وجه الرئيس التونسي قيس سعيد مساء الأربعاء رسالة طمأنة للتونسيين والعالم على اثر الهجوم نفذه رجل أمن قرب كنيس الغريبة في اختتام موسم الحج السنوي لليهود في جزيرة جربة بجنوب لبلاد وأسفر عن مقتل 5 أشخاص بينهم ثلاثة أمنيين واثنين من الزوار (تونسي وفرنسي)، ومنفذ الاعتداء الذي قتل قبل ذلك زميله واستولى على سلاحه وذخيرته.
وهذا أول تعليق يدلي به سعيد منذ الهجوم مساء الثلاثاء، مضيفا في كلمة خلال ترؤسه اجتماعا لمجلس الأمن القومي "أريد أن أطمئن الشعب التونسي بل العالم كله بأن تونس ستبقى آمنة مهما حاول هؤلاء المجرمين زعزعة الاستقرار فيها".
وقال "لن يقدروا على ذلك. هناك دولة ومؤسسات والشعب التونسي يعلم جيدا مخططات هؤلاء المجرمين"، مضيفا "دولتنا قوية بمؤسساتها وقواتها المسلحة العسكرية والأمنية وشعبها الواعي المتيقظ. لن يتسلل شك إلى أحد لا في الداخل ولا في الخارج"، منددا بما وصفها بـ"العملية الإجرامية الجبانة"، وفق تسجيل فيديو بثّته الرئاسة التونسية على حسابها الرسمي بفيسبوك.
وتابع الرئيس التونسي "غاية هذه العملية واضحة وهي زرع بذور الفتنة وضرب الموسم السياحي وضرب الدولة".
وهذا الكنيس هو الأقدم في إفريقيا وكان استُهدِف عام 2002 بهجوم انتحاري بعربة مفخّخة ما أسفر عن 21 قتيلا.
وقالت وزارة الداخليّة في بيان إنّ هجوم الثلاثاء نُفّذ على مرحلتَين. والأربعاء انتشرت قوات أمنية حول محيط الكنيس، مما أدى إلى إغلاق جميع الطرق المؤدية إليه.
وأوضحت الداخلية أنّ "عونَ حرس تابعا للمركز البحري للحرس الوطني أقدم مساء اليوم الثلاثاء على قتل زميله باستعمال سلاحه الفرديّ والاستيلاء على الذخيرة".
وأضافت أنه بعد ذلك "حاول الوصول إلى محيط معبد الغريبة وعمَدَ إلى إطلاق النار بصفة عشوائيّة على الوحدات الأمنيّة المتمركزة بالمكان والتي تصدّت لهُ ومنعته من الوصول إلى المعبد وأردتهُ قتيلًا".
وذكرت الوزارة أنّ اثنين من "زوّار" المعبد قُتِلا برصاص المهاجم قبل أن يتمّ إرداؤه، مشيرة إلى "إصابة 4 أشخاص آخرين بجروح مُتفاوتة، تمّ نقلهم إلى المستشفى لتلقّي العلاج".
وكانت وزارة الخارجيّة التونسيّة قد أفادت في بيان الثلاثاء بأنّ "المتوفّيَيْن من الزوّار هما تونسيّ (30 عاما) وفرنسيّ (42 عاما)"، من دون أن تكشف هويّتَيهما.
ووصل ميكاييل كوهين إلى معبد الغريبة تزامنا مع تبادل إطلاق النار بين المسلح وعناصر الأمن وقال "لم أفكر في شي حينها سوى في الاتصال بابني لأطمئن على بقية أطفالي" داخل معبد الغريبة، مضيفا "لم نتصور ونتخيل ما حصل".
وذكر وزير السياحة التونسي السابق رينيه الطرابلسي وهو من بين المسؤولين عن الجالية اليهودية التونسية في جربة وكان موجودا في الكنيس حين وقع الهجوم، أن القتيلين تربطهما قرابة عائلية وهما أفييل حداد يهودي تونسي يبلغ من العمر 30 عاما وبنيامين حداد (42 عاما) ويعيش في فرنسا وكان في جربة للمشاركة في الحج.
وقال لإذاعة "موزييك اف ام" الخاصة إن مرتكب الهجوم كان يرتدي زيّا رسميا أمنيّا وبزة واقية من الرصاص، لكن بفضل تدخل قوات الأمن تم التنبه والتصدّي له بسرعة كبيرة، مضيفا "لولا التدخل السريع لحدثت الكارثة لأن مئات الزوار كانوا في المكان".
في أعقاب الهجوم، أعلنت السفارة الفرنسيّة في تونس أنّها أنشأت "خليّة أزمة" ورقما للطوارئ. وتعهد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأربعاء بمكافحة "معاداة السامية"، قائلا "دائما وبلا كلل، سنكافح معاداة السامية".
وأضاف في رسالة على تويتر "الهجوم على كنيس الغريبة يقلقنا. نفكر بألم بالضحايا، بالشعب التونسي، بأصدقائنا. نقف إلى جانب عائلة مواطننا الذي قتل".
من جهته، قال المتحدّث باسم وزارة الخارجيّة الأميركيّة ماثيو ميلر على تويتر إنّ "الولايات المتحدة تندّد بالهجوم الذي وقع في تونس ويتزامن مع موسم الحجّ اليهودي السنوي الذي يجتذب مُصلّين من كلّ أنحاء العالم إلى كنيس الغريبة".
وأضاف "نعرب عن تعازينا للشعب التونسي ونُثني على التحرّك السريع لقوّات الأمن التونسيّة".
ونُفّذ الهجوم في وقت كان مئات المصلّين يشاركون في موسم الحجّ اليهودي السنوي في الغريبة والذي كان يوشك على الانتهاء مساء الثلاثاء في هذا الكنيس. وحسب الخارجية الإسرائيلية فإن أحد اليهوديين القتيلين يحمل الجنسية الإسرائيلية.
وأكد وزير الخارجية الإسرائيلي ايلي كوهين في بيان أن بلاده "تقف إلى جانب الجالية اليهودية في الأوقات الصعبة".
وفقا للمنظّمين، أتى هذا العام أكثر من خمسة آلاف يهودي معظمهم من الخارج للمشاركة في حجّ الغريبة الذي استؤنف السنة الماضية بعد انقطاع دام عامين بسبب كوفيد-19.
ويُنظّم الحجّ إلى كنيس الغريبة سنويا في اليوم الثالث والثلاثين من عيد الفصح اليهوديّ، وهو في صميم تقاليد اليهود التونسيّين الذين لا يزيد عددهم عن 1500، يعيشون بمعظمهم في جربة، في مقابل مئة ألف قبل الاستقلال عام 1956.
ويأتي حجّاج أيضا من الدول الأوروبّية أو الولايات المتحدة أو حتّى إسرائيل، لكنّ عددهم تضاءل إلى حدّ كبير بعد اعتداء عام 2002.
ويأتي هذا الهجوم في وقت تُسجّل فيه السياحة انتعاشا قويا في تونس بعد تباطؤ حادّ خلال الجائحة. وعلى اثر سنوات عدّة من التدهور بسبب عدم الاستقرار الذي أعقب ثورة عام 2011، تأثّر هذا القطاع الرئيسيّ للاقتصاد التونسي إلى حدّ كبير بعد هجمات في عام 2015 استهدفت متحف باردو في تونس وفندقا في سوسة، وأسفرت عن 60 قتيلًا بينهم 59 سائحا أجنبيا.
وبعد ثورة2011 الشعبيّة التي أطاحت بنظام الرئيس (الراحل) زين العابدين بن علي، شهدت تونس صعود جماعات جهاديّة، لكنّ السلطات تؤكّد إحرازها تقدّما كبيرا في مكافحة الإرهاب خلال السنوات الفائتة.
تعليقات الزوار
ياايها الاموات تحت الارض عودوا، فإن الأحياء فوق الأرض قد ماتوا
نفس الخطاب الذي يخرج من المرادية.. كان الله في عون الشعب التونسي. رحم الله ابو القاسم الشابي