انتقدت مجلة “لوبوان” الفرنسية رفض الرئيس قيس سعيد الشروط التي يفرضها صندوق النقد الدولي للموافقة على منح قرض لتونس، معتبرة أن سعيد “يقامر” بسيادة بلاده، في وقت تعرض فيه وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني لانتقادات كبيرة بعد قال أن قال إنه من الخطأ التعامل مع تونس كدولة أوروبية، مستخدماً خطاباً وصفه البعض بـ”العنصري” والاستعلائي”.
وتحت عنوان “بوكر السيادة في تونس”، كتب الصحافي بينوا دلماس في مجلة “لوبوان”: ” في الوقت الذي تصطف فيه البلدان أمام شباك صندوق النقد الدولي للحصول على حقوق السحب الخاصة وخطوط التحوط والسيولة وغيرها، للحد من التأثير الاجتماعي للأزمات، ترفض تونس تلك الأموال”.
وحذر من انهيار الوضع الاقتصادي في حال إصرار البلاد على رفض شروط صندوق النقد الدولي، في وقت يتزايد فيه التضخم وعدد العاطلين عن العمل (16 في المئة)، ما يدفع الآلاف شهرياً لمحاولة ركوب قوارب الموت نحو إيطاليا.
وقال الكاتب إن “تونس تجد نفسها في وضع صعب للغاية في نهاية مايو/أيار الجاري، حيث يتم الضغط على الرئيس قيس سعيد لقبول المساعدة البالغة 1.9 مليار دولار، عبر التوقيع على خطاب طلب المساعدة رسميا، ولكنه يرفض ذلك، مكرراً أن بلاده “ليست للبيع”، رافضا الخضوع “للإملاءات” بتشجيع من الجزائر”.
واعتبر أن “رفض سعيد لأموال صندوق النقد الدولي يثير عاصفة بين حلفائه، ويثير الذعر في إيطاليا التي وعدت رئيستها الناخبين بإقامة “حصار بحري” على المهاجرين، مؤكدة أن من شأن الأموال التي سيقدمها صندوق النقد الدولي أن تساعد في إعاقة عمليات المغادرة، ليتبين أن الرئيس سعيد سياسي يفضل المقامرة بادعاء الحرص على السيادة ويوشك على أن يخسر كل شيء”، وفق تعبير الكاتب.
فيما أثار وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني جدلاً كبيراً بعد استخدامه لخطاب اعتبره البعض “عنصرياً” ضد تونس.
وكان تاياني طالب، في حديث لوكالة “نوفا”، تونس بإجراء المزيد من الإصلاحات لدعم الاستقرار وتجنب الأزمة الاقتصادية، لكن اعتبر أنه “لا يمكننا أن نتوقع أن تتحول دولة شمال إفريقية إلى دولة في شمال أوروبا”، في تصريح يحمل “نزعة استعلائية” وإساءة لبلدان شمال إفريقيا.
وسرعان ما انتقد الرئيس قيس سعيّد الخطاب “الاستعماري” للغرب، مشيرا إلى أن “البعض ما زال يحن إلى خطاب جول فيري (أحد أبرز منظري الاستعمار الفرنسي)”، في إشارة غير مباشرة لتصريح تاياني.
كما شدد سعيد على “سيادة الدولة التونسية، وعلى ضرورة التعامل الندّ للندّ، مع تمسّك تونس بعلاقاتها الاستراتيجية مع الدول الأوروبية ومع الاتحاد الأوروبي في إطار المصلحة المشتركة”.
وكتب الخبير الأممي السابق ورئيس حزب المجد، عبد الوهاب الهاني، “تصريح إيطالي مهين لتونس دولة ورئيساً وحكومة تدابير استثنائية وشعباً. وخطاب عنصري مقيت يمثل أبرز تجليات العنصرية الأورومركزية المزمنة للرجل الأبيض المريض بما يعتبره تفوق “الحضارة الأوروبية” العليا على “الحضارة العربية الإسلامية” السفلى، في فكر السياسي العنصري الاستعماري الفرنسي جول فيري لتبرير الاستعمار الفرنسي الغاشم لتونس”.
وتساءل بقوله “أين هي القيم الإنسانية المشاعة المشتركة بين الشعوب المؤمنة بالحرية والديمقراطية والتي تدين بكرامة الذات البشرية وبالمساواة بين الشعوب والدول في السيادة وبالاحترام المتبادل والتعايش السلمي بين الحضارات؟”.
وسبق أن أثار تاياني جدلاً مشابهاً بعدما دعا إلى تقديم مساعدة عاجلة لتونس قبل أن تتحول إلى دولة يحكمها الإخوان المسلمون.
كما حثّ الاتحاد الأوروبي على الإسراع بدعم الاقتصاد التونسي لقطع الطريق على روسيا والصين.
فيما يلي تعليق لإذاعة محلية حول حديث سعيد وتاياني ولوبوان.
تعليقات الزوار
لا تعليقات