات وتقاليد الشعوب العربية..
وفي هذا الجانب يقول الشاعر الراحل والدارس والمؤلف والمهتم بشؤون وشجون الشعر العامي الأديب محيي الدين خريف "إذا نظرنا في رصيد الشعر الشعبي التونسي وفحصنا مدوناته بقطع النظر على ما يحفظه الرواة ولم يدون. وجدنا أنه يمتاز بالفخامة والكثرة والتنوع في الأغراض والأوزان. والحس المناخي والتأثر بالطبيعة التي ولد فيها واللغة التي انتظمته. وإن كنا لا نقف عند اللغة كثيرا لأن اللغة واحدة وإنما نقول اللهجة التي تختلف بين كل جهة وأخرى بل كل ربض وربض آخر. والملاحظ أن شعر الحواضر قليل بالنسبة لشعر البوادي والأرياف لأن الحواضر يكاد الشعر فيها ينحصر في الأغاني التي هي أقرب إلى حياة اللهو والترف التي يعيشونها. ولهذا شعرهم لا نجده في المدوّنات الكبيرة ولا عند الرواة من حفظة التراث وينحصر فيما يتداوله الناس في أعراسهم وحفلاتهم والسبب في وجود الشعراء بكثرة في البوادي والأرياف هو الجو الملائم للتأمل والعزلة....".
هكذا هو شأن الشعر الشعبي الذي بعث له مهرجان عريق في تونس ليبلغ هذه الأيام اختتام دورته الـ48... هذه الدورة من المهرجان الوطني للشعر الشعبي بالقصرين التي انتظمت خلال أيام 8 و9 و10 سبتمبر/أيلول 2023 بإدارة الشاعر أحمد العباسي من قبل الجمعية التونسية للثقافة الشعبية والمندوبية الجهوية للثقافة بالقصرين وبإشراف وزارة الشؤون الثقافية وهي دورة الشاعر الراحل أحمد البناني لتكون فيها الجزائر ضيفة الشرف وذلك وفق برنامج ثري جمع بين المسابقات والمعارض والقراءات الشعرية والمباحث الفكرية والعروض الفرجوية بمشاركات من ليبيا والجزائر.
وقد أمنت الإعلامية سماح قصدالله تغطية مختلف ردهات الدورة لتستضيف في حصص متعددة الضيوف والشعراء ومن ذلك الحصة المميزة مع الشاعر الطيب الهمامي والإعلامي صالح بيزيد والشاعرة آمنة بلحاج علي والشاعر محمد ملوح ضمن برنامج سهرت منه الليالي على موجات إذاعة تونس الثقافية..
من ناحية أخرى وفي لقاءات وندوات فكرية تطرق المشاركون في هذه الدورة إلى عدة محاور في علاقة بالشعر الشعبي من ذلك توثيق ونشر مدونة الشعر الشعبي التونسي، ومشروع المدونة الرقمية، وضمان حقوق الشعراء والإيقاع والقافية في الشعر الشعبي …أما المسابقة الشعرية في هذه الدورة من المهرجان فقد كان موضوعها حول السلم في عيون الشعراء، إضافة إلى تكريم واستضافة عدد من نجوم الشعر الشعبي.
المهرجان تم بتنظيم من الجمعية التونسية للثقافة الشعبيية والمندوبية الجهوية للثقافة بالقصرين..
تعليقات الزوار
لا تعليقات